كان بولس الرسول يحث تلميذه قائلا:تمسك بالإيمان وبالضمير الصالح, هذا الضمير الذي تخلي عنه بعضهم فانكسرت بهم سفينة الإيمان(1تيموثاوس1:19) إن الكاتب العظيمManzoni الذي كان موضوع فخر إيطاليا وعزتها عندما وصل إلي أوج الشهرة والمجد,بدأ يحكي الحادثة التي غيرت اتجاه حياته,قائلا: عندما كنت شابا التحقت بإحدي المدارس الراقية,ولكنني ضعفت في أحد الأيام وكنت أنوي أن أمدي يدي خلسة لأحصل علي بعض الفاكهة من المخزن,ثم نظرت أولا يمينا ويسارا للتأكد من عدم وجود أي شخص يراقبني, وعندما فتحت باب المخزن وجدت أمام عيني لوحة مكتوب عليها:الله يراك! فخجلت من نفسي وانسحبت دون أن آخذ شيئا.
لقد أفاق ضميري, ومع الضمير عزة النفس وعزم الإرادة, فتغلبت علي جشعي, واستعدت السيطرة علي جوعي مما لاشك فيه أن هذه الكتابة كانت بمثابة درس له مدي الحياة وكانت تذكره بحضور الله في كل مكان وزمان كما أنها كانت تساعده علي التصرف باستقامة وأمانة في جميع أعماله وكلمةالله يراك لم تفارقه أبدا بل كانت توجهه للسلوك الشريف والعمل الجدي,احتراما وتقديرا لله الذي يري في كل حين وخشية من إهانة الله بعدم أمانته, من منا يستطيع أن يقتل ضميره؟ أو من يقبل بقول الناس عنه:أنه شخص بلا ضمير؟ من الممكن أن بعض الأشخاص يضعون ضمائرهم جانبا لفترة معينة,وأن يخدروه بما يقومون به من أعمال لا تتفق مع شريعة الله ولا الشرف, ولكن سيأتي اليوم الذي يرتفع فيه صوت الضمير, فلا يعلو عليه شيء.
ويفيق من تخديره ليكوي القلب بوخزه, وينغص الحياة بتأنيبه.
كما أن الضمير لن يكف عن الوخز والتأنيب إلا عندما نوفيه حقه ونرد له كرامته وكما يقول أحد الأشخاص:ضميري هو حياتي فانزع مني الضمير تفارقني الحياةأي إنسان يستطيع أن يستطعم الراحة والسعادة مادام ضميره غير راض أو مرتاح؟وما الضمير إلا صوت الله في داخلنا, من يستطيع أن يقاوم الله؟! فالضمير هو الصوت الداخلي الذي يحثنا ويوجهنا لعمل الخير والصلاح, كما أنه يساعدنا علي القيام بواجباتنا وعملنا والتعامل مع الناس دون غش أو خداع, ودون الهروب من المسئولية الموكلة إلينا.
لكن الإنسان الذي لايخاف الله هو شخص بلا ضمير, وماذا ننتظر ممن لا ضمير له؟! أيستطيع أحد أن يثق فيه؟ بينما الإنسان صاحب الضمير الحي لايرضي بمخالفة وصايا الله بل يسعي للتخلص من كل ما يسيء وللبشر.
فالضمير هو أفضل كتاب للأخلاق لذا يتحتم علينا دوما تصفحه والتقيد بتعاليمه, إذا أردنا أن نعيش حياة هنيئة مرضية ,فالله منح كل واحد منا ضميرا حيا يساعده علي التمييز بين الخير والشر,لكنه ترك لنا ملء الحرية للتعاون مع نعمته في سبيل خلق عالم أفضل ننعم به جميعا أو نتصرف بما يخالف ضميرنا ونتبع روح الشر الذي يسبب الشقاء والبلاء لنا وللآخرين مما لاشك فيه لو أن كل إنسان يصمم علي أن يعيش بوحي ضميره, لأصبحت الأرض نعيما وملأت السعادة والمحبة قلوب جميع البشر فالضمير لايقبل إلا عمل أفضل الأشياء سواء تصرفات الإنسان أو واجباته المطلوبة منه كل شخص منا يشعر في داخله, بهمس روحاني يحثه علي عمل الخير ويبعده عن التمسك بالشر والانقياد لهذا النداء الداخلي أو صوت الضمير هو الوسيلة المثلي لتهذيب سلوك الإنسان وضبط النفس, كما أنه يساعد علي راحة البال وصفاء القلب وطمأنينة الإنسان,ويجب أن نضع في الاعتبار أنه لا جدوي من محاولة نسيان ما ارتكبنا من خطأ, أو نعمل علي إسكات ضميرنا, وليس الخوف من عقاب البشر هو الذي يدفع لتوبيخ الضمير فالبشر يمكن أن يجهلوا ما ارتكبناه, أو لا يستطيعون أن يعاقبونا لكن تقريع الضمير هو صوت الله في داخلنا, يوبخنا علي كل ما لايتفق مع الخير والفضيلة في تصرفاتنا ويجعلنا نحب الخير ونشعر بالرضي والراحة والطمأنينة كما أنه يجعلنا نكره الشر ونعيش في خوف وقلق عندما نتصرف بما يخالف وصايا الله, وإذا لم نعمل بما يمليه الضمير فلا جدوي للتفاهم معه لأنه سيكون بمثابة محكمة داخل أنفسنا تنطق أحكامها دون محاباة لأن محكمة الضمير لاتخطئ أبدا ونختم بالقول المأثور:النمر يمزق فريسته ثم يغفو راضيا مرتاحا بينما الإنسان الذي يقتل ضميره ,لا يعود يذوق طعم الراحة.