– دور فني في توعية الأطفال والناس لخطر الجائحة “كورونا” للمحافظة على النفس والوطن .
– المخرج ناصر عبد التواب: جائحة “كورونا” عطلت تكوين مدرسة ومختبر لفن الأراجوز
الكاتب محمد ناصف يكتب تحت عنوان “الأراجوز يعظ” .
– الدكتورنبيل بهجت: “الأراجوز” تحريف لكلمة “أرجويوس” وهي كلمة قبطية قديمة تعني فعل الكلام.
– الدكتور عصام أبوالعلا: توظيف الأراجوز في الدراما بسلاطة لسانه و لصراحته وسلوكه الفطري.
يُعد الأراجوز من أهم الموروثات الشعبية المصرية التي تسكن وجدان الأطفال والكبار، حيث ارتبط بقلوب الجميع منذ نعومة أظافرهم، كما يمثل عنصر جذب لكل من يستمع إلى صوته الرنان المميز، وهو شريك أصيل في الدراما المصرية، لا سيما الدراما المسرحية سواء كانت موجهة للطفل أو للكبار، ويطلق عليه منذ القدم لسانحال الشعب لأنه ينطق بما يخشى الناس ذكره أمام الحكام، وهو المعارض اللاذع السليط اللسان أو كما يقولون عنه سينما الفقير لأنه المتنفس الترفيهي المجاني للفئات البسيطة والمهشمة.
وقد أدرجت اللجنة الدولية الحكومية المشتركة لصون التراث الثقافي غيرالمادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل بمنظمة اليونيسكو، الدمى اليدوية التقليدية “الأراجوز” المصري، وذلك ضمن سبعة عناصر جديدة بقائمة منظمةالأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” وذلك، وتضم تلك القائمة عناصر التراث الحي المعرض لخطرالاندثار، وتم اعتماد يوم 28 نوفمبراليوم العالمي للأراجوز؛ وكرمت الوزيرة في هذا اليوم اسم الفنان الراحل”محمود شكوكو”رائد من رواد فن الأراجوز، وصاحب بصمة مميزة في هذا الفن، واسم الفنان صابر المصري من أقدم لاعبي الأراجوز، وتم تكريم الفنانين صلاح المصري، سيد السويسي، عمرو الجيزاوي، عادل ماضي، واسم الفنان حمدي القليوبي،كما تم تكريم الفنان كريم صلاح المصري 21 سنة؛ والذي يُعد أصغر لاعب أراجوز في مصر.
– الأراجوز أو الأمانة:
والأراجوز قديمًا كان يصنع من الخشب المنحوت بالأزميل، أومن عجينة الورق، وكانت رأسه صغيرة حتى لا يكون وزنها ثقيلا، لكن عندما يتم تصنيعها بشكلها المناسب فيكون من مادة الفوم أو يصنع رأس تمثال ثم يصب فوقه الورق ويلف عليه، و يتم قطع الورق وتفريغه من التمثال فتصبح الرأس عبارة عن ورق مفرغ من الداخل،وتوجد عدة أشكال وطرق لتصنيع الأراجوز، وحالياً يصنع من البلاستيك ويعمل أغلب اللاعبين بصوتهم، لكن قدماء المهنة كانوا يعملون”بالأمانة” لإصدار صوت الأراجوز الطبيعي، وقد سميت “الأمانة” بهذاالإسم لأنها كانت سرالمهنة، وهي عبارة عن آلة معدنية صغيرة وتصنع من شريط قطن وشريحة استانلس أو نحاس يتخللها شريط ويلف عليها خيط وتصنع بمقاسات محددة تختلف من شخص لآخر،ولا يتغير زيه لذا لم يحدث عليه أي تعديل بل ظل يظهر بالطرطور الأحمر والجلابية الحمراء
أماعن تاريخه في مصر فيبدأ منذ نهاية العصر المملوكي وبداية العصر الفاطمي منذ نحو1200 سنة، وبالتحديد في عهد صلاح الدين الأيوبي، أثناء حكم وزيره قراقوش فكان الأراجوزوجهًا للمعارضة ويمثل دور الثوري على النظام الحاكم من خلال التورية وعدم المباشرة،ثم استورده الأتراك منا ونشر في تركيا وكان لدينا في ذلك الوقت (القرة قوز) التركي،وهي تعني العين الواسعة، فـ(القرة قوز) عندهم عروسة خيال الظل التي عرفناها عن طريق بن دانيال وأخذناها منهم وأصبحت تراثا لدينا.
