قرأت مقالاً أعجبني، وقررت أن أشارك قراء وطنيالأعزاء بجزء منه، لعله يشجع الآباء على اتخاذ خطوات فعالة في علاقتهم مع أبنائهم، خاصة مع توافر المزيد من الوقت لنا معًا في بيوتنا. المقال كتبه داني ويرتا، نائب الرئيس لقسم التربية والشباب في مؤسسة Focus on the Family العالمية.
عندما يتواجد الآباء و يهتمون بأبنائهم، فهم يبنون علاقات تعزز من نضوجهم السوي.
كيف يساعد الأب أبناءه على النضوج: الترابط
منذ عدة أشهر بينما كنتُ أستعد لمغادرة مكتبي، ومثل معظم الأيام، اتصلت بالبيت لأُعرِّف أسرتي أنني في الطريق إليهم. أجابت على الهاتف ابنتي ذات الثالثة عشرة، وقالت بحماس: ”أبي، عندما تصل إلى البيت وتدخل من الباب، سأجري عليك لتلتقطني!“ لم أستطع أن أتصور ما كانت تعنيه، لكن حماسها وإثارتها أجبرتني على أن أقول: ”نعم، هذا يبدو رائعًا!“
وبعد أن وضعت السيارة في الجراﭺ، ودخلت البيت، بكل تأكيد كانت آتية نحوي بأقصى سرعة؛ فألقيت كل ما كان بيدي والتقطتها. وبينما كنت أحتضنها بين ذراعيَّقالت: ”لقد فعلتها يا أبي!“ لم أكن متأكدًا تمامًا مماحدث للتو، لكن من الواضح أنني أعطيت ابنتي شيئًا مهمًا في تلك اللحظة. أعلم أن الأب يساعد أبناءه علىالنضوج بطرق هائلة عندما ينفق الوقت في الترابطمعهم.
كيف يساعد الأب أبناءه على النضوج: العلاقة
كثير من الآباء يجيبون على هذا السؤال بتوفير الاحتياجات المادية: المال، الأمان، السلامة، والضروريات. من المؤكد أن توفير الاحتياجات الضرورية للحياة هو أمر لا غنى عنه، لكنه جزء واحد مما يحتاجه أطفالنا.
لقد أوضح الرب يسوع في متى ٦: ٢٦ نوعية الرعاية التي نحصل عليها من الآب السماوي: «اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟» نعم، نحن أكثر أهمية عند الله مقارنة بالطيور! نحن مهمون جدًا بالنسبة له حتى أنه أرسل ابنه ليموت من أجل أن يفدينا من خطايانا.
هذا النوع من الحب يمثل نموذجًا عظيمًا لنا كآباء. يُظهر الله باستمرار أنه لا يعتني بنا فقط، لكنه يباركنا بغنى..نحتاج أن نفعل نفس الشيء لأبنائنا. ومن أهم الأشياء التي يحتاجها الطفل من أبيه هي العلاقة. وجد الباحثون أن الآباء يساعدون أطفالهم على النضوج من خلال بناء علاقة معهم تساعدهم على التأقلم الاجتماعي، وزيادة التفوق الدراسي، وتحسين صحتهم النفسية. بالطبع،يحتاج الأب أن يكون دوره أكبر من مجرد التواجد الجسدي.. إنه يحتاج أن يستثمر وقته- والوقت يمثل بالفعل استثمارًا حقيقيًا.
كيف يساعد الأب أبناءه على النضوج: الانتباه
إلى أين يتوجه انتباهك؟ لابد من وجودك جسديًا وذهنيًا حتى يحدث الترابط. وفي محور فكرة الانتباه يوجد مفهوم الإصغاء الفعَّال. في الواقع، كثيرون يعتقدون أن الإصغاء بعناية هو أحد الطرق الأساسية التي يساعد بها الآباء أبناءهم على النضوج. أعتز بالنظر في عيني ابنتي أو ابني بينما أحاول أن أنتبه وأصغي لما يجري بداخلهم عندما يشاركون أفكارهم. كذلك عندما يسمعون كلمات التشجيع والتأييد الصادقة من أب يعرفهم معرفة حقيقية، فهذا يمنح نفوسهم نسيم الحياة.
