في 14 مارس 1879م في مدينة أولم الألمانية, ولد الطفل ألبرت أينشتاين من أبوين يهوديين, وكان الطفل ألبرت أينشتاين خجولا, بل كانت تبدو عليه علامات البلادة والغباء, وقد تأخر في النطق وفي المشي, مما جعل أبويه يخشيان عليه ويعتقدان أنه أقل مستوي من أقرانه.
قالت عنه أخته (مايا): إن المقربين منه كانوا قلقين عليه ويخشون أنه قد لا يتعلم الكلام أبدا, فبجانب أنه تأخر في المشي, كان يجد صعوبة في الكلام حتي سن الثالثة من عمره. وعندما التحق بالمدرسة واجه صعوبة في القراءة والكتابة والاستيعاب والحفظ, فلم يكن من التلاميذ المميزين بل كان أقل مستوي من كثيرين, لذا كان مدرسوه يلقبونه بالغبي, ومعلم اللغة الأغريقية كان يقول عنه: إنه لن يكون شيئا أبدا في حياته.
هذه بداية أينشتاين, بداية لا تبشر بالخير, ورغم كل ذلك كان أينشتاين يعلم نفسه مبادئ التفاضل والتكامل ومنشغلا بمسائل فلسفية, وثابر وجاهد رغم الكبوات الكثيرة التي تعرض لها في حياته, التحق بمدرسة كاثوليكية وتعلم العزف علي الكمان, وفي سن الثالثة عشر من عمره قرأ لفلاسفة.
في عام 1900 حصل علي دبلوم المدرسة التقنية السويسرية من زيورخ, ولكنه لم يستطع الالتحاق بالجامعة, ولم يرشحه مدرسوه للجامعة, واضطر للعمل ككاتب في مكتب التسجيل السويسري, وعمل كمدرس خصوصي, وفي هذه الفترة حاول التقدم للجامعة وفشل أكثر من مرة, حيث كانت ترفض الجامعة بحثه, بل كان ينظر لموضوع البحث علي أنه شيء غريب, لم ييأس وظل يتقدم للجامعة ست مرات, وكاد أن ينصرف عن حلمه هذا لولا بصيص من الأمل وعزيمته ومساندة صديق له, وفي 1905م حصل أينشتاين علي الدكتوراه من جامعة زيورخ عن بحثه الديناميكة الكهربائية للأجسام المتحركة, وكان هذا البحث في ذلك التوقيت غريبا نوعا ما عن الأوساط العلمية.
واشتهر أينشتاين وأصبح محط أنظار الكثير من دول العالم, وتم تكريمه في ألمانيا وعمل تمثال له وأعطته ألمانيا يختا ومنزلا يقيم فيه. وفي عام 1921م حاز أينشتاين علي جائزة نوبل في الفيزياء, وفي الثلاثينات عمل في الولايات المتحدة ومنحته إقامة دائمة وكانت دراساته وراء تطوير القنبلة النووية.
عرضت عليه إسرائيل منصب رئيس لدولة إسرائيل ولكنه رفض, حيث إنه لا يملك الخبرة, وأنه يفكر بطريقة موضوعية لا تنفع في السياسة, وكان دائما ينادي بضرورة: إنه يجب علي اليهود أن يعقدوا اتفاقا مع العرب لكي يستطيعوا العيش معا بسلام بدلا من تكوينهم مجتمعا يهوديا عنصريا.
صار أينشتاين من أكبر وأعظم العلماء في العالم, وأطلقت عليه ألقاب كثيرة, مثل أبو النسبية, أسطورة العلم الحديث, أشهر عباقرة العالم وأكثرهم تأثيرا, فهو صاحب نظرية النسبية التي تعتبر الأساس الذي بنيت عليه كل علوم الفيزياء الحديثة, ولك أن تتخيل مدي أهمية تلك النظرية, فقد صدر أكثر من تسعمائة كتاب تتناول تفسير نظرية النسبية, وسافر أينشتاين لبلاد كثيرة وصار نجما في الأوساط العلمية كلها, وفي عام 1922م زار اليابان ونزل في فندق ولكنه لم يكن معه نقود ليعطي العامل إكرامية, فكتب ورقة ووقع عليها وأعطاها للعامل وقال له أن يحتفظ بها لأن قيمة هذه الورقة ستفوق كثيرا الإكرامية, وكتب في الورقة حياة هادئة ومتواضعة تجلب سعادة أكبر من السعي للنجاح والضجر المستمر الذي يصاحبه, وبعد سنين وبالتحديد عام 2017 باع دار(ريفرز للمزادات والمعارض) هذه الورقة التي أطلق عليها وصفة السعادة بمبلغ 103 ملايين دولار, والسبب لأنها تراث موقع من أسطورة العلم الحديث وأشهر عباقرة العالم أينشتاين.
هذا هو أينشتاين الذي كانوا يلقبونه بالغبي, أينشتاين الذي تأخر في النطق والكتابة والقراءة, والذي قلقوا عليه بسبب مستواه الدراسي, أينشتاين الذي كان معلمه يقول إنه لن يكون شيئا في حياته. إنه درس وعبرة لكل الوالدين, لا تقسوا علي أبنائكم وتعنفوهم أو تيأسوا منهم عندما تنتابهم كبوات في مسيرة الدراسة, لا ترتاعوا عندما تجدونهم لا يحبون المدرسة ولا يطيقون الامتحانات, ساندوهم وشجعوهم وقدموا لهم الأمثلة الإيجابية الجبارة مثل أينشتاين.
لا تحزنوا عندما تجدونهم في حالة ضعف, ساخطين وغير شغوفين بالتعلم, فأينشتاين كان يقول عن نفسه: إنه في وقت الامتحانات كان كمن هو ذاهب للأعدام.
لكن بالصبر والجهاد والمساندة صار ما هو عليه, ترفقوا بأنفسكم وبأبنائكم, شجعوهم وأغرسوا فيهم روح المثابرة, فمن ترونه ضعيف أو متعثر أو غبي قد يكون في المستقبل العالم العظيم العبقري أينشتاين الذي كان يلقب بالغبي.