“أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ،” (في 3: 13).
النظر للأمام هو ليس فقط اختيار لكن لابد منه، خصوصاً في أوقات الكوارث التي تحيط بنا، هي وصية كتابية، فمن يضع يده على المحراث لابد أن ينظر أمامه، فالنظر للأمام يمنحنا الأمل المتجدد فى غد أفضل على كل المستويات التالية:
على مستوى الجسد:
لم يخلق الله أعيننا تنظر إلى الخلف حتى لاتعوق رؤيتنا للأمام، واتجاه أقدامنا أيضا يتيح لنا الحركة للأمام وليس للخلف. ولو نظرت إلى الخلف معظم الوقت فسوف تكون عرضة وبنسبة كبيرة للاصطدام أو وقوع أليم فعندما تقرر المشي للأمام فليس من المنطقى أن تتلفت حولك.
لذلك فالنظر إلى الوراء لا يمثل اكثر من طرفة عين للتأكد من المسار السليم للامام (مراة السيارة التى تنظر إلى الخلف تبلغ مساحتها 5% من مساحة الزجاج الأمامي فقط فلو نظرت للخلف دائما فالحوادث فى انتظارك)
على مستوى النفس:
اجترار الخبرات الأليمة التى حدثت فى الماضى يجعلك تكرس حاضرك لها (وحاضرك اتى لك من المستقبل) وبالتالي لا يوجد مستقبل عندما نذكر اصدقاؤنا ومعارفنا دائما بإسائتهم لنا فى الماضى.. فهو قرار منك بانهاء تلك العلاقات فعندما نشتاق إلى الماضى، هذا معناه عدم سعادتك فى الحاضر ويبرهن على توقفك عن صنع ذكريات جميلة، لذلك قدس اللحظة الحاضرة وإملأها بما يفيد ويبني واملأها بالانجاز فيصير ماضيك ذو ثمر، فحينئذ تنظر إلى ماضيك بفخر، وترى حاضرك أنه وقت الانجاز ومستقبلك أنه العطية الأتية لك.
يقول المثل الانجليزى.. لا تستطيع أن تلمس سطح ماء النهر مرتين بإصبعك فاللحظة التى تمضى لن تستطيع تعويضها وتمضى دون عودة (الان هو ماتملكه)
على مستوى الروح:
الرجوع للأمام هو ما حدث للابن الضال (مصطلح غريب مش كده) عندما يقول الآباء أن نتذكر خطايانا دائما، فلكى نتعلم من خبرتها فلا نكررها (اعرف من اين سقط وتب) ولكن حذارى فالشيطان يذكرك دائما بلذة الخطية (لتعود إليها وتكررها) ولا يذكرك بنتائجها السيئة واثارها المدمرة (على العكس من الروح القدس الذى يذكرك دائما بنتائجها وأثارها الأليمة والسيئة والمدمرة لتبعد عنها وتتوب عنها)فكن حذرا عندما تتذكر غفرانك لاساءات من حولك، فالغفران استثمار فى المستقبل ولا يعطى الفرصة للشيطان لجرك للخلف وللماضى وحبسك فى مشاعرك المريرة تجاههم .
الغفران يفيدك انت ولصالحك انت فالنظر للأمام يحررك من الحديث السلبي الداخلي عن نفسك وعن سقطاتك فيجعلك تشعر بمقدار عظيم من الحرية والفرح.
تساؤلات لتأملك: الابن الضال نظر إلى الأمام.. ماذا كان سيحدث له لو نظر إلى الخلف؟ امرأة لوط نظرت إلى الخلف ماذا كان سيحدث لها لو نظرت إلى الأمام؟