ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, اسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
أنذروا الذين بلا ترتيب
أنذروا الذين بلا ترتيب (1تس5:14)
وبلا ترتيب تعني بلا نظام. والنظام أو التنظيم هو وضع هيكل تنظيمي للعمل, وتحديد المسئوليات واختيار الأصلح للقيام بكل عمل.
وغياب التنظيم معطل لكثير من الإنجازات, فالتنظيم يزيد القدرة علي الإنجاز, ويشجع العاملين سواء في الخدمة أو أي مجال من مجالات الحياة وغياب التنظيم في أي مكان يصيبه بالإحباط.
تأملنا في العددين السابقين:
مشاهد للنظام من الكتاب المقدس:
1- في العهد القديم
+ موسي النبي
2- في العهد الجديد
+ السيد المسيح
وفي هذا العدد نتأمل:
+ الكنيسة:
نقصد بها الكنائس الرسولية, ومنها كنيستنا القبطية الأرثوذكسية:
أ- في الرعاية:
يتم فيها العمل بلياقة وترتيب, فالكنيسة عند تكوينها تكونت علي قدر عال جدا من النظام:
* وضعت نظاما هرميا في القيادة والتدبير يبدأ بالقمة وينتهي بالقاعدة, فهو يبدأ بـ:
1- البطريرك
2- الآباء الأساقفة
3- الآباء الكهنة
4- الخدام
5- الشعب
* وضعت الكنيسة شروطا واختصاصات لكل من الأسقف والكاهن والشماس, فنجد مثلا الأسقف مسئول عن التدشين ورسامة الكهنة والشمامسة ونقاوة التعليم, والكاهن مسئول عن إقامة الأسرار, ويساعده الشماس.
* عندما نفتح كتاب الخولاجي, نجده مكتوبا بنظام بديع, فهو مكتوب بطريقة توضح ما يجب أن يصليه الكاهن, وما هي مردات الشماس, وما هي مردات الشعب, فلكل واحد دور في الصلاة.
* تضع الكنيسة نظاما في إجراء شهادات خلو الموانع, أو في تنظيم العطاء للمحتاجين.
* في خدمة التربية الكنسية: نجد المخدوم والخادم وأمين الخدمة.
ب- في الطقس:
كلمة طقس كلمة يونانية تعني نظاما أو ترتيبا, وكلمة طقس في كنيستنا تعني النظام والترتيبات الكنسية, سواء صلوات أو أصوام أو أعياد, بما فيها شكل المبني الكنسي ومحتوياته.
لو تركت الكنيسة بدون نظام في الصلوات والأصوام, ونادت بأن يفعل الإنسان في الاجتماعات الروحية كما يشاء دون الالتزام بنظام, لزال عنها عنصر الثبات, وهذا يشكل خطرا علي الكنيسة فيجعلها ضعيفة, فالاستقرار في الصلوات يعطي المصلي نفسه راحة واستقرارا, فلو تركنا لأنفسنا الحرية لنصلي أو نصوم متي أحسسنا بالرغبة في الصلاة أو الصوم لانتهي الأمر غالبا بالإهمال الكلي للصلاة والصوم, لأن الجسد يميل للراحة والانشغال بالأمور المادية.
وقد أصبحت عبارة طقس الكنيسة, من آدابيات الكنيسة في خدماتها المختلفة, فمثلا نقول: طقس اليوم أو طقس الصيام, أو طقس العيد, أو طقس الميرون أو… إلخ, وصارت الكلمة اليونانية طقس, لا تعني مجرد النظام بل أصبحت تعني منهج حياة.
فعندما نقول: طقس الملائكة, فهذا يعني منهج حياة الملائكة, وبالمثل طقس الرهبنة, يعني منهج حياة وفكر الرهبنة العميق, ولهذا امتلأت كنيستنا القبطية بالطقوس المختلفة والنظم, ومن الأمور التي جعلت كنيستنا حية وموجودة حتي الآن, هو وجود النظام.
فمثلا.. كتاب الأجبية مقسم إلي صلوات مختلفة, ولكل صلوة الميعاد الخاص بها, فنجد صلاة باكر, وصلاة الساعة الثالثة, وصلاة الساعة السادسة, وهكذا.. فهي عملية منظمة عبر اليوم, كذلك في تسبحة نصف الليل نجد أن لها نظاما معينا في التسبيح. إن نظام الصلاة بالأجبية يعطينا فرصة أطول للوقوف أمام الله, ويضع أمامنا مراحل حياة السيد المسيح.
علينا أن نحترم النظام, الصلاة بنظام, قراءة الكتاب المقدس بنظام, الاعتراف بنظام وانتظام, التناول بنظام وانتظام, وأيضا الخدمة بنظام.