الحرب النفسية ضد الشعوب هي حرب غير منظورة, تستخدم الأساليب المعنوية للتأثير علي العدو وهزيمته, وهي تستخدم الدعاية الرمادية من أجل تضليل الرأي العام حول القضايا المختلفة, إذ تحيط القضية الواحدة بمئات الآراء والأقاويل, وتسعي لإشاعة الفرقة بين ذوي الآراء المختلفة, كما تشجع علي المعارضة من أجل المعارضة, وتسعي لخلق أزمات وصراعات داخلية من أحداث بسيطة, وكذلك تسعي للتشكيك في نوايا المسئولين وإخلاص القادة وتعمل علي تصدير حالة من الإحباط والريبة.
من الرائع أن نقول إننا انتصرنا في حروبنا, ولكن الحرب لم تنته بعد, فإن انتهت الفكرة التقليدية للحروب المرتبطة بسفك الدماء نواجه في وقتنا هذا حربا خفية مقنعة غير نمطية هدفها إحباطنا وزيادة قلقنا وكسر إرادتنا.
قد تتخفي الحرب النفسية وراء فكرة أو خبر أو إشاعة أو دعاية لأمر بطريقة معينة, من أجل تعديل آراء الناس وغسيل أدمغتهم والحشد لوجهة نظر معينة دون عرض الأخري, وكما تستهدف الحروب العادية إنهاك الخصم وإضعاف قدرته القتالية ثم هزيمته, تستهدف الحرب النفسية كسر إرادتنا.
وبتكرار نفس الرسالة بطرق متنوعة, والإبقاء علي جزء غامض منها لتجتذب الرأي العام نحوها وبمحاولة تجميل مصدر الرسالة كمصدر موثوق ومقبول يتم بث السم في العسل.
فبحجة حرية التعبير يتم إساءة الأدب, وبحجه حرية تداول المعلومات يتم التمثيل بالمناطق الفقيرة, والحشد ضد الدولة بسبب المشكلات المعيشية كانخفاض مستوي المعيشة وقلة المساكن والفقر, وفي نفس الوقت يتم تصدير صورة براقة لفئة معينة في المجتمع لا تعاني تسكن الكمبوندات تتمتع بكل شيء مما يثير الحنق الطبقي.
وتعمل الحرب النفسية علي إضعاف الثقة بالذات وبالقيادات وتخفيض حماس الناس للعمل, وخلق حالة انهزامية تجعلهم مقتنعين بعدم جدوي المشروعات القومية الكبري وعدم جدوي الإصلاح الاقتصادي وعدم جدوي مكافحة الفساد.
ورغم كل ما يتم إنجازه علي مستوي الأرض إلا أن كثيرين لا يرونه, بسبب الحرب النفسية التي تعمل علي إضعاف الحالة المعنوية, ورغم ما يتم الإعلان عنه من نزاهة وشفافية في الانتخابات إلا أنهم وبسبب غسل أدمغتهم لا يذهبون لصناديق الاقتراع, فقد نجح شيء ما في حثهم علي التفكير أنه مهما فعلوا لن يتغير شيء.
والحرب الدعائية تسعي لتكريس عدم الاحترام للقيادات أو لمقدسات الدولة, كما اتخذ البعض من خبر نشرته وسائل التواصل الاجتماعي عن قرار وزيرة الصحة بإذاعة النشيد الوطني في المستشفيات, مادة للسخرية والفكاهة.
وهي محاولة لتشويه صورة المسئولين, بتفسير تصريحاتهم بأكثر من معني أو بإلصاق تصريحات لم يقولوها والتصريحات غاية في السذاجة للتكريس لفكرة أن المسئولين غير كفؤ وقاصرون ولا يدركون أو يعرفون أبسط الأشياء بما يقود الجمهور لاستنتاج أن الحل في المعارضين فهم أحق وهم أدري.
وهي حالة من المقارنة الدائمة بين أحوال شعبنا وبعض الشعوب الأخري, رغم اختلاف ظروفهم المعيشية والمجتمعية, هي تكريس لصورة أن الآخر أفضل دائما وأن الآخر صديق دائما وليس عدوا, فلنحذر الحرب دائرة.