-الأراجوزأقدم فنون الشارع:
يقول المخرج ناصر عبد التواب ولاعب العرائس الشهيروالملقب بالأراجوز المصري، أن الأراجوز هو واحد من أهم وأقدم فنون الشارع، وكان يقدم في الشارع بأشكال عدة على مستوى المكان ..الشوارع أوالمقاهي أوالموالد الشعبية أوعربات تصنع خصيصا لتقديم فن الأراجوز بجوار المدارس، ويعتمد فن الأراجوز على لاعب لديه مهارات كثيرة منها الارتجال وسرعة البديهة وخفة الظل والغناء صوته عذب يفهم بالفطرة علم النغم ومهارة تحريك العرائس القفاز”الجوانتى”، وأيضا لابد أن يكون حافظًا لنمرالأراجوز “وهي عبارة عن تراث شفاهي يتوارثه عن أبيه أو معلمه”، ويلعب بالأمانة أو الزمارة وهي أداة توضع في فم لاعب الأراجوز لتصنع صوته المميز ولها أشكال متعددة، ويصاحب الأراجوز شخصية الملاغاتي “وهو مساعد الأراجوز”، ولا بد للملاغاتي أن يكون لديه مهارات خاصة منها العزف على الترومبيطة والطبلة البلدي ومهارة الغناء، وأيضا سرعة البديهة وهو يعزف الإيقاع المصاحب لغناء الأراجوز، فهو حلقة الوصل بين الأراجوز والجمهور، ولا بد من حفظه فقرات الأراجوز.
-العروسة الأكثر تأثيرًا:
وتابع عبد التواب: إن المركز القومي لثقافة الطفل يشارك بتقديم عشرة عروض كتبت خصيصا للأراجوز، وتقدم لأول مرة على قناة يوتيوب التابعة للمركز، ضمن مبادرة “خليك في البيت الثقافة بين إيديك”، لاجتذاب الأطفال لمتابعة فنون الأراجوز، والتي تُعد من الفنون المصرية الأكثر تاثيرًا لدى عموم الشعب على مدى عقود طويلة، وهى إحدى ركائز الفنون الفلكلورية الشعبية التي تحافظ على الهوية المصرية، وكان المركز بصدد تكوين مدرسة ومختبر لفن الأراجوز وتطويره وفى مرحلة الإعداد لذلك، حدث ما لم يتوقعه أحد انتشار فيروس كورونا.
وأوضح عبد التواب أيضا : للأراجوز المصري دورفني في توعية الأطفال والناس لخطر الجائحة “كورونا” للمحافظة على النفس والوطن، وتعليمهم كيفية التعامل مع الفيروس عن طريق بث مبادئ النظافة والتباعد الاجتماعي واتخاذ التدابير الاحترازية واستخدام الكحول وارتداء الكمامة وأيضاً الاهتمام بالصحة وتناول جميع الخضراوات، وذلك من خلال مجموعة من الفقرات و حكايات الأراجوز الجديدة؛ والتي تتماشى مع اللحظة الراهنة ومن خلال نافذة جديدة للوصول لأكبرعدد من الناس، واستغلال لوجود قناة المركز على اليوتيوب ومن خلال مبادرة وزارة الثقافة ” الثقافة بين إيديك”.
– مبدعون لكتابة الحلقات:
وأضاف عبد التواب : قام الكاتب محمد ناصف بكتابة أول فقرة جديدة للأراجوز تحت عنوان “الأراجوز يعظ”؛ الذي يحاول أن يقوم بتوعية الأطفال والناس بشكل عام ببعض السلوكيات الخاطئة، وفى محاولة لإصلاح وتعديل السلوك،وانضم لنا مجموعة من المبدعين لكتابة حلقات وفقرات للأراجوز وهم الشعراء أحمد جابر،وأحمد زيدان، وسيد لطفي السيد، ومحمد زناتي، واستطاع تقديم عشرة فقرات جديدة والتيتعد سبقًا يقدم لأول مرة من خلال عرائس الأراجوز المصري على قناة المركز وحازت على نسب مشاهدة عالية.
-ملف الأراجوز:
وفي هذا السياق يقول الدكتور نبيل بهجت رئيس قسم المسرح بجامعة حلوان، تم تقديم ملف الأراجوز بواسطة الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية لمنظمة اليونسكو، وقمت باعداد صيغة الملف الذي كان له دور كبير في دعم الملف المصري “الدمي اليدوية التقليدية”، ويعد يوم إدراج الاراجوزعلىقائمة اليونسكو هو أحد أهم الأيام في حياتي على الإطلاق، لقد كسبت رهانًا دفعت فيه ثمانية عشرعامًا إنهُ “الأراجوز”،واختلف الباحثون حول تاريخ الأراجوز فهناك فريق يقول إنه تحريف لكلمة “أرجويوس”وهي كلمة قبطية قديمة وتعني فعل الكلام، وهناك فريق آخريقول إن كلمة أراجوز جاءت تحريفا لكلمة قراقوز وهي كلمة تركية وتعني العين السوداء، رغم التعدد والاختلاف بين الباحثين في تحديد نشأة وتطور الأراجوز؛ فإن الحقيقة هي أن الأراجوز عروسة استطاعت أن تتحول إلى شخصية عامة مؤثرة في الوجدان الشعبي ويثبت أقداما راسخة بين جموع الشعب؛ وذلك بانحيازه التام لقضايا وهموم المواطن في مواجهة السلطة بدءا من السلطة الحاكمة مرورا بكل أشكال السلطة التي تمارس قهرًا على الإنسان البسيط، واستطاع أن يصنع تيار وعي ساخرا بين الناس والأراجوز ببساطة كان الإعلام غير الرسمي المعبرعن حال المهمشين .
