لآلئ للحياة من رسائل بولس الرسول
ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, اسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
انذروا الذين بلا ترتيب
انذروا الذين بلا ترتيب (1تس5:14).
كلمة بلا ترتيب تعني بلا نظام, فالإنسان لكي ما يكون ناجحا يجب أن يكون مرتبا ومنظما.
فضيلة النظام فضيلة مهمة في حياتنا, بل في حفظ كيان الكون كله, الله هو المثل الأعلي في النظام, فالكون منظم بترتيب عجيب يظهر في الجماد والنبات والحيوان والإنسان.
تأمل مثلا نجوم السماء الكثيرة, فإنها تسير في الفلك بنظام متناهي الدقة وبسرعة هائلة, فالله خلقها ووضع لها مسارات محدة لا تتعداها.
كذلك الشمس التي ترسل الحرارة والدفء للنبات والحيوان والإنسان لو المسافة اقتربت قليلا لاحترقت الأرض وما عليها, ولو ابتعدت قليلا لتجمدت الأرض وماتت الكائنات الحية من شدة البرد, وهذا ما يطلق عليه النظام الشمسي.
مفاهيم النظام:
أولا: النظام وصية كتابية
الله يوجد في النظام, ولا يوجد في الفوضي, ولابد أن تعرف أن النظام وصية إنجيلية, وقد وردت كثير من الآيات في الكتاب المقدس عن النظام, مثل: لأن الله ليس إله تشويش بل إله نظام (1كو14:33), وكلمة تشويش هنا تعني فوضي, أو أمرا ليس له شكل معين.
وأيضا يقول معلمنا بولس الرسول: وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب (1كو14:40), وهذه الوصية لم تذكر لاتباعها داخل الكنيسة فقط, ولكنها وصية للحياة كلها, وأما الأمور الباقية فعندما أجيء أرتبها (1كو11:34) فأول شيء لابد أن تعرفه أن النظام وصية كتابية, وكسر النظام خطية.
ثانيا: النظام احتياج إنساني:
فمثلا أجهزة جسم الإنسان تعمل بنظام معين, والإنسان عندما يتناول طعامه بدون نظام يمرض, ويشخص الطبيب الحالة بأنها تلبك معوي, وذلك لأن الجهاز الهضمي له نظام يعمل به, وإذ تم مخالفة هذا النظام يصاب بالتعب.
وأيضا من مظاهر النظام, أن الإنسان يقف أمام المرآة قبل أن يغادر بيته, لكي ما يري ترتيب ملابسه ومظهره, ويوجد في كل بلد قوانين في جميع المجالات مثل قوانين المرور مثلا, وهذا لكي يستطيع الإنسان أن يعيش في نظام.
فالنظام هو احتياج إنساني أي شخص في حياته اليومية, فمثلا عندما يتناول الإنسان دواء معينا, فإنه يأخذه بنظام وفي توقيت معين, وهكذا في أمور كثيرة من أمور حياتنا اليومية, فالنظام ليس هو وصية إنجيلية فقط, ولكنه أيضا احتياج إنساني أيضا.
ثالثا: النظام نجاح للحياة:
الحياة لا تنجح إلا بالنظام, وكلمة نجاح تبدأ بحرف النون إشارة إلي النظام, فمثلا الطالب المرتب في وقته وإجاباته في ورقة الامتحان سيحصل علي النجاح.
الذين بلا ترتيب:
الآية التي نتأمل بها في هذا الجزء هي: انذروا الذين بلا ترتيب وهنا نسأل: من هم الذين بلا ترتيب؟
يوجد عدة أنواع من الأشخاص الذين هم بلا ترتيب, وهم:
1- غير الخاضعين لأي قانون علي أي مستوي.
2- الذين يسلكون بأفكارهم الخاصة, كما يقول المثل: خالف تعرف, وبالطبع هذا مبدأ غير صحيح.
3- محبو الفوضي (الفوضويون) أي الإنسان الذي يستمتع بالفوضي, والفوضي من الممكن أن تتسلل إلي أي مجتمع أو شركة أو مصنع أو… إلخ.
4- الذين يعملون بما يضاد إرادة الله, بمعني الشخص الذي يستبعد مشيئة الله من فكره ومن حياته, لذلك نقول في الصلاة الربانية: لتكن مشيئتك, ولكن مثل هذا الشخص يقول: لتكن مشيئتي!!
5- المنحرفون عن أي ترتيب أو نظام كنسي, أو غير كنسي.
6- الذين يفسدون جمال الحياة بأعمالهم, فالله قد خلق الحياة جميلة, وخلقها أيضا بنظام في كل شيء, من مواعيد الزراعة إلي حركة النجوم والكواكب.. إلخ, أما الذين بلا نظام فإنهم يفسدون جمال الطبيعة, وجمال الإنسان ويفسدون أيضا جمال الحياة كلها.
7- أصحاب الأعمال الطائشة الشاذة, بمعني الذين يفعلون أعمالا دون عمل حساب لنتائجها.
8- الذين يخرجون عن مسار التاريخ الإنساني, مثال لذلك ما يحدث الآن في بعض بلاد الغرب, فمنذ بدء التاريخ الإنساني نعلم أن الأسرة مكونة من آدم وحواء, أي من رجل وامرأة, ولكن للأسف نجد الآن من ينادي بأن الأسرة تتكون من آدم وآدم, أو حواء وحواء, وهذا هو معني الخروج عن مسار التاريخ الإنساني.
9- الذين يهملون تربية أبنائهم, فالأبناء وزنات في حياة آبائهم.
10- الذين يكسرون سلام المجتمع, فالمجتمعات تريد أن تعيش في سلام, ولكن قد يأتي البعض ويكسر هذا السلام, ويكدر صفو المجتمع الذي يعيش فيه, أي يعكر السلام الاجتماعي للمجتمع.