لآلئ للحياة من رسائل بولس الرسول
ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, اسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
أنذروا الذين بلا ترتيب
أنذروا الذين بلا ترتيب (1تس5:14)
وكلمة بلا ترتيب تعني بلا نظام, ولأهمية النظام في الحياة صرنا نسمع عن أنظمة أخري مثل:
+ النظام الاتحادي: وهو تقسيم الحكومة المركزية لحكومات أصغر, أو ما يسمي ولايات أو مقاطعات مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا..
+ النظام البرلماني: مثل المجلس البرلماني الأوروبي أو البريطاني أو كما عندنا مجلس النواب.
+ النظام المتري: (نسبة للمتر) الذي نستخدمه لقياس الطول أو الحرارة أو الزمن أو الوزن..
وأنظمة أخري كثيرة..
معني أنذروا:
كلمة انذروا تعني علموا وانصحوا, ولكن بكل حزم ووضوح, وتعني أيضا أنذروا بكل سلطة, فالأب والأم لهما سلطة علي أولادهما, ونسميها السلطة الوالدية, لذلك أنذروا كلمة خطيرة ومهمة في عبارات الكتاب المقدس, وأيضا الإنذار يكون بكل مسئولية بمعني المسئولية عن العمل الذي يوكل إلي الإنسان.
مشاهد للنظام من الكتاب المقدس:
النظام له تاريخ في الكتاب المقدس, والأمثلة كثيرة التي تحث علي النظام في حياة رجال الكتاب المقدس, سنأخذ منها مثلا في العهد القديم, وآخر من العهد الجديد.
1- في العهد القديم:
+ موسي النبي:
يحدثنا الكتاب المقدس عن موسي النبي الذي عاش ما يقرب من 120 عاما, حيث قاد خلالها شعب بني إسرائيل في رحلة خروجه من أرض مصر.
في حياة موسي النبي ظهرت مواقف النظام والترتيب منها:
أ- مشورة يثرون علي موسي (خر18):
أثناء زيارة يثرون حمي موسي له, لاحظ يثرون عبء العمل المكلف به موسي في القضاء بين الناس في أمور حياتهم, فقد كان يجلس كل يوم لساعات طويلة للقضاء بين الناس, لذلك أشار عليه يثرون أن يختار من بين الشعب أناسا أمناء مبغضين للرشوة ليساعدوه في هذا العمل, أما هو فليتفرغ لتعليم الشعب, والقضاء بينهم في الأمور الكبيرة والمهمة.
فقال يثرون لموسي: ليس جيدا الأمر الذي أنت صانع.. لأن الأمر أعظم منك لاتستطيع أن تصنعه وحدك.. وعلمهم الفرائض والشرائع, وعرفهم الطريق الذي يسلكونه, والعمل الذي يعملونه. وأنت تنظر من جميع الشعب ذوي قدرة خائفين الله, أمناء مبغضين الرشوة وتقيمهم عليهم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات, فيقضون للشعب كل حين (حز18: 17 – 23).. ففي هذه الآيات نجد أن يثرون اقتراح علي موسي النبي أن يقيم رؤساء ألوف ورؤساء مئات ورؤساء خماسين ورؤساء عشرات. ومن هنا يظهر أول بناء هرمي في القيادة.
لقد قام موسي بوضع بناء منظم في العمل, لكي يستطيع كل فرد من الشعب أن يجد ما يحتاجه من قضاء أو نصيحة أو تعليم.. إلخ, ويعتبر هذا الحدث هو أول صورة هرمية للقيادة الناجحة.
ب- الوصايا والشرائع (خر20-23):
الله أعطي موسي الوصايا العشر والشرائع ليمشي عليها شعبه بنظام وسط الشعوب الوثنية, وهذه هي أول صورة لمجموعة من القوانين تحكم السلوك الإنساني.
ونجد أن هذه الوصايا تنقسم إلي جزئين: الجزء الأول يختص بعلاقة الإنسان بالله, والجزء الثاني يختص بعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه, حتي في تعاملات الإنسان مع الحيوانات, وتعتبر الوصايا العشر هي أشهر جزء من الشريعة في العهد القديم, ومازالت مشهورة حتي الآن في العالم كله.
جـ- الإحصاء: (عد1)
قال الرب لموسي: احصوا كل جماعة بني إسرائيل بعشائرهم وبيوت آبائهم, بعدد الأسماء, كل ذكر برأسه (عد1:2).
أي حصر الذكور القادرين علي الحرب, وقد حددهم الله بمن هم فوق سن العشرين. وقد كلف الرب موسي وهارون بالإشراف علي عملية الإحصاء لأهمية الأمر وصعوبته.
كما أمر الرب موسي وهارون أن يستعينا باثني عشر رجلا هم رؤساء الأسباط لإتمام هذا الحصر.
إن الله يعلمنا هنا أمرين:
الأول: هو التنظيم والتخطيط المسبق لأي عمل نقوم به.
الثاني: الاستعانة بالآخرين وتوظيف إمكانياتهم حتي يتم العمل بأكثر سرعة وأقل مجهود.
د- خيمة الاجتماع: (عد2)
وضع الرب نظاما دقيقا لكل شيء في إقامتها, وكذلك في تقسيم الاثني عشر سبطا حول الخيمة, وقد كان بأن تكون كل مجموعة تتكون من ثلاثة أسباط ولها علم يميزها وذلك عند الاستقرار وعند الارتحال خصص الله من له الحق في الفك والحمل.
وهكذا التزم الشعب بهذا النظام الموضوع طوال ما يقرب من 40 سنة عند ارتحالهم واستقرارهم.
إن النظام يوفر الوقت ويمنع الهرج والمرج, وتيهان الأطفال وسط الشعب الكبير والرايات العالية لهداية كل من ضل عن أهله أثناء الرحلة.