* مصر شاركت في حوارات إنشاء مجلس حقوق الإنسان
* مصر عضو لجنة الصياغة الأخيرة لمواد المجلس
* منذ 98 عاما طالب محمود عزمي بتمثيل نسبي للأقبط في البرلمان.. وعارضه صديقه القبطي عزيز ميرهم
أكتب هذا اليوم عن مباراة فكرية تاريخية عن حقوق الإنسان.. وكيف شاركت مصر من 98 عاما في كتابة وصياغة الميثاق الدولي لحقوق الإنسان.. حتي تبطل الدعاوي غير الموضوعية.. هذه هي مصر.. كانت وكائنة.. وستظل..
عندما فكرت إليانور روزفلت, زوجة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت (1932-1945) في إنشاء مجلس عالمي لحقوق الإنسان عام 1949 في ظروف صراعات محتدمة بين الدول النامية والدول المستعمرة.. وصراعات قوي حتي داخل البلدان النامية ذاتها حول أسلوب وحق الزعامة.. كان من بين الذين اختارتهم لعضوية لجنة الحوار والإعداد لقيام هذا المجلس الذي يكون تابعا لمنظمة الأمم المتحدة المصري د.محمود عزمي, عضو وفد مصر الدائم في الأمم المتحدة.. ومن خلال طروحات أفكاره وآرائه خلال اجتماعات اللجنة اختارته أيضا عضوا بلجنة الصياغة الأخيرة لمواد الميثاق بعد الاتفاق علي هذه المواد وعقب انتهاء الحوارات وتحت مظلة الأمم المتحدة ورعايتها وتمويلها..
من هو محمود عزمي..؟..
** يذكر د.محمد حسين هيكل في مذكراته مذكرات في السياسة المصرية.. أن مجموعة من الأصدقاء الذين كانوا يدرسون في فرنسا.. وبعد عودتهم لمصر التقوا حول الموقف من القضايا الوطنية وأبرزها استقلال البلاد.. وتشكل منهم حزب سياسي باسم الحزب المصري برئاسة مصطفي عبدالرازق (وزير الأوقاف وشيخ الأزهر فيما بعد) والأعضاء محمود عزمي ومنصور فهمي وهيكل اتفقوا علي أن يكون سكرتير الحزب الدائم هو عزيز ميرهم الذي تربطه صداقة شخصية مع محمود عزمي, غير أن بروز الحركة الوطنية وثورة 1919 وظهور شخصية سعد زغلول وتأسيس حزب الوفد كان وراء سعيهم القوي للارتباط بحزب الوفد وحضور الاجتماعات التي جرت في بيت سعد وبحضور زعماء الوفد فكانوا جناح الشباب في الحركة السياسية الوطنية من داخل حزب سعد زغلول.. وذلك علي نحو ما ذكر أحمد شفيق باشا في الجزء الثالث من مذكراته ذات الأجزاء السبعة مذكراتي في نصف قرن..
أما عن بقية الأسماء الخمسة ومسيرة حياتهم فقد تولي هيكل رئاسة تحرير جريدة السياسة الدولية وكتب فيها محمود عزمي وعزيز ميرهم.. أما هيكل فقد انضم للانقسام علي سعد زغلول وواصل مسيرته السياسية حتي صار رئيسا لمجلس الشيوخ عام 1945.. غير أن منصور فهمي اختار التدريس في الجامعات حتي صار رئيسا لجامعة فاروق الأول (جامعة الإسكندرية حاليا) وذلك لم يمنعه من أن يشارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين مع عبدالحميد سعيد حتي صار رئيسا لها.
محمود عزمي ولجنة الدستور
في عام 1943 تشكلت لجنة الدستور من ثلاثين عضوا برئاسة رئيس النظار السابق حسين رشدي الذي طالب, في أول جلسة من جلسات اللجنة وعقب تشكيل لجنة المبادئ, بضرورة وضع نصوص في الدستور لحماية الأقليات حتي تسقط حجة بريطانيا في دعواها حماية الأقليات.. وحدثت معارضة ضد هذا المبدأ وإن كان حسين رشدي عاد إلي طرحه في الجلسة الثالثة عشرة للجنة.. واتفق علي نصوص تتعلق بالمساواة في الحريات وفي الحقوق المدنية والسياسية وفي ممارسة الشعائر الدينية والتعلم.. ورغم تحفظات عبدالعزيز فهمي إلا أن حسين رشدي قال بصراحة: لابد أن تضمن الدولة تمثيلا فعليا للأقليات خاصة إذا لم ينجح أفراد منهم في الانتخابات.. وإن كان توفيق دوس باشا طالب بنص صريح يضمن الحقوق ويغلق باب أي تدخل أجنبي.. ولم تحدث موافقة علي رأي توفيق دوس الذي أيده الأنبا يوأنس ويوسف سابا باشا.. وإن كان عبدالعزيز فهمي عاد ليقول: إن النص علي تمثيل الأقليات يعني امتياز ليس لغيرهم..
تمثيل الأقليات ليس بدعة
خرج الموضوع من لجنة الدستور إلي حوار أداره محمود عزمي فكتب مقالات عدة أعلن فيها أن النص علي تمثيل الأقليات في المجالس التشريعية ليس بدعة.. بل هو يتمشي مع كمال التمثيل القومي.. غير أن صديقه القبطي عزيز ميرهم عارض مبدأ تمثيل الأقليات لأنه رأي في النص علي ذلك في الدستور تسجيلا لانقسام واعتراف بتعدد عناصر الأمة.. ودعا عزيز ميرهم الأقباط في المدن والقري عبر مصر إلي اجتماعات في النوادي والكنائس ليعلنوا موقفهم ضد هذا المبدأ وأنهم يرفضون أي ضمان يفصل بين المصريين جميعا..
عزيز ميرهم خاطب محمود عزمي في هذا الصدد فقال: أعرف أنك تتميز بميول فكرية عصرية وطباعك المدنية وأنك تود من صميم قلبك إلي تطوير المجتمع بسرعة إلي الأنظمة المدنية.. لكن لن يأتي المستقبل بقوانين تقوم علي إنكار المسلمين لقوانين القبط الشخصية.. بل ستكون قوانين المستقبل قادرة علي نقل البلاد إلي النظم الحديثة الراقية..