أنطون سيدهم .. والسياسة الخارجية
* عظيمة هي الإنجازات التي حققها أنور السادسات من أجل مصر.
وعلي مدي الفترة التي بدأت منذ تولي مسئولية الحكم, وحتي هذه اللحظة لايزال السادات يصنع الكثير من أجل مصر.. يتخذ أصعب القرارات, ويبذل جهدا خارقا أسطوريا مضحيا بصحته وحتي حياته.. يجوب الدنيا كلها في لقاءات متتالية مع قادة العالم.. مستقطبا اهتمام وتقدير مئات الملايين الذين غاب عن اهتمامهم اسم مصر, ذلك الاسم الحبيب الذي ضاق به أصحاب الفكر المريض والشعوذة السياسية فألغوه بجرة قلم.. وكأنهم يتحدون التاريخ الذي سجل لمصر منذ آلاف السنين أنصع صفحات الخلود.. ونسوا أن اسم مصر مذكور في جميع الكتب السماوية..
وجاء أنور السادات وأعاد اسمها.. أعاد لها أمجادها.. وفرض علي أسماع العالم إنجازاتها, واللهفة من كل وسائل الإعلام العالمية للتعرف علي وجهة نظرها يعبر عنها ابنها البار أنور السادات.
* لقد تجرعنا الهزيمة والهوان.. وأصبحت كرامتنا مضغة في الأفواه.. ولن أنسي أبدا ذلك الموقف المهين الذي تعرضت له في يونية 1967 وأنا أقف أمام موظف الاستقبال في أحد فنادق روما وهو يطلب مني جواز سفري, ثم نظرته المشوبة بالسخرية عندما يعلم أنني مصري.
وأتجول في شوارع روما في اليوم التالي لأجد الزينات ترفرف في أغلب محالها فرحا بانتصار إسرائيل وسحقها للجيوش العربية.
وعدت إلي الفندق تمزقني مشاعر الأسي والحزن.. واللعنة علي من عرضوا مصر لهذا الهوان.
وما أشد اختلاف الصورة اليوم بعد انتصار أكتوبر.. إنها مشاعر العزة والفخر تفيض بها نفس كل مصري بل كل عربي بعد انتصارات أكتوبر 1973.
فشكرا وعرفانا للرجل الذي رد الاعتبار, ووضع علي جبين مصر أكاليل الغار.
* ولم يتوقف جهاد أنور السادات منذ 1973 من أجل النهوض بمصر سياسيا واقتصاديا, إنه يستشعر المعاناة التي تكابدها الجماهير.. ويفعل المستحيل من أجل إصلاح المرافق التي تهاوت واستهلكت نتيجة الإهمال الطويل متفرغين لحروب متصلة أكلت اليابس والأخضر بتكاليفها الباهظة.
ومن موقف قوة.. كانت مبادرته التاريخية التي هزت العالم.. إنه يريد وضع حد للحروب التي ابتلعت أغلب الدخل القومي, وتستنفد كل الطاقات التي يجب أن توجه إلي البناء والتعمير.
* وفوجئ العالم بمبادرة السادات.. لقد نجحت إسرائيل في إقناع العالم أن مصر والعرب دعاة حرب وتدمير.. وأن العرب يعملون من أجل إلقاء إسرائيل في البحر!! وإذا بالسادات يهز هذه المفاهيم ويقوضها بزيارته التاريخية إلي القدس.. ويجمع العالم أنه رجل عام 1977 بدون جدال.
والعالم كله أصغي آذانه إلي السادات وهو يتحدث في الكنيست كما لم يصغ لزعيم أو رئيس من قبل.
وأذكر سائق التاكسي وهو يسعي بي إلي مطار زيورخ عندما يعلم أنني مصري.. إنه يتكلم عن السادات بحب.. ويتحدث عن عظمة هذا الرجل الذي يذهب إلي أعدائه يقدم في مثالية أغصان الزيتون داعيا إلي وضع حد لإزهاق الأرواح, ووقف أنهار الدم.
* إن عظمة السادات تكمن في وطنيته منذ شبابه الباكر, في إيمانه بمصريته, في قوة إرادته وتحديه للأهوال وعظمته تتجلي في لحظات انتصاره.. تلك الانتصارات التي ينسبها إلي مصر وشعبها..
وعظمته تتجلي في شجاعته عندما يتخذ القرار فلا يلقي بالا إلي صرخات المتشنجين, ولا يهز من يقينه باطل المخادعين, ويتحمل من أجل مصر وقضية كبري هي قضية السلام الهجمات الضارية الظالمة.
* والآن ونحن نري كل هذا التأييد الدولي من العناصر المحبة للسلام, وبعد أن حاصرت دعوة السلام إسرائيل ولم تعد تجد مهربا.
أقول نجد أنفسنا حول السادات بكل التأييد والجهد ليقود مصر إلي السلام والطمأنينة.. السلام الذي نتفرغ في جوه إلي البناء.. ومن ثم تعويض سنوات الحرمان والعذابات التي طال زمانها. ونحن علي ثقة أن مصر والسادات يقود سفينتها ستحقق آمالها وطموحاتها.