ميدان الشهداء أو “المسلة” ، أشهر ميادين محافظة بورسعيد وأيقونتها الشهيرة التي أمر الزعيم جمال عبد الناصر ببناءها تخليدا لذكري شهدائنا الأبرار الذين دفعوا دمائهم الزكية، لرفع هامة الوطن عالية أمام جبروت العدوان الثلاثي علي مصر عام ١٩٥٦ ، والذي كان وما زال رمزا للصمود والشموخ ولجميع الشهداء علي مدار العصور منذ ذلك الحين.
يقع الميدان في نطاق حي الشرق ، وهو عبارة عن حديقة كبيرة أقيمت على مساحة تقدر بحوالي ١٥ ألف متر مربع و يتوسطها النصب التذكارى”المسلةالفرعونية” الشهيرة والتي اقتبست فكرتها من قدماءنا المصريين الذين كانوا يبنوا المسلات في أماكن انتصارهم علي الأعداء.
** التصميم..
قام بتصميم “المسلة” الفنان مصطفي متولي أستاذ النحت بكلية الفنون الجميلة حينذاك وأحد المقربين من الزعيم عبد الناصر والذي لقبه ب”مصطفي هع” لصوت ضحكته العالية ، وتتكون المسلة من قالب خرساني مثبت عليه شاسيه معدني مغطي ببلاطات من الجرانيت المثبتة بالمسامير، واستخدم للأرضية بلاط “الميزايكو”.
وقد تم تنفيذها وقام الزعيم “عبد الناصر” بافتتاحها في ٢٣ ديسمبر ١٩٥٨ محتفلا مع آلاف من أهالي الباسلة بانسحاب العدو، وأوقد بها شعلة النصر ورفع عليها علم مصر اعلاناً للانتصار لتظل بعدها في عهده موقعاً للاحتفال ومكاناً لالقاء كلمته أثناء زيارته لبورسعيد كما شهد زيارة كبار زعماءالعالم في عهده مثل:تيتو ونهرو وجيفارا وخروشوف.
وللأسف تعرضت بعض أجزاء من المسلة(الكتل الخرسانية) في عهد المحافظ الأسبق سامي خضير إلي الإنهيار وتم ترميمها من خلال تركيب “سقالات” بارتفاعها واستغرق العمل بها ٨ أشهر .
كما شهد الميدان زيارة كبار زعماء العالم في عهده مثل:
_ جوزيف بروز تيتو ..
جوزيف بروز تيتو الشاعر والثوري والعسكري والسياسي اليوغسلافي ورئيس وزراء يوغسلافيا وهو من أبرز قادة الحركة الشيوعية في العالم، والمؤسس والأمين العام لحركة عدم الانحياز في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وأول رئيس لجمهورية يوغسلافيا في 14 يناير 1953.
_ جواهر لال نهرو ..
جواهر لال نهرو أحد زعماء حركة الاستقلال في الهند عن الحكم البريطاني بعد حركات المقاومة الغير المسلحة والعصيان المدني التي قادها المؤتمر الوطني الهندي بقيادة مهاتما غاندي و جواهر لال نهرو ويعتبر أحد مؤسسي حركة عدم الانحياز وأول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال في 15 أغسطس 1947.
_ تشي جيفارا ..
تشي جيفارا الطبيب والقائد العسكري والزعيم ورمز الثورة الكوبية والكاتب والمؤلف لكتاب الأكثر مبيعا في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية يوميات دراجة نارية والذي أصبحت صورته منذ وفاته رمزا في كل مكان وشارة عالمية ضمن الثقافة الشعبية لكافة شعوب العالم والذي تم إعدامه في 9 أكتوبر 1967.
_ نيكيتا خروتشوف ..
نيكيتا خروتشوف الزعيم الشيوعي الكبير والسكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي والذي قدم المساعدات لمصر لبناء السد العالي في اسوان وصاحب أغرب الأحداث التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسة عام 1960 عندما نزع حذاءه وراح يضرب به على الطاولة في مواجهة رئيس الوزراء البريطاني والذي تولي رئاسة الاتحاد السوفيتي في 7 سبتمبر 1953.
** التطوير..
في عام 2017 تم وضع الميدان بأكمله ضمن خطة تطوير تراعي في المقام الأول عظمة الميدان وتاريخه، تمثلت في عودة الشكل الجمالي للميدان بصورة تطابق تصميمها الأول الذي وضعه الفنان مصطفى متولي لتتعرف عليها الأجيال الجديدة التي لم تعش هذه الفترة. وقد تم إزالة أسوار الحديقة الخاصة بالميدان ضمن مبادرة حدائق بلا اسوار التي تبناها محافظ بورسعيد وقتها اللواء اركان حرب عادل الغضبان وإتاحة رؤية مساحتها الخضراء الواسعة لتضفي مظهر جمالي مريح للعين يشهده جميع المارين حولها وقد تم وضع عدد من الأعمال الفنية الميدان تجسد المراحل التاريخية المختلفة منذ عام 1956 حتى الان.
** من أهم الاعمال الفنية الموجودة في حديقة الميدان:
تمثال يمثل المقاومة الشعبية وتضافر الشعب والجيش لدحر العدوان الثلاثي عن مصر، وتمثال يمثل النصر العظيم في حرب أكتوبر، وتمثال يمثل المرحلة التنموية التي تمر بها بورسعيد بمشاركة المرأة والرجل، وتمثال يمثل يجسد تضافر الشعب في ثورتي 25 يناير و 30 يونيو، وتمثال الفريق عبد المنعم رياض الجنرال الذهبي ورمز شهداء العصر الحديث والذي أطلق على يوم استشهاده في 9 مارس عام 1969 يوم الشهيد والذي تحتفل به مصر كل عام تخليدا لذكرى استشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد المنعم رياض للاحتفال بذكراه وذكرى كل شهيد.
متحف النصر للفن الحديث ..
كما شملت خطة تطوير ميدان الشهداء متحف النصر للفن المصري الحديث الموجود أسفل مسلة الشهداء والذي أنشئ في 25 ديسمبر عام 1995 تقديرا لكفاح وصمود بورسعيد وأبنائها ولتوثيق بطولاتهم وقد تم وضع تماثيل نصفية تجسد أبطال المقاومة الشعبية في بورسعيد ضد العدوان الثلاثي دول إنجلترا وفرنسا وإسرائيل على بورسعيد عام 1956 ورئيس مصر وقتها تخليدا لذكري ابطال المقاومة العطرة وتقديرا لتضحيتهم الثمينة.