مبادرات كثيرة ومتنوعة خاصة بتحرير المرأة ونهضتها, شهدها المجتمع المصري خلال السنوات القليلة الماضية, وهي مبادرات في حاجة إلي الاستمرارية حتي تحقق أهدافها وتؤتي ثمارها, ومن ذلك أنه في عام 2017م أطلق المجلس القومي للمرأة بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي, بدعم من هيئة المعونة السويدية, حملة إعلامية موسعة تهدف إلي تغيير السلوك المجتمعي تجاه قضايا العنف ضد المرأة مع العمل علي تمكين المرأة المصرية علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وحسب موقع المجلس القومي للمرأة فقد تمثل الهدف الرئيسي لهذه الحملة في خلق وعي عام يهدف إلي مساندة المرأة ودعمها في كل المجالات, إلي جانب مكافحة العنف ضد المرأة مع التركيز علي جريمة التحرش الجنسي, وإيصال هذا الوعي لجميع فئات المجتمع بشكل مبسط يمكن استيعابه وفهمه علي اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد, من خلال رسائل توعية تخاطب تلك الفئات وباستخدام مختلف وسائل الإعلام, حيث تخاطب الحملة كل أطراف المجتمع وليس المرأة فحسب, مع تركيز خاص علي دور الرجل في دعم المرأة ومساندتها, بالإضافة إلي تغيير نظرة المجتمع للمرأة وتوجيهه نحو الوقوف بجانبها ودعمها علي جميع المستويات.
تميزت الحملة بفكرة إبداعية مستوحاة من تاء التأنيث أو التاء المربوطة, من حيث الربط بين التاء المربوطة وتقييد أو تقليل دور المرأة في المجتمع لأنها مؤنثة, حيث يعد حرف الـ ة رمزا للمرأة ويميزها عن الرجل عند إضافته إلي أي صفة أو مهنة. كيف ينعكس ذلك علي تفاعل المجتمع مع دور المرأة كون أنها أنثي؟ فقد أصبح حرف الـ ة رمزا لضعف المرأة تجاه العادات والتقاليد التي تحد من أحلامها وطموحاتها باعتبار أنها أنثي, وصار حرف الـ ة ربطة المرأة التي تمنعها من ممارسة حقوقها في المجتمع, ومن هنا تم اختيار شعار الحملة الذي يدعو المجتمع لفك هذه القيود التي تعيق المرأة عن نموها, ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا, فكان شعار: الـ ة مش ربطتك الـ ة سر قوتك.
استعانت الحملة بأكثر من وسيلة إعلامية حتي تصل الرسالة/ الرسائل إلي كل فئات المجتمع علي اختلاف ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم, مع التركيز علي القنوات التليفزيونية الفضائية كوسيلة أساسية لعرض التنويهات, لما يتمتع به التليفزيوم من انتشار واسع بين مختلف فئات المجتمع المصري, كما تضمنت الحملة تنفيذ مجموعة من الأنشطة الميدانية في الجامعات والأماكن العامة للتواصل مع الجمهور المستهدف, بالإضافة إلي الإعلانات الخارجية في الشوارع, وكذلك تنظيم حملة مكثفة علي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي, بمشاركة مجموعة من الشخصيات العامة في مجالات مختلفة, لإضفاء مصداقية أكبر لرسائل الحملة واتساع نطاقها بين فئات المجتمع المستهدفة.
أما عن رسائل الحملة ومضمون التنويهات التليفزيونية, فقد تضمنت المرحلة الأولي إعلانا يرمز إلي القيود الاجتماعية التي تحيط بالمرأة وكأنها في مكان موحش تعاني فيه وتستنجد للخروج منه, لنكتشف بعد ذلك أن هذا المكان ما هو إلا حرف الـ ة, وقد نجحت المرأة بالفعل في الخروج منه لتراه بمنظور إيجابي من الخارج, وتم إضافة كلمات كثيرة لها معان مشجعة للمرأة ومحفزة لها مثل كلمة قوية ومثابرة وغيرها, ويأتي هذا الإعلان الافتتاحي كمقدمة لباقي إعلانات الحملة ما يسهل من فهم فكرة الحملة.
تناولت المرحلة الثانية قضية التحرش, وهذه المرحلة تنقسم إلي ثلاثة تنويهات استهدفت محاربة ظاهرة التحرش.. الإعلان الأول: موجه للمرأة, لخلق توعية لدي المرأة لتشجيعها علي التمسك بحقها في الحياة بصورة طبيعية وعدم السماح لجريمة التحرش من حرمانها من تلك الحقوق, وهذا الإعلان يدعو المرأة إلي ممارسة حياتها بشكل طبيعي سواء كانت طالبة أو ربة منزل أو عاملة.
الإعلان الثاني: موجه للمجتمع, لخلق وعي مجتمعي إيجابي يدفع المجتمع ككل لمواجهة التحرش والتصدي له ومساندة المرأة وعدم التخلي عنها في جميع أنحاء المجتمع, في الشارع والعمل ووسائل المواصلات وغيرها. الإعلان الثالث: موجه للمتحرش, من خلال رسالة صادمة وقوية يفاجأ بها المتحرش ويدرك بها عواقب التحرش التي تعود عليه وعلي المجتمع بأكمله.
وتناولت المرحلة الثالثة قضية تمكين المرأة, وهي تتكون من ثلاثة إعلانات.. الإعلان الأول: يهدف إلي تمكين المرأة علي المستوي الاقتصادي, من خلال تشجيعها علي العمل لتحقيق ذاتها وتحسين مستوي معيشتها مثل وظيفة سائقة التاكسي. الإعلان الثاني: يهدف إلي تمكين المرأة علي المستوي الاجتماعي, من خلال إبراز دور المرأة في المجتمع عن طريق تشجيعها علي رفع مستواها التعليمي والثقافي, وأن هذه الخطوة لن تؤثر سلبا علي دورها الأسري بل تساعدها علي القيام بهذا الدور علي أكمل وجه. الإعلان الثالث: يهدف إلي تمكين المرأة علي المستوي السياسي وحقها في المشاركة السياسية مثل الرجل, وأن لها حق الترشح والانتخاب.
مبادرة مهمة, مبدعة ومتميزة, قالت عنها الدكتورة مايا مرسي ـ رئيسة المجلس القومي للمرأة: مصر أطلقت هذه الحملة من أجل ثلاث رسائل مفادها أن المرأة المصرية قادرة, المرأة المصرية قوية, المرأة المصرية رفضت كل مراحل الرجوع إلي الخلف. فالمرأة المصرية مازالت تساند دولتها, وسر قوة المرأة المصرية هي التاء المربوطة (ة). ولذلك كان إطلاق الحملة من أجل تحفيز وتقدير دور المرأة المصرية في السنوات الأخيرة في الحفاظ علي كيان دولتها. وقد تم إطلاق هذه الحملة من قلب الأمم المتحدة لتكون علي نطاق دولي.