جلس الأب الكاهن في الكنيسة منتظرًا قدوم الجنازة ليقوم بالصلاة على سيدة صغيرة في السن وقد تنيحت منذ ساعات، كان حائرًا ينظر إلى الله بعيون مكسورة كأنه يعاتبه ، كان يجلس وهو يضع رأسه بين يديه وفي عينيه دموع محبوسة تريد أن تتحرر من سجن أجفانه وهو لا يريد أن يطلق سراحها. كان يقول بصوت هادئ بينه وبين نفسه (أقول إيه للناس يا ربي، الناس تعبت ومش قادرين يفهموا أحكامك، الناس غلابة، ده من حوالي عشر سنين واحدة ست ماتت وتركت أطفال صغيرين وأبوهم إتجوز ومكنش فيه حد بيرعاهم والعيال فشلوا، اللي أدمن، واللي مِشي في طريق الخطية، وطبعًا فشلوا في المدارس. وأهو نفس الحالة دلوقتي تاني الست ماتت ومعاها عيال صغيرين.طيب أقول ايه للناس بس؟ الناس أكلت وشي .. بيقولوا ربنا أخذ الست وولادها اليتامى هيضيعوا). وعندما رفع الكاهن رأسه وجد أمامه الرب يسوع المسيح واقفًا، وفي الحال سجد له وأخذ الكاهن يبكي تحت أقدام المسيح الذي مد يده بحنان وأخذ يمسح دموع الكاهن وقال له (المشكلة ليست في نياحة الأم، المشكلة في ضياع الهدف، كثير من الناس قد ضاع منهم الهدف على الرغم من وجودهم في جو أسري متكامل (في وجود أب وأم وأخوة). الإنسان عندما يخرج من المعمودية يكون نقيًا ثم يبدأ في النمو والتفاعل مع الحياة فيضيع منه الهدف وينحرف عن الطريق الروحي. ثم نظر السيد المسيح بحنو وقال للأب الكاهن (لا تخف أيها الكاهن فهؤلاء جميعهم أولادي، حتى ولو أخطئوا وإنحرفوا وضاعوا فأنا سوف أتدخل وأضبط إرادتهم المريضة، لا تنظر إلى نصف الحقيقة أيها الكاهن، فهذه الأم التي تنيحت كان سيصبح هناك خطر على أبديتها لو إستمرت أكثر من هذا في الحياة، وعلى الرغم من الضياع الذي قد يهدد أطفالها بعد نياحتها، لو إستمرت هذه الأم في الحياة لكانت أعثرت أولادها وكانوا سيتعرضون إلى ضياع أكثر بكثير من حالهم بسبب غيابها عنهم). فقام الكاهن في الحال وأمسك الشورية في يده، وإتجه نحو الشرق وهو يصرخ مقدمًا الشكر لله.