لم تكن الأيام سهلة, علي فتاة مرت بتاريخ حافل من الذكريات المؤلمة, نشرنا قصتها منذ شهور, إنها إستر, صاحبة القصة الحزينة, التي جاءت منذ شهور سبقت إتمام زيجتها, طلبت المساعدة في شراء مستلزمات جهازها ـ آنذاك ـ لم تكن الأمور مبشرة بالخير, فالفتاة التي عاشت طفولة بائسة يائسة, مهدة بين أم مغلوبة علي أمرها, وأب مدمن خمر ومخدرات, اكتمل عذابها بجسدها, الذي نما ظاهريا فقط, بينما ظلت بجهاز تناسلي لطفلة, لم تبلغ مثل كل البنات خبرة صعبة جدا في سن مبكرة جدا لطفلة, اقتحمت الفحوص النسوية طفولتها, بينما وصل عمرها إلي 24 سنة.
خاضت مراحل التعليم, وحصلت علي ليسانس آداب, لكن حلم الكمال الأنثوي, ظل يراودها, إستر تنتمي لأسرة فقيرة, وتحيا بعيدة عن والدتها التي تعمل جليسة مسنين, بعد وفاة الزوج. لم يمنعها فقرها من الفحوص التي أضافت نتائجها حزنا إلي أحزانها. فحينما جاءت إستر تطلب معونة لزيجتها وصفت مشاعرها بمنتهي البلاغة قائلة: حسيت بأن جسمي منتهك, وكمالي متهم, وأني ناقصة حاجة, واتحملت علشان أكون زي البنات, لكن بعد الفحوص اكتشفت أني مش زيهم, ودكاترة تقول إن عندي رحم طفولي, ومش هايحصل بلوغ أصلا, وداكاترة تانيين يقولوا أني ماعنديش رحم من أصله, وتحاليل وأشعات ثلاثية ورباعية الأبعاد, وكل النتائج واحدة, مافيش رحم, سكتت وكملت حياتي راضية بنصيبي, لغاية ما قابلت شاب, حبيته وحبني, وحكيت له قصتي, وافق بكل ظروفي, ووافق علي التضحية, لكن ماقالش لعيلته, حاسة بمشاعر ملخبطة جوايا, حاسة أني مش مرتاحة, مش مبسوطة, مش متفائلة, يمكن ربنا بعد الجواز يخلق لي رحم زي ما خلق للأعمي عينين, يمكن يديني أطفال زي ما ادي سارة في شيخوختها, يمكن تحصل المعجزة, أنا عايزة معجزة لكن مش عايزة أروح لدكاترة تاني, من حقي أعيش وأتجوز وأحب وأتحب, وأكون كاملة حتي لو ناقصني رحم. حتي لو زمن المعجزات انتهي, لسه إيماني في قلبي.
ختمت إستر كلامها بالإيمان الذي أبكاني, مثلما ابكاها الخوف, لم يكن من الممكن المصادرة علي أحلام مشروعة, أحلام تستند لميراث من الإيمان نتسلمه في كل يوم علي مذبح المسيح, أحلام تستند لماضي مفعم بالمعجزات, صمت أمام هذه الأحلام, وشجعتها علي مزيد من الإيمان, ومزيد من الرضا في كل الأحوال, فلا أحد يحصل علي كل ما يريده من الحياة, وقد يكون حبيبا مخلصا رفيقا شريكا في الحياة أهم وأوفي من أورطة بنين.
وتزوجت الفتاة, حينها قلت لها نصا: البعض يتصور أن الحب هياما وغراما, فقط ولا يعلمون أن بساتين الورود المفروشة في أيام الحب والخطوبة, قد تتحول إلي غابات من الصبار بعد الزواج, فاستعدي لكل الاحتمالات واقبليها في ظل الرضا.
لم أكن أتنبأ فقط كنت أحاول تبصيرها, ومرت الشهور وعادت إستر لزيارتي, باكية حزينة, تطلب عملا للفرار من المنزل, فمنذ ليلة الزفاف التي مضي عليها ثلاثة أشهر, وإستر مازالت عذراء, فهناك ضيق مهبلي لا يسمح بممارسة الحياة الزوجية الطبيعية, طرقوا أبواب الأطباء دون جدوي, البعض يشخص الحالة بأنها تحتاج لجراحة توسيع مهبل, والبعض يؤكد أنها بلا فائدة, وبين هؤلاء وأولئك فقدت إستر الأمل فقدت الشغف, والرغبة في التذلل للأقدار حتي تواتيها, نادمة علي الزيجة, بعد أن عيرها زوجها قائلا: أنا كده مش متجوز, تخشي الفتاة أن يقيم دعوي بطلان, أين ذهب الحب؟ لا أحد يعلم, كل ما نعلمه أن خزائن الخوف من الترك, الخوف من الفقد, من الوحدة, من تعيير أسرة الزوج, امتلأت وصارت موصدة بفعل الكلام الجارح, سكن الخوف روح إستر وقتل الأمل داخلها فما عادت تعلم ماذا تفعل بعد أن تخلت أسرة زوجها عنها ورفضوا مزيدا من الإنفاق علي فحوصها.