من الرائع أن نعيش رجاء الإيمان أن بعد كل ليل لابد من نهار وبعد كل ضيق لابد من فرج، لكن الأروع هو ان تنفتح لبصائرنا عدساتُ ليلية ترى بوضوح دون أن يفرق معها نهارٌ أو ليل، فهل من سبيل إليها؟
نعم.. يقول المرنم في (مزمور ١٣٩) “فقلت إنما الظلمة تغشاني. فالليل يضيء حولى الظلمة أيضا لا تظلم لديك، والليل مثل النهار يضيء. كالظلمة هكذا النور” ( مز١٢-١١:١٣٩)
هذه الأية تشير إلى أن كل شئ مكشوف أمام الله ولاشك فى ذلك، لكنها فى نفس الوقت تعطى للإنسان رجاءً رائعاً فى أن النفس المنقادة بروح الله لا يمكن أن تغشاها ليالى التجارب ففى اشد الظروف ضيقا نثق فى ما لا تراه عيوننا البشرية، إذ نرى الله كائناً معنا “أمسكت بيدي اليمنى برأيك تهديني، وبعد إلى مجد تأخذني” (مز٢٤-٢٣:٧٣ ).
هذه العدسة الليلية طلب إليشع النبى من الله أن يزرعها فى عينى غلامه يوم أن رأى الغلام جيش الأعداء كالجراد يحيط بهم “يارب افتح عينيه” وقد كان له ما طلب فبينما كان ليل الضيق يشتد ظلاماً كان نهار الراحة والسلام والطمأنينة يزداد بزوغاً فى قلب الغلام.
نعيش ليل التجربة منيراً بشمس الثقة فى حب الله، فى قدرته، فى صدق وعوده، حتى لو تأخر نكون مسلحين بخبراتنا السابقة بمعجزاته فى حياتنا – كبيرة كانت أم بسيطة.
هذا هو الفارق بين أولاد الله الحقيقين المتمتعين بعشرة حية معه وبين أولئك الذين اغمضت عيونهم عن شمس البر الحقيقى.
فهل اولئك افضل من هؤلاء؟ ابداً.. الدعوة مفتوحة: تعالوا ذوقوا، تعالوا انظروا ما اطيب الرب “عون فى الضيقات وجد شديدا ” (مز١:٤٦ )
وعده لنا لا يفارق آذاننا “انا نور العالم من يتبعنى فلا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يو١٢:٨ )