يعلمنا السيد المسيح قائلا:ما من شجرة طيبة تثمر ثمرا خبيثا, ولا من شجرة خبيثة تثمر ثمرا طيبا فكل شجرة تعرف من ثمرها…(لوقا6:44-43).
هناك لوحة علي إحدي الجدران القديمة بإنجلترا مكتوب عليها:أنت لست شابا:إن كنت تفكر في الماضي أكثر مما في المستقبل, ولا تبالي بكل ما هو جديد! إن كنت تتمني الكثير, ولا تجرؤا أن تباشر شيئا, وتعلق علي المال أهمية أعظم مما علي الأهداف السامية! إن كنت تشك في إخلاص الغير وتلجأ إلي الشكوي والتذمر بدلا من التضحية! إن كنت تفتح قلبك للحسد والغيرة بدلا من أن تبدي إعجابك… مما لا شك فيه أن الشباب في يومنا هذا يحتاجون إلي قوة الإرادة والعزيمة أكثر من أي شيء آخر.
كما يجب عليهم فهم معني الحرية الحقيقية, لأن الحرية المفرطة والاستقلال في سن مبكرة, لا تصنع الرجولة بل تقتلها, فالطفل كالنبتة التي تربط إلي وتد, فإذا كان هذا الرباط يزعجها ويؤلمها ويضايقها, إلا أنه يساعدها علي النمو مستقيمة لتصبح شجرة باسقة.
وبالمثل يستطيع الآباء والأمهات والمربيون أن يفعلوا هذا مع أبنائهم حتي يصلوا إلي مرحلة النضج الحقيقية والتمييز في اختياراتهم وأعمالهم, لأن العمل الطيب كالشجرة الجيدة عميقة الجذور كثيرة الفروع, لذلك يجب علي الشباب أن يضعوا نصب أعينهم العمل أولا, والأمل بعد ذلك.
لكن للأسف حياتنا مليئة بالكلام دون أفعال, فالكلام كأوراق الشجر الكثيرة تخفي ثمارا أقل, لذلك هيا بنا للعمل, ونخص بالذكر فئة الشباب التي تتحلي بالحيوية والحماس والقوة والمبادرة.
فالشباب الحق هو التطلع إلي ماهو صعب ومستحيل لتحطيمه, وإلي ما هو سام للوصول إليه, وما هو بطولة لتحقيقه, كما أن الشباب هو التمسك بعقيدة ثابتة بناءة والإخلاص للمبادئ السامية, كل هذا لا يجعلنا أن ننسي أو ننكر خبرة الكبار وحكمتهم وتضحياتهم وأعمالهم العظيمة, إذا يجب علي الشباب الاستمرار فيما بدأه هؤلاء.
مما لاشك فيه أن شباب اليوم يتحلي بمواهب متعددة منحه إياها الله تعالي, ويتوفر بين يديه إمكانيات ووسائل حديثة تيسر عليه أمورا كثيرة, لذلك من الضروري أن يعزم عزما صادقا علي النجاح في الحياة, وأن يبذل كل ما بوسعه ليكتسب كل يوم أشياء جديدة ومفيدة, كما يجب عليه أن يقوم بكل ما يرضي الله,وأن يصبح عنصرا خيرا لغيره, فالشباب بحاجة إلي الإرادة القوية التي تزيل وتمحو الصعاب, وتصل به إلي البطولة, وهذه الإرادة تتقوي بالعمل الدائم والممارسة المستمرة, والتخلي عن أشياء كثيرة تافهة في حياته اليومية.
وكما يقول نابليون بونابرت:إذا صمم إنسان علي النحاج, فلا شيء في الدنيا محال!.
جميعنا لاحظ أثناء سفره علي الطرق السريعة بعض اللافتات التوضيحية مكتوب عليها هذا التحذير:منعطفات خطرة, انتبه! لتساعدنا وتنبهنا أثناء القيادة حتي نتجنب الحوادث التي تؤدي للموت والدمار, كذلك يجب علي الشباب أن ينتبهوا في طريق حياتهم من المنطعفات الخطرة, واتباع تعليمات السير في الاتجاه الصحيح والآمن, حتي تضمن لهم سلامة الوصول إلي الهدف الخير والصالح, مما لا شك فيه أن شباب اليوم يواجه منعطفات خطرة كثيرة ومتعددة تجعله يحيد عن الهدف الصحيح, فيصطدم بأصدقاء السوء, والأشخاص المزيفين والأنانيين والمنافقين وغيرهم, لذلك يجب علي أصحاب النفوس الكريمة والطموحة أن يتجنبوا أمثال هذه المنعطفات الخطرة, التي تغير مسار حياتهم للأسوأ, ويتطلعوا للأمام والأحسن والأجمل والأسمي, كما يسعون إلي صداقة النفوس النبيلة والطيبة وأصحاب القلوب العامرة بالأخلاق وعمل الخير واحترام الغير.
كل شخص منا له أعداء ظاهرون وخفيون كالفساد الذي يحاصرنا من الخارج, والكسل الذي يدفعنا إلي إهمال واجباتنا اليومية,واليأس الذي يجعلنا نختلق الأعذار تهربا من التضحية.
لكن البطل الحقيقي هو من يصمد إزاء كل هؤلاء الأعداء, ويقوم برسالته علي أكمل وجه, حتي يصل في نهاية يومه إلي فراشه ليلا ويشكر الله علي نعمته ومساندته له للانتصار علي هؤلاءالأعداء!ثم ينام في سلام ليستيقظ في الصباح الباكر بهمة الأبطال الصالحين, لذلك نقول لكل شاب:أنت بطل, ولكن البطولة لا تقاس بعدد السنين, ولا نعني بها القدرة علي الاعتداء علي الآخرين وهزيمتهم, أو في عضلاتك الفاتنة, إنما البطولة الحقة هي في مواجهة أسباب الضعف فيك والتخلص منها, واكتساب فضائل جديدة من أجل خير الآخرين. ونختم بالقول المأثور:الذي يستطيع يعمل…والذي لا يستطيع, ينصح فقط!.