في أطار أحتفالات بطريركية الروم الأرثوذكس بالاسكندرية، بمرور 16 عاما على أنتخاب قداسة البابا ثيودروس الثاني بطريركًا رقم 126 على الإسكندرية وسائر إفريقيا.
قال المطران نقولا أنطونيو المتحدث الرسمي باسم بطريركية الروم الأرثوذكس في كلمته للبابا ثيودروس الثاني يُشرفني أن أتكلم اليوم في هذه المناسبة التي هي ليست لذِكْر، وتعداد أعمال صاحب الغبطة البابا ثيودرورس الثاني خلال خدمته التبشيرية في أفريقيا، أو منجذاته خلال ترأسه العرش الإسكندري. بل إن هذه المناسبة هي مرور سته عشر عامًا مباركة على انتخاب صاحب الغبطة لتَرَأُس بطريركيتنا المحبوبة، بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا.
تعود معرفتي بصاحب الغبطة إلى ما قبل انتخابه بابا وبطريركًا على العرش الإسكندري عندما كان متروبوليتًا للإبراشية زيمبابوي، وكان ذلك في اجتماعات المجمع المقدس بالإسكندرية.
فقد كنت ألاحظ خلال إجتماع المجمع المقدس إهتمام مثلثات الرحمات البابا بتروس السابع بآرائه، حيث كان يستمع له ويناقشه، فيما يُعرضه من أمور تخص أفريقيا لما له من خبرة في الخدمة التبشيرية في هذه القارة، لأنه كان أسقفًا على القيروان (تونس) ثم متروبوليتًا على الكاميرون وبعد ذلك متروبوليتًا على زيمبابوي.
كما أن علاقته مع جميع مطارنة الكرسي الإسكندري علاقة مودة واحترام لما يتميز به من شخصية متواضعة مُحبة كلها مودة للجميع، ولما له من روح الدعابة المُحَبَبَة. في هذا إسمحوا لي غبطتكم أن أذكر موقف يؤكد على ما ذكرته؛ ففي إحدى اجتماعات المجمع المقدس، في هذه الاجتماعات يكون الجو العام جَديّ لما يُطرح فيه من مواضيع تختص بالبطريركية وبإبراشياتها وعلى كل متروبوليت أن يقدم تقرير عن خدمته في الإبراشية خلال العام ويُناقشه فيه رئيس المجمع البابا البطريرك وأعضاء المجمع.
وهذا يكون أيضًا خارج إجتماع المجمع في اللقاءات الثنائية فيما بين المطارنة، في هذا الجو العام الجَديّ وجميع المتروبوليتية كانوا في مكتب الوكيل البطريركي يتناقشون فيما بينهم، دخل متروبوليت زيمبابوي (صاحب الغبطة حاليًا) وهو يحمل كيس على كتفه وهو يضحك مناديًا على الجميع “تعالوا تعالوا”. فسادت روح المرح بينهم. وفتح الكيس وأخذ يوزع على كل واحد ظرف به بعض المال مقدم من البطريركية من أجل مصاريف الانتقالات.
بعد نياحة البابا بتروس كان على المجمع المقدس إختيار من يتحمل مسؤلية ترأس العرش الإسكندري من بين الذين رشحوا أنفسهم من بين أعضائه، لأن قانون البطريركية يوجب أن يكون المُترشح للعرش الإسكندري والمُنتخبين من أعضاء المجمع المقدس فقط. وكان المرشحون من قدامى المتروبوليتية وكل منهم له تاريخ طويل في خدمته للبطريركية ومشاركته المجمعية. لهذا لن أقول أن الاختيار بين المطارنة المتقدمين كان أمرًا سهلاً، فقد كان الاختيار بينهم صعب بسبب كفاءة كل منهم وطول مدة خدمته وخبرته.
قبل الانتخابات كان جميع المطارنة المرشحين أنفسهم في حالة ترقب لما سوف يُسفر عنه الانتخاب. وبالطبع كان كل منهم يُدرك حجم المسؤولية التي عليه أن يتحملها؛ لأن من سيكون على رأس الكنيسة هو مسؤول أمام الله عن هذه الذخيرة المقدسة وشعبها.
في يوم الانتخاب إقيمت صلاة جماعية هنا في دير القديس سابا البطريركي لأعضاء المجمع المقدس ترأسها القائم مقام البطريركي، وبعد الصلاة أُجريت الانتخابات وكانت سرية. بمعنى أن المنتَخِب لم يكن يُعلن اسم الشخص الذي انتخبه، بل كان يَكتب الاسم على ورقة وتوضع الورقة سلة، بعد ذلك فُرزت الأصوات وأُعلن اسم المُنتخَب وكان ثيودروس متروبوليت زيمبابوي، الذي نال أكثرية أصوات المطارنة الذين انتخبوا.
عد ذلك رفعت الصلوات في الكنيسة على هذا الاختيار. وتَلا ثيودروس أمام أعضاء المجمع الحضور تعهدًا، والذي يتلوه كل من يُنتخب بابا وبطريركًا، بالحفاظ إستقامة الإيمان الأرثوذكسي وعلى الوديعة التي أُوكلت له. ثم توالى الحاضرون أعضاء المجمع، وفي مقدمتهم المرشحين الآخرين، يُهنؤونه على الثقة التي نالها باختياره ومتمنين له أن يوفقه الله في مسؤوليته الجديدة، وتوالت برقيات التهنئة لغبطته من الهيئات الكنائسية والسياسية والمدنية الأرثوذكسية وغير الأرثوذكسية.
صاحب الغبطة البابا ثيودروس، خلال الستة عشر عامًا الماضية لمس محبتكم جميع أبنائكم باختلاف لغاتهم وانتماءاتهم القومية المتعددة في القارة الأفريقية. وذلك لاهتمامكم بالأمور الروحية والإنسانية لجميع الرعايا. كما أن مشاركتكم في المحافل الدولية رفعت من شأن بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا.
وقد حملني أبناء رعيتكم الأرثوذكس الناطقين بالعربية في مصر أن أعرب لغبطتكم باسمهم عن تقديرهم لشخصكم الكريم المبارك، لمحبتكم التي تتجلى فيما تولونه تجاههم من اهتمام بأمورهم الروحية والكنائسية.
بهذه المناسبة أتقدم يا صاحب الغبطة البابا ثيودروس لأعلن لكم عن محبتي القلبية وتهنئتي، وتمنياتي الحارة أن يمدكم الله بدوام الصحة، ويمدكم بالقوة لتستمروا في مسيرتكم المقدسة في إعلاء شأن بطريركية بطريركية الإسكندرية الأرثوذكس، بما لكم من حكمة.