كيف تعد ابنك الصبي لمرحلة البلوغ؟ مسكين كل ابن يُترك وحده ليواجه ما يحدث فيه ومعه من تغييرات مع بداية مرحلة البلوغ.. فما يُقلق الصبيان أن هذه التغيرات تحدث عادة بين يوم وليلة عندما تبدأ الغدة النخامية بسرعة في دفع كل جزء في الجسم ليتحرك، بحيث يبدو الجسم في الداخل وكأنه في سباق وهو يحاول أن يتجاوب مع ما تمليه عليه الهرمونات المتدفقة فيه. تصل هذه التغيرات لذروتها بعد حوالي سنة من بدء البلوغ.. ومع أنها لم تكتمل حتى النضج في هذه المرحلة، إلا أن الابن الذي كنا نعرفه كطفل لن يكون هو نفس الشخص الذي يعيش معنا الآن في البيت!
ما أخطر أن نتأخر في الحديث مع ابننا عما يمكن أن يتوقعه عند دخوله لمرحلة البلوغ.. فلماذا ننتظر أن يسمع عنها من آخرين، بينما يمكننا كأبوينأن ندعمه بالمعرفة التي تُمكِّنه من التعامل مع تحديات المرحلة على أساس صحيح! والسؤال: تُرى ما الذي يجب أن نتحدث عنه لكي نؤكد لأبنائنا أن مظاهر التغير هذه مؤقتة وطبيعية؟
• تغير الصوت: تتأثر الحنجرة بالبلوغ، فتنمو الأحبال الصوتية مما يسبب “حشرجة” في الصوت، وهذا عادة يسبب حرجًا للصبي.. لنؤكد لابننا أنه مع الوقت سيكتسب صوته نبرة مستقرة عميقة ورجولية.
• الشعر: تتغير طبيعة الشعر بصفة عامة، كما ينبت في الذقن، وتحت الإبط، والساقين والذراعين، وفي المنطقة الخاصة في جسمه.. هذا دليل على أنهم سريعًا سيصبحون رجالاً.
• الاحتلام: قد يستيقظ الصبيان في الصباح فيجدون ملابسهم الداخلية مبتلة قليلاً بسبب القذف اللاإرادي للسائل المنوي أثناء النوم. ومعظم الصبيان يشعرون بالحرج، بل وبعضهم يشعر بالذنب بسبب الاحتلام. ما أهم أن نشرح للصبي أن هذا لا يعني أنه قد عاد ليبلل فراشه كالأطفال،كما أن هذا لا يعني أنه قد ارتكب خطية؛ فالاحتلام يحدث بسبب تزايد إفراز هرمون الذكورة في الجسم. يحتاج ابنك أن تؤكد له أنه لا يوجد ما يمكن أن يعمله لكي يمنع الاحتلام، طالما أنه يعمل جاهدًا للحفاظ على نقاوة عينيه وعقله أثناء ساعات اليقظة. وبقدر ما يعرف الابن أن أبويه يدركان أن هذا الأمر طبيعي يستطيع أن يكون في سلام مع نفسه.. فبادر بالحديث مع ابنك عن هذا الأمر.
• الانتصاب اللاإرادي: في هذه المرحلة يتكرر الانتصاب عند الصبيان تلقائيًا، حتى دون أن يلمسوا العضو الذكري، أو أن يكون لديهم خيالاتجنسية. وهذا الانتصاب غير المتوقع يسبب لهم حرجًا شديدًا، خاصة عندما يحدث أثناء وجودهم مع آخرين. فعلى الوالدين التعامل مع هذه الظاهرة ببساطة وبدون سخرية لأنها تحدث مع كل الصبيان بينما يكبرون؛ ولنؤكد لأبنائنا أنه مع الوقت، ونضج المشاعر، وانتظام النشاط اليومي ستصبح أقل حدوثًا.
• حجم الجسم: ينمو جسم الصبي بسرعة شديدة أكثر من أي وقت مضى.. فيشعر بالتوتر بسبب هذا التغير السريع، خاصة عندما لا يبدو أمام المرآةبالرشاقة التي كان عليها. كذلك فإن ثديي الصبي يتورمان ويؤلمانه.. وهنا لابد أن يعرف الابن أن هذا ليس بسبب مرض بل بسبب تأثير الهرمونات، وجسمه سريعًا ما سيتناسق معًا، وأن ثدييه سيعودان إلى حجمهما الطبيعي.
• مشاكل الجلد: تحدث تغيرات كثيرة في الجلد، فيصبح الجلد دهنيًا بصفة عامة، وتظهر رائحة العرق، وتبدأ حبوب الشباب والبثور السوداء في الظهورفي الوجه.. هنا يأتي دور الأب في مساعدة ابنه على فهم ضرورة النظافة الشخصية المنتظمة، والتأكيد له أن حالة جلده ستتحسن مع الوقت.
• الشعور بالإرهاق: مظهر آخر للبلوغ يحتاج الأبوان لفهمه حتى لا يكونافي صراع مع ابنهما -ابنتهما أيضًا- هو ما يسمى بـ “إرهاق البلوغ”.. والذي يعني الميل للنوم والفقدان السريع للطاقة أكثر من المعتاد. هذا لأن الجسم يستهلك الكثير من طاقته في عملية النمو، فلا يجب أن نلوم أبناءنا، بل نشجعهم على الراحة لفترات أطول حتى تستقر الأمور في داخلهم.
في كل هذه النقاط، وغيرها من التغيرات المصاحبة لهذه المرحلة، رجاءً لا داعي لأي نوع من الحديث بسخرية حول أي منها، والتي كثيرًا ما تُثار على سبيل الدعابة، لكنها في الواقع تبعث برسالة مهينة، وتضيف إلى أزمة الثقة بالنفس التي يصارع معها الابن بالفعل في هذا الوقت. أخيرًا، ومن أهم ما يمكن أن نُعد الصبي له قبل مرحلة البلوغ هو خطورة الانسياق إلى علاقات غير سوية مع الجنس الآخر.. فالعفة هي السبيل الوحيد لمستقبل أفضل، ولهذا حديث آخر في المرات القادمة.