لو كنت أقدر أن أترك محبة الخطية, لرجعت إليك منذ زمان.. فخلصني أنت منها, لتقودني في موكب نصرتك..
انزع محبتها من قلبي, وانزع سيطرتها من إرادتي…
انضح علي بزوفاك فاطهر, واغسلني فأبيض أكثر من الثلج.. كما أعطيني يارب الوصية, أعطني القوة علي تنفيذها…
صدقوني يا إخوتي, أن الإنسان الناجح في صلاته, هو الإنسان الناجح في توبته.
وصدق مار إسحق حينما قال: إن الذي يظن أن هناك طريقا آخر للتوبة غير الصلاة, هو مخدوع من الشياطين.
ذلك لأنك بالصلاة, تأخذ القوة التي ترجع بها إلي الله.. لذلك اغصب نفسك علي عمل الصلاة, أكثر من أي عمل روحي آخر.. وفي صلاتك صارع مع الله.. جاهد معه وناقشه, حتي وأنت في خطيئتك التي تريد التخلص منها..
صمم في صلاتك, أن تأخذ من الله القوة لترجع إليه…
البعض يظن أنه في صلاته يعطي!.. يعطي الله كلاما ووقتا ومشاعر.. بينما الصلاة في عمقها هي عملية أخذ.. تشعر فيها أنك قد أخذت من الله متعة روحية, وبركة, وقوة ومعونة, وقدسية في الحياة.. بل يكفي أنك أخذت في وقت الصلاة صلة به…
والله مستعد أن يسمع لصلاتك ويعطي, ولكن المشكلة هي:
إن كثيرين لا ينتظرون في صلواتهم, حتي يأخذوا…!
الواحد منهم يقول كلمتين في صلاته.. ثم يسأم بسرعة.. ويمل البقاء في الصلاة.. ويمضي دون أن يأخذ شيئا!.. والله ينظر إلي هذا (المصلي) كيف مضي هكذا سريعا ولم ينتظر ليأخذ, ولو وعدا, ولو عزاء…
أمسك بالله إذن.. وقل له لا أتركك… لا أتركك حتي أشعر أنك قبلتني إليك, وأرجعتني إليك وإلي محبتك.
الصلاة تحتاج إلي طول بال, تحتاج إلي صراع مع الله, تثبت به.. أنك جاد في طلبتك, وجاد في طلب التوبة, وفي طلب المعونة للرجوع, بحيث إن استجاب الله وأعطاك قوة, سوف تستخدمها حسنا ولا تهملها…
ناقش الله ـ بدالة ـ في صلاتك وقل له:
هل يفشل الضعفاء في الوصول إلي ملكوتك يارب…؟
هو ذا أنا ضعيف, عاجز بذراعي البشري عن الوصول, فأمسك أنت بيدي, ولا تتركني لضعفي, واغسلني وطهرني, كما غسلت وطهرت غيري… ألم تقل: اسألوا تعطوا… 0مت 7:7)… هو ذا أنا أسأل… ألم تقل: كل ما طلبتوه. من الآب باسمي يعطيكم… (يو 16:23)؟
.. هو ذا أنا أطلب…
أنا يارب, سأتمسك بجميع وعودك: وأطالبك بها…
علي الأقل سأتمسك منها بقولك:… أعطيكم قلبا جديدا, وأجعل روحا جديدة في داخلكم.. وأنزع قلب الحجر من داخلكم وأعطيكم قلب لحم, وأجعل روحي في داخلكم.. وأجعلكم تسلكون.. في فرائضي, وتحفظون أحكامي: وتعلمون بها ـ .. ـ مز 39: 26, 27..
أين هذه الوعود بالنسبة إلي أنا يارب..؟
هوذا أنا واقف هنا, ممسكا بقرون المذبح…
الذين يصلون دقيقتين ثم يمضون: أنا لست واحدا منهم. أنا مرابط لك هنا يارب. لن أترك صلاتي, حتي أخرج منها وقد أنعمت علي بالتوبة وأرجعتني إليك.
ومع ذلك اغفر لي يارب جرأتي, فأنا ابن صغير لك. وإن كنت قد ضللت عاملني كابن صغير لا يعرف شيئا. وأنت ـ كأب شفوق تعرف كيف تعطي أولادك عطايا حسنة (مت 7:11)!.
