ما أخطر أن نسمى الأمور بغير مسمياتها و نكسو أخطر الاخطاء بأجمل الثياب و نعلق كل ما نلاقيه احيانا من فشل على شماعات واهية و حبال بالية لنخرج نحن مبررين و كل ما حولنا و من حولنا مخطئ مقصر و كأن كل من نجحوا فى هذا العالم قادتهم الصدفة إلى النجاح. فبنعمة الله نحاول اليوم أن نرفع الغطاء عن آفة تعمل كسوس ينخر فى عظام أى فرد او مجتمع لتحوله إلى جثث هامدة إنها آفة السلبية فى الحياة و التى كثيرا ما نحاول تبريرها و إيجاد الأسباب لها فلن ينفعنا أن نلعن الظلام ألف ليلة بقدر ما ينفع أن ننير و لو شمعة واحدة فى ظلام ليلة واحدة.
كلنا يعرف قصة نحميا ذلك الرجل الأوحد الذى تحرك و جمع حوله كل الجهود المبعثرة ليؤلف منها قوة هائلة. عقد العزم و استنشط الهمم لبناء سور اورشليم و قال قولته النارية “إله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبنى” ( نح٢٠:٢) .
إننا كثيرا مانعيب الأخطاء و النقائص، بسهولة يمكن أن تكتشف الملامح الشاذة للصورة و هذا ما اسهله على أى إنسان و لكنها دعوة اليوم ان ننظر إلى القوة الكامنة فينا ، ما الذى يمكن أن أقدمه بصورة ايجابية للمشاركة بإبداع و بفكر جديد و عمل يعالج و يضيف لمجتمعى الذى أعيش فيه. كثيرا ما يظن البعض أن المسيحية تهتم بالروحيات و تنعزل عن الحياة العامة لكن لا ننسى أن الكنيسة على مر العصور تفخر بأولئك الذين كان لهم إسهام وافر فى العمل الإيجابى . إن الأمنيات و تقديم النصائح و المقترحات كلها أمور بناءة و لكنها وحدها لا تشبع من جوع و لا تغنى من فقر “إن كان أخ و أخت عريانين و معتازين للقوت اليومى فقال لهما أحدكم أمضيا بسلام استدفئا و اشبعا و لكن لم تعطوهم حاجات الجسد فما المنفعة” ( يع١٦:٢) . و لنا أن نعلم أنه حتى اكثر المسيحيين عزوفا عن الدنيا -الرهبان- قدموا للعالم أجل الخدمات مثل القديسة فيرينا التى التحقت بالكتيبة الطيبية كممرضة و بعد استشهاد الكتيبة عاشت فى سويسرا متبتلة فى كهف و مع ذلك مازال السويسريون يرجعون اليها الفضل فى تعليمهم القواعد الصحية السليمة و الى يومنا هذا يرسمونها و بيدها ابريق و مشط اعترافا بخدماتها.
حتى داخل مجتمعنا الصغير فى بيوتنا و هى الأخطر، من العيب ان تلوم الكنيسة انها بطيئة التأثير فى حياة ابنك الذى يقضى فيها بعض ساعات قليلة بينما يعيش معك كل الوقت و لا تؤثر انت فيه بل ربما تؤثر فيه سلبا.
كن ايجابيا فما أسهل على الإنسان أن يصير ناقدا لسلبيات العالم التى لا تنتهى ، و لكن علينا أن نعلم أنه مهما التقطت عيوننا من سلبيات و وبخناها و بقينا فى صفوف المتفرجين فلن ينصلح حال و لن تعمر مدن، فكم من امنيات تمر ببال الانسان فى اليوم الواحد لو التفت إلى واحدة منها و عمل فيها بجد يصير الحلم حقيقة و الامنية واقعا معاشا ، “نفس الكسلان تشتهى و لا شىء لها و نفس المجتهدين تسمن” ( ام٤:١٣)