يحثنا القديس بطرس في رسالته الأولي قائلا:فتواضعوا تحت يد الله القوية, لكي يرفعكم في حينه ملقين كل همكم عليه, لأنه هو يعتني بكم (7-5:6).
كانت هناك إحدي السفريات بحرا, في ظروف متقلبة بسبب سوء الجو,فانزعج الركاب جدا, وهرعوا مسرعين في حالة غضب طالبين مقابلة قبطان السفينة فورا .
ولكن التقي بهم مساعده وسألهم قائلا:لم كل هذا التوتر والانزعاج؟ فأجابوه:ألا تري, السفينة تشق النهر بسرعة شديدة بينما الضباب الكثيف يحيط بنا من كل جهة, ويعوق الرؤية تماما؟ فقال لهم والابتسامة تملأ وجهه:لاتخافوا قط,لأن مكان قيادة القبطان أعلي بكثير من الضباب لذلك فهو يري كل شيء جيدا نستطيع أن نضع هذا المثال نصب أعيننا,عندما تضيق بنا الحياة,كما يجب أن نثق في القبطان الأعظم الذي يقود مسيرة حياتنا فهو يعلو فوق الضباب ويري معالم الطريق جيدا, ويعرف أدق التفاصيل.
ومما لاشك فيه أن الله معنا في كل حين بيده الحانية والجبارة لتسند ضعفنا, وتزيل العقبات من طريقنا,كما أنها تساعدنا علي اجتيازها عندما نستعين به ونعمل معه.
من يستطيع أن ينكر بأن الله معنا أيضا بكلامه الذي ينير عقولنا وقلوبنا ويشدد عزائمنا ويدفعنا إلي عمل الخير والتحلي بالفضائل؟كما أن كلامه يعاتبنا حينا, ويعزينا حينا آخر,فالله لايتركنا أبدا, لأنه معنا دائما لينظم ما شوهناه من أمور حياتنا.لكن للأسف نجد الناس مشغولين عن الله,منهمكين في ارتباطاتهم اليومية بالرغم من أنه في أتم الاستعداد ليغمرنا ببركاته وعطاياه.
وما أجمل كلمات الكاتب محمود تيمور عن علاقته بالله:يا الله! نداء يا له من نداء! يصلك بتلك الروحانية السرمدية, روحانية الله في ملكوته الأعلي! يا الله! متي قلتها في حرارة,شعرت بأنك قد اغتسلت وتطهرت فتألق نور عينيك وشاع الصفاء بين جنبيك,وكأن قد نبت لك جناحان يرفان, فأنت بهما في خفة الطير,تحلق في الفضاء الفسيح.
يا الله!لا أرهب في الوجود شيئا,مادام ندائي لك ملء سمعي حتي أنت لا أرهبك لأن حبي لك يغمر قلبي والمحب الصادق لايتطرق إلي قلبه الخوف ممن يحب…يالله! ما أسعدني بحبي إياك!أنا لا أخشي أعاصير الحياة, لأني في عصمة منها,بما أجده لك في قلبي من حب دائم موصول.
وأنا لا أضيق ذرعا بالألم,لأني أجد في نسمة رضاك مايمحو الألم ويأسو الجراح.
أنام إذا نمت مطمئنا رضي البال:فاسمك هو آخر ماتلفظ شفتاي وأصحوا إذا صحوت متفائلا طلق الأسارير:فندائي لك أول ما يلهج به لساني:ياالله!.
هذا هو سر عظمة النفوس الصافية التي تتحد بالله, مصدر كل سلام وصفاء وطمأنينة.
فإذا كان الله , رب السماء والأرض هو أبونا الحنون,فما الذي يخيفنا أو ينغص حياتنا؟! هل يتواني الله عن إغاثتنا حين ندعوه؟هل يتركنا وشأننا عندما تساورنا الهموم أو تطغي علي قلوبنا الغيوم؟ويقول داود النبي:معونتي من عند الله خالق السماء والأرض(مزمور120:2).
إذا يجب أن نسلم أنفسنا بين يدي الله خالقنا في ظل ظروف الحياة ومشاكلها,كما يجب علينا أن نثق بأنه لن يهملنا أبدا, حتي وإن سمح الصعوبات والهموم.
فلكي يذكرنا بأن نلجأ إليه ونحتمي به, للأسف كثيرا ما ننسي الله, ولاسيما عندما تحل بنا المصائب, أو تعصف علينا المخاطر وتقلقنا المشاكل لكن إذا كنا نضع الله نصب أعيننا ونتوسل إليه ليساعدنا, لن يتأخر أبدا ويهملنا في ظل هذه الظروف ومن ثم سنشعر للتو بسعادة وطمأنينة وشجاعة الثقة به,ونلتمس حنانه ونعتمد علي أبوته مما لاشك فيه أن الله قادر علي تصريف أمورنا أفضل منا,إذا لجأنا إليه بثقة بنوية كما أن الله ليس بحاجة إلي توجيهتنا أو نصائحنا ولكن كل ما يطلبه هو أن نعبده بخشوع ونعطيه قلوبنا ونتوكل عليه كم من سعادة تغمرنا عندما نعتمد علي الله الذي يستجيب لنا وإذا لزم الأمر سيحملنا بين ذراعيه لنتخطي العقبات التي لا نستطيع التغلب عليها بقوانا الشخصية ومادام الله في حياتنا بلاشك فلا نخاف شيئا في الدنيا لأن جميع المخلوقات وكل الأمور بيده ويستجيب لنا دون توان لأنه يرأف بحالنا ونختم بكلمات الكاردينال نيومان: كثيرا ما نكتشف حضور الله في حياتنا بعد فوات الأوان عندما ننظر إلي الوراء.