هكذا جاهد مع الله: باللجاجة, بالتذلل, بطول الأناة, بالدالة, بالبكاء, بالنقاش, بأية الوسائل… حتي تأخذ…
بمثل هذا الصراع, ثق أنك ستأخذ من صلاتك: أو في صلاتك: عزاء وحرارة, وتشعر أن موضوع الانفصال عن الله قد انتهي تماما, وأنك لم تكن تكرر الكلام باطلا كلا إنما كنت تسكب نفسك سكبا أمام الله, كما فعلت حنة أم صموئيل.
كانت تصلي صلاة. وتبكي بكاء وتنذر نذرا ولم تخرج من الهيكل إلا وقد أخذت وعدا. بأن الرب قد أعطاها سؤل قلبها… 1صم 1:10,..17
هكذا أنت, لا تخرج من صلاتك, إلا وقد كونت علاقة جديدة مع الله, ورجعت إليه.
وطبيعي. ليس ممكنا لك ـ بعد صلاة كهذه أن تترك الصلاة وتخطئ إلي الله ستخجل لابد من صلاتك. ومن قولك لله. لاأتركك
وهكذا فإن الصلاة تعلم التوبة, وتقود الإنسان في الرجوع إلي الله وإلي محبته.
ولكنك لعلك تقول: ليست لي الحرارة التي أصلي بها.
نصيحتي لك أن تصلي كما أنت وقل له:
سامحني يارب إن كنت أصلي بدون حرارة. فأنا أصلي بالفراغ الذي في قلبي. وأنك الذي تعطيني الحرارة. أنت الذي تسكب نارك المقدسة في قلبي… خذ صلاتي كما هي, بنقصها, فالأمور لا تبدأ كاملة. والكل هو من عندك.
أنا أصلي, ولو بدون روح! وأنت تمنحني الروح من عندك.
هل أخطئ وأقول لك يارب إنني بذراعي البشري وبإرادتي المنحلة سأتحول إلي إنسان روحي.. كلا إنما أن بقوتك: وبركتك: ونعمتك وروحك القدوس سأصير في الصورة التي تريدها لي, بقيادتك أنت, تمسك يدي.. وتقودني كما تقود طفلا صغيرا يتعلم المشي.. أريدكم أن تصلوا هكذا وتأخذوا من الرب.
وأنصتوا في صلواتكم إلي صلوات الله, يتكلم في قلوبكم.
كما قال داود في مزموره إني أسمع ما يتكلم به الرب الإله لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه. وللذين رجعوا إليه بكل قلوبهم.. مز 84..
كان يبدأ المزمور بالطلب ويشعر بالاستجابة. فينهيه بالشكر يقول.. يارب لا تبكتني بغضبك ولا تبكتني بسخطك ولكنه في نهاية المزمور يقول ابعدوا عني ياجميع فاعلي الإثم فإن الرب قد سمع صوت بكائي. الرب سمع تضرعي. الرب لصلاتي قبل مز 6..
هذه الصلاة, هي التي تشعر بها أن الحاجز المتوسط, الذي بينك وبين الله قد زال..
وتشعر أن ملائكة صاعدون علي السلم الإلهي بصلاتك. ونازلون ومعهم ما تطلب.. تك 28ـ.12
تشعر بيد الله تمتد. لتمسح كل دمعة من عينيك وتتحقق فيك طلبة داود النبي في المزمور الكبير لتدخل طلبتي إلي حضرتك.. مز …119 وهكذا تشعر أن واحدا من الأربعة والعشرين كاهنا قد أخذ صلاتك ووضعها في مجمرته الذهبية وأصعدها بخورا زكيا إلي عرش الله رؤ 5ـ..8
تشعر أن واحدا من السارافيم, قد أخذ جمرة من علي المذبح, ومسح بها شفتيك وقال لك: قد انتزع إثمك. (أش 6:7,6).
نعهم بمثل هذه الصلاة يمكنك أن ترجع إلي الله…
فلنصرخ إذن إليه ونقول.. أرددنا يا إله خلاصنا.. مز 85:..4 أردد سبينا مثل السيول في الجنوب.. حينئذ يمتلئ فهمنا فرحا ولساننا تهليلا ونقول… عظم الرب الصنيع معنا فصرنا فرحين.. مز 126: 2,4:..3