” تتمنى أن تعمل كمذيعة ..وأخذت طريقها فى سبيل تحقيق هذا الحلم بالدراسة والتدريب .. عرفت بأنها أول شابة من متلازمة داون قامت بتجربة العمل لمدة يوم كمضيفة طيران …وهي الآن تدرس الإعلام و قدمت فقرة ثابتة بأحد برامج إذاعة صوت العرب ” .
انها هبه عاطف أسعد شابة من أصحاب متلازمة داون .. اجتهدت ولاتزال منذ سنوات عمرها الأولى فى الدراسة بالمدرسة و بعدها فى الدراسة الجامعية ..وتميزت فى عدة مجالات فنية أخرى منها :التمثيل والرسم والعزف ..كما قامت بتجربة العمل لمدة يوم مضيفة على متن إحدى الطائرات وهى فى طريقها إلى الخرطوم لحضور المؤتمر الدولى لعلوم الإعاقة والتأهيل بالسودان، برئاسة السفير رضا عبد العزيز رئيس اللجنة الدولية لشؤون الاعاقة العام الماضى، وكانت ” هبه” ترتسم على وجهها خلال ذلك اليوم ابتسامة هادئة وكانت في استقبال الركاب على متن الطائرة كما قامت بالتحاور معهم حال احتاج أحدهم للمساعدة طوال الرحلة الجوية، في تجربة اعتبرتها هبه خطوة مهمة للتوعية بحق أصحاب متلازمة داون في المشاركة المجتمعية.
لنتعرف أكثر عن قرب على تجربة “هبه” طوال 23 سنة تحدثنا إلى والدتها الدكتورة سونيا سيد بيومى ،قالت ل”وطنى” : ” هبه عمرها 23 عاما حاليا، والتحقت بمدرسة عادية منذ أن كان عمرها 5 سنوات بمدرسة القاهرة الدولية ،بعد أن عملت مقابلة شخصية بالمدرسة مثل باقى الأطفال المتقدمين للمدرسة و اجتازتها بنجاح،وكانت آنذاك تستطيع أن تمسك بالقلم جيدا وتعرف الأرقام والحروف والألوان والأشياء الأساسية .
واستمرت طوال سنوات الدراسة بشكل عادى و كنت بتابع معاهم فى المدرسة و كان مستواها متوسط و كنت بجانب المدرسة هناك مواظبة على جلسات التخاطب و تنمية المهارات حتى أصبح عمرها 12 عاما ، حتى الثانوية العامة بدون دمج .
الدراسة في الثانوية العامة كانت صعبة ومجهدة لأن المناهج كبيرة ،واستحوذت المذاكرة على غالبية الوقت من قبل بدء العام الدراسى، وحصلت ” هبه” فى الثانوية العامة على مجموع 78 %، وكانت رغبتها انها تدرس إعلام لأنها تتمنى أن تصبح مذيعة في المستقبل، وبالفعل التحقت بكلية الإعلام بالجامعة العربية المفتوحة بالشروق، هذا العام هى فى البكالريوس السنة النهائية بالكلية.
استطردت قائلة:” اهتمامنا الأول حتى اجتازت هبه الثانوية العامة كانت الدراسة فقط النسبة وتنمية مهاراتهم الاكاديمية والمهارات الحياتية الأساسية من خلال المراكز المتخصصة وجلسات التخاطب و تنمية المهارات ،ولكن بعد الالتحاق بالجامعة وجدت ان ابنتى تستطيع مواكبة الدراسة بشكل جيد، وبدأنا فى الاتجاة إلى بعض الأنشطة الفنية المتعلقة بدراستها، وبدأت هبه فى تقديم الحفلات التابعة لمسرح الشمس منذ عامين ، كما اتجهنا لحضور المؤتمرات المتعلقة بالتربية الخاصة ،وحضرت مؤتمر فى السودان وعملت تجربة مضيقة على متن الطائرة.
بعد ذلك اتجهنا إلى التمثيل واخذت كورسات فى التمثيل ،ولاحظت أن التمثيل والاشتراك بالأنشطة الفنية تضيف لها الكثير و تزيد من ثقتها بنفسها، واشتركت بالتمثيل فى مسرحية ” عم ياقوت ” بمسرح الشمس مع المخرج يوسف أبوزيد، وكذلك كانت بطلة مسرحية ” الكنز”، كما قدمت فى إذاعة صوت العرب فقرة ثابتة بأحد البرامج الاذاعية لفترة، وتم تكريمها من عدة جهات : الأمم المتحدة ، روتارى ، لجنة حقوق الإنسان ،وزارة الثقافة ، وزارة البيئة ،وشاركت فى احتفالية “قادرون باختلاف”.
و حول دور الأسرة منذ السنوات الأولى لأطفالهم ، قالت الدكتورة سونيا :” أول خمس سنوات فى عمر الطفل عامة والطفل من أصحاب متلازمة داون خاصة مهمين جدا و يجب أن يتم فيها العمل على التدريب و تنمية المهارات للطفل والمواظبة على جلسات التخاطب ورعاية الذات و متابعة الحالة الطبية مع طبيب إذا احتاج علاج دوائى ، بعدها يبدأ يمشي في الطريق الصحيح والأكاديمى فى المدرسة “.
و حينما طلبنا من الدكتورة سونيا أن تقدم رسالة لكل أسرة لديها ابن أو ابنه من أصحاب متلازمة داون ،قالت :” رسالة مهمة لكل أسرة رزقت بطفل من متلازمة داون أن يعتنوا به و يقرأوا و يدرسوا عن متلازمة داون وكيفية التعامل معهم و تنمية مهاراتهم والاعتناء بهم فى سنوات عمرهم الأولى و الأمر حاليا أكثر سهولة ومتاح ذلك من خلال العديد من المواقع المتخصصة على الأنترنت، بالإضافة إلى المتابعة مع طبيب والاهتمام والرعاية داخل المنزل “.
وأضافت:” أقول لمن يقابلهم تنمر على أبنائهم أحيانا ” ارموا وراء ظهركم هذا الكلام السلبى و لا تلتفتوا إليه”… ركزوا فى حياتكم و فى ابنكم أو ابنتكم و دراستهم وتدريبهم و تنمية مهاراتهم ..هما بيعيبوا على مين على خلقة ربنا ؟!! لا تضيعوا وقتا فى الاستماع الى كلام الناس .. فكروا فى ابنائكم واحتياجاتهم و مستقبلهم”.
و حول أمنيات هبه فى المستقبل قالت الدكتورة سونيا:” هبه تتمنى أن تصبح مذيعة بعد الانتهاء من الدراسة بالجامعة ، خاصة وأن دراستها هى الإعلام وانها تجتهد لتصبح مذيعة و مستمرة فى التدريب على العمل بهذا المجال”.
وختمت الدكتورة سونيا حديثها إلى “وطنى ” قائلة:” أنا فى منتهى الفخر والسعادة انى عندى هبه وان ربنا اعطاها لى ..وأقول لكل أسرة لازم تكون فخورة بابنك او بنتك من متلازمة داون ..لو فرحتوا بهم وقدموا لهم الحب يقدروا يعملوا معجزات تفوق توقعاتنا لهم”.