تبجيل الكبير, احترام الآخر, عدم التلفظ بألفاظ نابية تجاه أي شخص -مهما كانت كينونته أو وضعه الاجتماعي- قيم تقدسها وتفرضها أسر كثيرة داخل المجتمع, فمن الأمور التي تجعلك تحكم علي شخص تقابله هو أسلوبه في الكلام ورقي حديثه واحترامه في اختيار ألفاظه وهو ما ينعكس بالطبع عما بداخله من حب واحترام للجميع حوله.
أقول هذه الكلمات بمناسبة ما نراه أخيرا من ردود أفعال علي منشورات أو أخبار أو صور داخل ذلك العالم الافتراضي والذي يعكس ما وصل إليه المجتمع من ترد ومسخ في الحديث والحوار والبقاء للأقوي -أقصد البقاء للأكثر سوءا- ولكن عندما يتعلق الأمر بسب عقيدة أو دين, فهنا لابد أن نقول: لا يصح ونرفض بشدة الإساءة لأي معتقد أو أي دين علي حد سواء.
إذا كنا نتكلم بهذا الأمر علي مستوي العلاقات بين الأفراد فما هو رأي القانون؟
عندما تضع الدولة قانونا يجرم الحديث عن الأديان بشكل فيه ازدراء فهذا أمر أراه غير محدد وفضفاض وفيه لبس خاصة لو تكلمنا عن قانون ازدراء الأديان والذي وصف بأنه يسير في اتجاه واحد ويكيل بمكيالين باعتبار أن أغلب القضايا -إن لم تكن جميعها- كانت اتهاما بازدراء الدين الإسلامي ولم نسمع قضية لازدراء المسيحية أو اليهودية أو أي معتقدات لطوائف أخري, باستثناء عدد من القضايا تعد علي أصابع اليد الواحدة!!
وبالرغم من المطالبة بإلغاء الفقرة (و) من المادة 98 بقانون العقوبات الخاص بتجريم الازدراء من قبل أعضاء بمجلس النواب ومفكرين وساسة, إلا أنه قوبل بالرفض, بل هناك من طالب بتشديد العقوبة.
و هناك متخصصون دستوريون تحدثوا عن تلك المادة ووصفوها بعدم الدستورية استنادا إلي أحكام المحكمة الدستورية ذات الصلة.
لذا لم تعد المطالبة بالمساواة في تطبيق قانون ازدراء الأديان أمرا ذا جدوي الآن, ولكنني أري -وأتمني- إلغاء هذا القانون, وذلك لحماية حرية الرأي والتعبير من أنياب هذه المادة الملتبسة التي تعمق فكرة الطائفية والتمييز وإهدار لقيم المواطنة.