الله القادر علي كل شيء يشددنا ويقوينا في المحن والصعوبات قائلا:من يدعوني, استجيب له, أنا معه في الضيق, أخلصه وأمنحه مجدا(مزمور90:15).. مازال العالم يئن ويتألم ويتضرر بسبب الجائحة الثانية من فيروس كورونا, وأمام هذه المحنة نجد رد فعل مختلف لفئتين: الأولي تلتزم بكل الإجراءات الوقائية والاحترازية, بينما الثانية لاتهتم بما يدور من حولها.
وبسبب إهمال أصحاب الفئة الثانية, تحدث مصائب وكوارث لعدم المبالاة التي يعيشونها.
وهذا يذكرني بالرجل الذي كان في طريق سفر, ثم شعر أثناء السير بأن فرسه تعرج في خطواتها, فاكتشف أن مسمارا سقط من حدوة الفرس, فقال في قرارة نفسه:لا بأس! إنه مسمار صغير ل قيمة له! ولكنه لم يبتعد غير قليل حتي عر بأن الحدوة سقطت كلها, وأخذت الفرس تعرج وتسير بصعوبة شديدة.
وبدأ يفكر هكذا:ما العمل الآن؟ لا توجد إمكانية لإعادة الحدوة إلي مكانها, فكيف أتصرق؟ لا بأس ! نسير علي مهل!.
وعندما حل الظلام, اصطدم بمجموعة من اللصوص تعترض طريقه, فهمز الفرس دافعا إياها لكي تركض بسرعة, ولكنها لم تستطع ولم يجد أي وسيلة سوي العراك معهم, فبدأ في الدفاع عن نفسه بشتي الطرق, ولكنه وقع بين إيديهم.
وبناء علي ذلك, تم تأليف أغنية للأطفال ليتعلموها في إنجلترا, تقول:عندما سقط المسمار وضاع, سقطت نعل الفرس! عندما ضاعت النعل, ضاعت الفرس! عندما ضاعت الفرس, ضاع الفارس! عندما ضاع الفارس, ضاعت المعركة!وعندما ضاعت المعركة, ضاعت الحياة! وكل هذا حدث, عندما شاع المسمار! إذا يجب أن نتعلم ألا نتهاون في أبسط الأمور الحياتية, لأنها ستجلب علينا كوارث لا نستطيع تحملها أو تجنبها.
كما يجب علينا ألا نهمل الأمور الصغيرة, لأنها صغيرة في ظاهرها, ولكنها تخفي وراءها عواقب وخيمة, ربما لن يتسني لنا أن ندركها في حينها, أو نتفادي مصيبتها إذا وقعت لأن من يفعل ذلك هو ظرنسان ساقط الهمة, قصير النظر, يفضل الخمول, ويميل إلي التهاون واللامبالاة, ويسير في حياته وأعماله متخذا مبدأ الذين يكتفونبالجهد الأقل.
إذا من يفعل هذا, يجب عليه أن يتحمل النتائج المترتبة علي مثل هذا السلوك, ومن يدري نتيجة هذا الإهمال والتهاون! نحن في ظل هذه الظروف الصعبة والمؤلمة, يجب علينا ألا يأس,من الممكن أن تكون جرس إنذار ليوقظنا من غفلتنا, فنعود إلي الله الذي أهملناه بسبب كثرة مشاغلنا وارتباطاتنا وعبوديتنا لكل وسائل التكنولوجيا الحديثة, وإذا أصابنا مرض, فلا نجزع !فالمرض هو ناقوس الخطر الذي ينبهنا إلي فهم ضعفنا وإمكانياتنا المحدودة, وإلي وجوب التقيد والالتزام بقوانين الصحة, وتدارك ما بدأ يظهر فينا من وهن وإعياء لأنه إذا لم نسرع لمعالجته, تأصل وقضي علينا.
وهناك الكثيرون الذين فقدوا وظائفهم وأغلقت أبواب الرزق في وجوههم, فلا ييأسون! فربما هناك باب رزق لم يطرقونه بعد, وهو أجدي عليهم وأفضل, فلا يتركونه.
إذا كل ما يحدث لنا في هذه الفترة العصيبة, هو ينبوع تعزية للنفوس المؤمنة بالله, المتوكلة علي رحمته الواثقة بعنايته الأبوية.
فكل ما يحدث في الحياة من آلام ومصائب وكوارث, ليس لكي نتحطم ونيأس ولكن لنلجأ إلي الله الذي يفيض علينا بمراحمه.
وكمايقول داود النبي في المزمور:الرب حارس لك, الرب ظل لك, إلي يمينك.
فلا نصيبك الشمس في النهار, ولا القمر في الليل(مزمور121:5-6).
من المحتمل أن يبتعد الإنسان عن الإيمان عندما يكون آمنا مطمئنا في حجرته, لكن ساعة الخطر, فالأمر يختلف تماما مما لاشك فيه أن كثيرا ما يسمح الله بتلك الظروف الصعبة والمؤلمة, ولكنها وسيلة تساعدنا علي فتح أعيننا لوجوده وقدرته وفي نفس الوقت تنبهنا علي ضعفنا وفشلنا عندما نبتعد عنه أو نعتمد علي قوانا البشرية فقط كم من الأشخاص الذين رجعوا إلي ذاتهم وعرفوا قدر أنفسهم, عندما عبروا طريق الآلام والمصائب ؟! إذا يجب علينا ألا نخاف الظروف مهما قست علينا لأن لنا في السماء أبا حنونا لايهملنا, ولا يريد أن نغرق فيها وهو الذي يستطيع أن يستخلص من الشر خيرا فإذا جعلنا الله أمامنا في كل حين, ووثقنا بأبوته وتحلينا بالصبر علي افتاقده لنا اكتشفنا فيما بعد, إن ما احتملناه لا يقارن بما هيأه الله لنا كمكافأة ونختم بكلمات القديس بولس:ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله(رومية8:28).