كيف يساعد الأب أبناءه على النضوج: الحدود
إذا وفرت ضروريات الحياة، والأساس للعلاقة، تكون قد نجحت في إعالة أسرتك حسنًا كأب؛ لكن الأب يساعد أبناءه على النضوج عندما يوفر لهم الحدود الهامة.يحتاج أبناؤك أن تضع لهم معايير تساعدهم على التعامل مع الانفعالات، والضغوط، والإغواءات، والعلاقات. على سبيل المثال، ربما تريد وضع خطوط استرشادية سوية للتعبير عن الانفعالات من خلالممارسة نشاط رياضي أو تدوين الخواطر بدلاً من الصياح أو العبوس. وربما أيضًا تحدد وقتًا أسبوعيًايُعبِّر أبناؤك فيه عن المشاكل المتعلقة بالضغوط والإغواءات والعلاقات، بحيث يمكنك تقديم بعض النصائح الحكيمة والمُحبة قبل أن يتجاوبوا بطرق قد يندمون عليها بعد ذلك.
التزم بالمعايير التي تضعها، وتَوقَّع بعض الاعتراضات على هذه الحدود، لكن اطمئن لأن الحدود السوية ستؤدي إلى علاقة آمنة ومستقرة ومُحبة بينك وبين أبنائك. الأطفال الذين يكبرون في ظل حدود جيدة، وفي سياق علاقة آمنة ومستقرة، على الأرجح سيتمتعون بعلاقات يسودها الثقة والاحترام مع والديهم والآخرين. الحدود الجيدة توفر أيضًا مناخًا للنمو الطبيعي والنضوج السوي.
كيف يساعد الأب أبناءه على النضوج: الهُوية
بمجرد أن توفر الاحتياجات الأساسية للحياة، وأساس العلاقة، وتضع الحدود والقواعد الضرورية، تصبح حينئذٍ قادرًا على إعطاء طفلك رسالة ورؤية واتجاهًا. وكل واحدة من هذه الأشياء هو جيد في حد ذاته، لكنها معًا تساعد طفلك على تحديد هُويته.
حتى في سن صغيرة، يستطيع الأبناء بناء هُويتهم، ويبدأون في السعي وراء هذه الهُوية بالشعور بالمعنى والهدف الكبير بينما يكبرون في سنوات المراهقة. من الأشياء العظيمة التي يمكنك أن تفعلها لتساعد أطفالكعلى اكتساب هُوية سوية أن تقدِّم لهم إيمانًا راسخًا بالمسيح.. علمهم عن محبته العظيمة لنا؛ وعندما يقابلون في المستقبل صعوبات أو ضعفًا في ثقتهم بأنفسهم، سيكونون قادرين دائمًا على الرجوع إلى هذا الأمان.
شارك بكيانك كله كأب!
مؤخرًا شاهدت أبًا وابنته الصغيرة في أحد المطاعم معًا.. كان الأب متواجدًا بكل كيانه، يصغي ويتجاوب بينما تتكلم إليه ابنته. هذه كانت هدية عظيمة، ليس فقط لهذه الفتاة الصغيرة، بل للأب أيضًا. وكان هذا مثالاً يُعبِّر عن كيف يساعد الآباء أطفالهم على النضوج.
إن إعالة عائلاتنا تتجاوز توفير المال والطعام والملاذ؛فهي تتعلق قبل أي شيء بالتواجد، والترابط،والاستمرارية، والقيام بكل قلبك بدورك المهم للغاية.. أب مشارك بكل كيانه.
لقراءة المقال كاملاً، يمكنك زيارة موقعنا الإلكتروني: FocusOnTheFamily.me