تُرى هل أكون مرائيًا إذا ناقشت مع أبنائي سلوكًا لم ألتزم به أنا شخصيًا عندما كنت في مثل سنهم؟ لا تظن أنك ستكون مرائيًا إذا ناقشت مع أبنائك سلوكًا لم تلتزم به عندما كنت في مثل سنهم؛ ولا تجعل هذا يقلل من عزمك على مساعدتهم ليتجنبوا كل ما يمكن أن يدمر حياتهم، أو يؤثر على مستقبلهم.. نحن نتعلم في الحياة من الأخطاء تمامًا مثلما نتعلم من فعل الصواب. فافعل كل ما بوسعك لتجنبهم اختبار ما حدث معك شخصيًا، لكن لا تجعل من ماضيك هاجسًا يسيطر عليك، فتكون متشددًا في محاذيرك، أو دائم الشك في سلوك أولادك؛ لأن هذا يقودهم لفعل عكس ما تنصحهم به.. فهم عادة يسلكون كما نتوقع منهم!
لا يوجد أقوى وأفضل ما يؤثر على التوجه السلوكي للأبناء مثل دفء العلاقة بين الأب والأم، وتوفر الحب الأسري، الذي يؤكد باستمرار شعور الجميع بالانتماء للأسرة. فسواء كنت محظوظًا أنك نشأت في جو أسري وفَّر لك هذا، أو أنك افتقدته، تحتاج أن تؤكد لأبنائك دائمًا التزامك غير المحدود بشريك حياتك، وأنهم يمثلون أهم شيء في حياتك.
أيضًا تحرَّر من المفاهيم المغلوطة عن “العذرية”.. فقد يُقلق البعض فقدانهم لعذريتهم الجسدية، بينما لا يبالي الكثيرون بفقدان عذريتهم المعنوية! فما هو المفهوم الحقيقي للعذرية؟ لقد ارتبط مفهوم العذرية بالامتناع عن ممارسة الجنس، لكنه ضاق ليرتبط فقط بفقدان غشاء البكارة لدى الفتيات؛ فأصبحت العذرية في المجتمعات التي يسودها الذكور صفة ترتبط بالإناث فقط! العذرية أخلاقية قبل أن تكون جسدية؛ ويفقدها الشخص معنويًا، حتى بدون ممارسة فعلية للجنس، وعندئذ يصبح الطريق ممهدًا لفقدان العذرية الجسدية. نحن نحتاج أن نعلم أولادنا أن العذرية قيمة أخلاقية إنسانية لا ترتبط بنوع الجنس.. فالشاب الذي يمارس الجنس يفقد عذريته أيضًا، مع أنه لم يفقد ما تفقده الفتاة بممارستها للجنس. ولعل الخلط في هذا المفهوم يرجع إلى أن كلمة “عذراء” في اللغة العربية مؤنثة، مع أنها ليست كذلك في اللغات الأخرى.
هناك فرصة لـ “عذرية ثانية”.. في البداية ليس المقصود هنا ترقيع غشاء البكارة؛ لأن هذا لا يُعيد العذرية بمفهومها الأخلاقي. بل بالأحرى هي الفرصة التي يجب أن يُتيحها الآباء لكل ابن وابنة لتغيير الاتجاه، والتحول للسلوك الصحيح عندما يُريد ويعزم على أن يبدأ من جديد.. فمَنْ يقرر أن يمتنع عن كل ممارسة أفقدته عذريته المعنوية أو الجسدية، من حقه أن يستمتع بعذرية ثانية، تنمو شخصيته معها بأمل ورؤية أفضل لكل جوانب حياته. مناقشة مفهوم العذرية الثانية قد تكون أحد أهم الحوارات مع أبنائك. فلا تضيع وقتك متمنيًا لو كنت سلكت بطريقة مختلفة في الماضي.. فأيًا كانت خبراتك الشخصية، لا تتردد في أن تمد يد العون لابنك أو ابنتك لتخرجه من مصيدة الرمال المتحركة للجنس الحسي أو المعنوي.
علينا كآباء وأمهات الاستمرار في التعلُّم عن كيفية تنشئة جيل صحيح، وممارسة ما نتعلمه، مع الكثير من المثابرة والصبر، والاتكال على نعمة الله؛ حتى نرى أبناء يعيشون حياة بلا ندم، ويقاومون تيارات العالم من حولهم. ولزيادة معرفتكم وتنمية مهاراتكم كوالدين، يمكنكم أن تجدوا المزيد من المقالات والمصادر المسموعة والمرئية حول هذا الموضوع، وموضوعات أخرى عديدة حول كل ما يخص الأسرة على موقعنا الإلكتروني: FocusOnTheFamily.me. كما أصدرنا باللغة العربية والإنجليزية العديد من الكتب المتميزة لمؤلفين عالميين في موضوعات الزواج والتربية، تجدون نبذة عنها في قسم “كتب ومصادر” على موقعنا، وتستطيعون طلب ما تحتاجونه منها، مع توافر خدمة التوصيلوالشحن. كذلك يمكنكم أن ترسلوا لنا تعليقاتكم وأسئلتكم على البريد الإلكتروني: [email protected].