الرجاء هو الذي يعطي للإنسان الحيوية والأمل ونظرة إيجابية إلى المستقبل، القديس بولس الرسول يقول “لأننا بالرجاء خلصنا. ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء، لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً؟”
(رو 8: 24)
“الايمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة” (1كو 13:13) الإيمان نستلمه ونعيش به والمحبة نمارسها كل يوم والرجاء هو للمستقبل القادم، ولأن المسيح “هو أمس واليوم وإلى الأبد” لذلك نسميه رجاء ثابت “اما أنا فرجائي منوط بالسماء” (مكابين 9:20) فلنا في المسيح رجاء ثابت.
والرجاء مرتبط ارتباطا كبيرا بالصلاة ” لماذا أنت منحنية في يا نفسي؟ ولماذا تئنين في؟ ترجي الله، لأني بعد أحمده، خلاص وجهي وإلهي” (مز 43: 5)
الصلاة الدائمة هي أكبر غذاء لروح الرجاء في حياة الإنسان، فيصبح الرجاء واضحا في حياته ويري أمورا قد لا يراها غيره من الناس، والإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون رجاء ولو فقد رجاءه فقد كل شيء وفي مثل الابن الضال فقد كل شيء ولكن لم يفقد رجاءه وهذا ما جعله يقوم ويعود إلى بيت الآب
“لأن كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء” (رو 15: 4)، لماذا لا يرى الانسان سوى حاضره؟ كثيرون هم الذين يعيشون في الماضي ولكن قليلون من الناس هم الذين لديهم البعد المستقبلي في حياتهم وهو بُعد الرجاء، على أن الصلاة تساعد أن يرى الانسان ما لا يراه الآخرون، وذلك من خلال كلمة الله يكون لنا رجاء، وهذا ما يفرق بين إنسان وإنسان انه من خلال الصلاة وقراءة الإنجيل يعمل خيوط رفيعة بين الحاضر والمستقبل
الرجاء المرتبط بشخص المسيح رجاء حي ” مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي، بقيامة يسوع المسيح من الأموات” (1 بط 1: 3) الانسان الطبيعي خُلق من التراب وإلى التراب يعود، ولكننا في داخل الكنيسة ننال الولادة الجديدة من الماء والروح (الولادة السماوية) فتصير أنت من السماء وسوف تعود للسماء عندما تحافظ على نصيبك من خلال جهادك الروحي فأنت من السماء وإلى السماء تعود، تحمل في قلبك الرجاء الحي والمستمر لأنه مرتبط بشخص ربنا يسوع المسيح الهنا الحي القائم من بين الأموات.
قبل القيامة كانت حياة الناس تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، ولكن بعد القيامة صار للإنسان الذي يعيش في القيامة بُعد جديد اسمه الرجاء وهو مستمر ويتجدد كل يوم وهو حي بالسيد المسيح الذي قال لنا” ها أنا معكم كل الأيام” معكم الرجاء الحي كل يوم ولذلك في الايمان المسيحي لا يعرف الإنسان خاصةً من له الايمان الحي كلمة ” لا فائدة” لأن له رجاء كامل في شخص المسيح يدبر الأمور ويرتبها
كما نقول في قطع صلاة الساعة الثالثة ” مبارك الرب إلهنا مبارك الرب يوما فيوما، يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنا” ويهيئ طريقنا إي لا يترك كبيرة أو صغيرة ألا ويرتبها، كل شيء الذي نعرفه والذي لا نعرفه.
الله ينظر لكل نفس فينا إنها عروس “الذي لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا معه كل شيء” (رو8: 32) فتشعر أنك غني في الرجاء في هذه الحياة.
وقيامة المسيح تشع فينا روح الرجاء فالإنسان الذي يعيش القيامة وهذا حاضر معنا كل يوم، لأننا نحتفل بالقيامة في يوم العيد واحتفالنا بعيد القيامة يستمر خمسين يوماً فهو يوم طويل بمجموع خمسين يوما اسمه الخماسين المقدسة، تكون الكنيسة فيها تصلي بنغمات الفرح والبهجة، ونتذكر القيامة في كل قداس يوم الأحد ونقول “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب” (القيامة)، وكذلك نحتفل بالقيامة في كل يوم 29 من الشهر القبطي، وأيضا في كل يوم في صلاة باكر والقيامة تشع في حياتنا روح الرجاء.
والرجاء ليس شيئا خياليا بل هو واقع وهناك أمثلة في التاريخ وسير القديسين وقصص التوبة مثال القديسة مريم المصرية عندما تابت كيف كان لها رجاء في المستقبل، القديس أغسطينوس الذي عاش زمن طويل في الشر ولكن عندما تاب بسبب دموع أمه وعظات القديس امبروسيوس وسيرة الأنبا أنطونيوس كل هذا تجمع وخلق في قلبه حالة من الرجاء أن الله يقبله وتاب بل وصار من القديسين وأول من كتب اعترافاته وفي كتاب الاعترافات تقرأ كيف يغسل الإنسان قلبه وضميره وعقله ويتجدد ويبدأ حياة جديدة كل هذا بسبب الرجاء الواضح “فألقوا رجاءكم بالتمام علي النعمة التي يؤتي بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح ” (1بط 1: 13) .
والرجاء يشبه دائما بهلب السفينة لأن الهلب يساعد السفينة على الثبات وهكذا الرجاء هو مرساة النفس
ووجود شخص المسيح القائم من الأموات هو الذي يساعد الإنسان على أن يتمتع بهذا الرجاء.
أجعل لديك دائمًا الرجاء في المستقبل، وذلك لأن يد الله هي التي تعمل معنا وتتحرك وتضبط الأمور. العالم يمر حاليًا بأزمة وباء كورونا الذي انتشر بسرعة في كل انحاء العالم، كل هذا موجود ولكن يد الله مازالت تعمل ولدينا رجاء وثقة كبيرة في مراحم الله الواسعة أن يشمل العالم بخلاصه، الإنسان المريض يكون لديه رجاء أن يتعاف من مرضه والإنسان الخاطئ عنده رجاء أنه يقوم من خطيته، والأعمى لديه رجاء أن يبصر نورًا في ذات يوم، هناك مستقبل وأيام قادمة وعمل الله واضح “حتي بأمرين عديمي التغير، لا يمكن أن يكذب الله فيهما، تكون لنا تعزية قوية، نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا، الذي هو كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة، تدخل إلي ما داخل الحجاب، حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا، صائرا علي رتبة ملكي صادق، رئيس كهنة إلي الابد” (عب 6: 18 – 20)
أجعل لديك دائمًا أمل حتى في تربية أولادك لا تقف عند المشكلة أجعل دائمًا رجائك حاضر في شخص المسيح ويد المسيح الممدودة على الصليب تستطيع أن تصنع معك الكثير والكثير ومازالت يده ممدودة يمدها في كل ضيقة وكل ازمة وكل تعب ويمد يده لينشل الإنسان ويخرجه ويمنحه رجاء، عندما تنظر إلى صليب المسيح وذراعيه المفتوحتين أعلم أنه يوجد رجاء وأمل ومستقبل وروح الطمأنينة من عند المسيح، وفي الوقت المناسب هو يعمل لأنه ضابط الكل وصانع الخيرات.