وتابع بهجت: فقرات أو نمر الأراجوز لم تكتب في الماضي ولكن تم جمع القليل منها في الثمانينات عن طريق الباحث الدكتور عصام الدين أبوالعلا، لقد جمع نحو ست فقرات من لاعب واحد هو “سمير عبد العظيم” الذي ورث المهنة عن أبيه، وذلك في كتاب”المسرحية العربية” طبعة الهيئة العامة للكتاب،وقمت في عام 2005 بجمع نحو 20 نمرة أو فقرة للأراجوز من أكثر من لاعب، وهم صابر المصري،حسن سلطان، صلاح المصري، صابر شيكو، محمد كريمة، سيد الأسمر، في كتاب “الأراجوزالمصري” طبعة المجلس الأعلى للثقافة، والملاحظ أن كل فقرات الأراجوز التي تم توثيقها في الآونة الأخيرة تحمل في ثنايا نصوصها جوانب تعليمية وانتقادية.
ومن جهة أخري عبر صاحب أول كتاب يتناول الأراجوزبشكل علمي تطبيقي وتوثيقي “المسرحية العربية الحقيقة التاريخية والزيف الفني” الناقد والباحث دكتور عصام أبو العلا،قائلاً: نشأت على مشاهدة عروض الأراجوز الفولكلوري الشعبي، أي أراجوز الشارع، وارتبطت صورته في ذهني سنوات طويلة، ومنذ أوائل التسعينيات أنادي بالاهتمام بالأراجوز المصري، وكنت عرضت على وزارة الثقافة مشروعًا يتضمن مجموعة من الورش بحيث يتم تربية جيل جديد من ممارسي هذاالفن، ويتم تدعيم المناطق السياحية الكبيرة بالأراجوزليعرف السياح أن لدينا فنًا قديمًاوتراثيًا وليس الفنون الخاصة بهم مثل الأوبرا والمسرح فقط.
– الأراجوز في الدراما المصرية:
وأشار أبوالعلا، إلى توظيف الأراجوز في الدراما المصرية بوظيفته الحقيقية التنويرية، لأنه كان معروفًا بسلاطة اللسان والصراحة وسلوكها الفطري, فهو تركيبه شعبية تشبه ابن البلد ويمثل عامة الشعب، لذا تم الاستفادة به في الدراما سواء في المسرح أو السينما, واستخدمه كثيرون مثل رشاد رشدي ومحمد أبو العلا السلاموني والسيد حافظ وغيرهم، حيث تم توظيف خصائص شخصية الأراجوز كما في فيلم”الأراجوز” بطولة عمر الشريف الذي صارح أهل القرية بحقيقة ابنة بهلول الذ يكان يسعى لشراء الاراضي الزراعية ليبنى عليها مشروعا سياحيا كبيرا، و فيلم”الزوجة الثانية” حيث عرفت شخصية سعاد حسني كيف يكون الحل من خلال الأراجوز، يوجد استيعاب لمسألة أنه يربي الوعي لدى الناس فالأراجوز ليس مجرد لعبة للضحك والتسلية والفكاهة،كما أن من يقدمون الأراجوز أو اللاعبين هم من البسطاء الذين لهم مواصفات مهمة مثل القدرةعلى الغناء وتلوين الصوت ولدية قدرة عصبية صوتية لأنه يحرك العروسة في نفس التوقيت الذي يتحدث فيه، فلابد أن تكون الحركة متوافقة مع الكلام، وهذا الفن إذا لم ينقل فسوف يندثر، نحن فقدنا من قبل خيال الظل، حيث شاهدت بنفسي آخر عرض مسرحي لخيال الظل من أصحاب المهنة الأصليين في أوائل التسعينات في مسرح الجمهورية في حفل حضره وزير الثقافة آنذاك الفنان فاروق حسني، واليوم في عصر الفضائيات لن يذهب متفرج لمشاهدة عرض خيال ظل، وقد شاهدت الغربيين يقدمون خيال الظل في عروض تجريبية باختلاف استخدام التكتيك.
عمر الشريف وأغنية يااراجوز المدارس من فيلم ” الأراجوز ”
الدكتور نبيل بهجت واعتماد منظمة اليونيسكو لفن الأراجوز ضمن قائمة الصون العاجل للتراث الثقافي غيرالمادي