يعد شهر أكتوبر هو شهر التوعية بمتلازمة داون علي مستوي العالم… وهناك العديد من نماذج الأشخاص أصحاب متلازمة داون ممن لهم تجارب مليئة بالتحديات التي تغلبوا عليها ولا يزالون… منهم من التحق بالمدارس ضمن نظام الدمج أو من التحق بقسم التربية الخاصة بالمدارس ولكل منهم تجربته لكنهم يتفقون علي أن الدمج لذوي الإعاقة يبدأ من المجتمع قبل المدارس… منة حلمي (21 عاما) فنانة من أصحاب متلازمة داون, التحقت بقسم التربية الخاصة رمسيس كوليدج بالقاهرة, ووالدتها الدكتورة سمية البدري تركت عملها كطبيبة نساء وتوليد للاهتمام بها ورعايتها منذ ميلادها وحتي الآن… تحدثنا إلي الدكتورة سمية لنتعرف, عن قرب, علي تجربة منة منذ الميلاد وحتي حصولها ـ خلال الأعوام القليلة الماضية ـ علي العديد من الجوائز والتكريمات في مجال الرسم والديكوباج والصلصال الحراري.
الدكتورة سمية البدري ـ والدة منة حلمي ـ قالت: منذ أن وضعت منة وهبة شقيقتها التوءم وأنا تركت العمل كطبيبة أمراض نساء وتوليد للتفرغ لرعايتهما, منة عمرها حاليا 21 سنه, تدرس بالقسم الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة في رمسيس كوليدج بالقاهرة منذ أن كان عمرها 5 سنوات التحقت بهذه المدرسة وحتي الآن, استكملت الجزء التعليمي بالمدرسة, وحاليا هي في المرحلة التأهيلية المهنية بالمدرسة ويتضمن عدة مجالات ما بين فنية وغيرها. منة لها أخت توءم ولكنها ليست من أصحاب متلازمة داون والتحقت بالمدارس العادية, هذا الأمر جعلنا في الأشهر الأولي نقارن فيما بينهما لكن منة الحقيقة كان عندها إصرار دائم منذ نعومة أظفارها, وكان لديها روح المثابرة وهذا الأمر ساعدنا كثيرا علي تدريبها وتعليمها في السنوات الأولي من عمرها, وفي تربيتهما لم نكن نفرق فيما بينها وبين شقيقتها في التعامل أو الثواب أو العقاب.
واستطردت قائلة: عند التحاق منة بالمدرسة منذ 16 عاما الدمج لم يكن مطبقا بالشكل الذي يجب أن يكون عليه لتحقيق أهدافه لذلك فضلت إلحاق منة بقسم التربية الخاصة بالمدرسة بدلا من الدمج, حيث إنني أري أن العديد من الأسر بالمجتمع للأسف هم غير مؤهلين للدمج وليست المدارس, ولذلك اخترت آنذاك أن تتعلم ابنتي بقسم التربية الفكرية بالمدرسة, فالمجتمع يحتاج أن يقبل الدمج أولا قبل أن تكون هناك قرارات بالتعليم داخل المدارس ضمن منظومة الدمج.
وأضافت: منة من صغرها لديها شخصية قيادية ومنظمة جدا وكان يتم توضيح هذا الأمر في التقرير الخاص بها في الشهادة آخر كل سنة أنها ذات شخصية قيادية.
وبالنسبة لموهبتها الفنية فلقد تنبهنا لها منذ سنوات طويلة ولكن تطور الأمر بشكل سريع مع منة خلال السنوات الثلاث الماضية بعدما قامت وزارة الثقافة المصرية بتأسيس فرقة الفنون بمسرح الشمس للدمج والتي يتم من خلالها تقديم ورش فنية في مختلف المجالات: رسم وتمثيل ومسرح وموسيقي.. إلخ, ولقد اشتركت منة في كل الأنشطة واكتشف موهبتها المتميزة في الرسم كل من الفنان شادي قطامش والفنان الدكتور رضا فضل والفنانة وفاء الحكيم مديرة مسرح الشمس ساعدوها وشجعوها كثيرا حتي قامت برسم العديد من اللوحات وتركز منة علي الرسم والديكوباج وقشر البيض والصلصال الحراري, وقامت برسم لوحات المناظر الطبيعية, كما تقوم بتسجيل بعض الأحداث التي تشاهدها بالرسم فقد رسمت فرحا في الريف المصري وشاركت بهذه اللوحة في مسابقة وفازت من ضمن 300 فائز من أصل 1500 فنان تم اختيارهم علي مستوي العالم في معرض ريشتي محبة وسلام من أربع جهات معتمدة منها منظمة السلام العالمية, كما شاركت في معارض وحصلت علي جوائز, حتي في فترة الغلق الكامل أثناء تفشي فيروس كورونا المستجد اشتركت منة في معارض عبر الإنترنت وأرسلت رسوماتها في مسابقات وحصلت علي جوائز وشهادات تقدير ومؤخرا نالت شهادة تقدير من منتدي بغداد الفن والحضارة, وفازت بالمركز الخامس من مؤسسة روح الفن في إحدي المسابقات الفنية.
وأوضحت الدكتورة سمية أن منة تسعي إلي نشر ثقافة الفنون التشكيلية بين أطفال المصابين بمتلازمة داون, عن طريق تقديم فيديوهات علي مواقع التواصل الاجتماعي عن استخدام أدوات التلوين أو المشغولات بالصلصال الحراري وقشر البيض وغيرها من الخامات المختلفة.
وحول أمنيات منة ووالدتها للمستقبل قالت الدكتورة سمية: أتمني أن يكون لنا مكان لمعرض نقوم فيه بعرض لوحاتها وأعمالها الفنية, وأتمني أن يكون هناك من يتبني مواهب الفنانين المتميزين ويقيم لهم معرضا ثابتا طوال العام لعرض منتجاتهم وأعمالهم الفنية به, وهذا الأمر يعد أكبر تشجيع لهم.