اجتمعت مؤخراً لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى المصرى برئاسة طارق عامر ، حيث تم خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بنسبة 0.5% للمرة الأولى بعد 4 مرات متتالية من التثبيت، لتصل إلى 8.75% للإيداع، و9.75% للإقراض، وذلك بعد أن اجتمعت يوم الخميس للمرة الثامنة هذا العام .. وكانت آخر مرة خفض فيها البنك المركزي أسعار الفائدة هذا العام بنسبة 3% في 16 مارس الماضي حيث كان خفضا استثنائيا استباقيا في اجتماع طارئ من أجل مواجهة التداعيات التي كانت منتظرة من أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وكانت مجموعة من البنوك الحكومية الكبرى قد قررت – قبل قرار الخفض- وقف الشهادات البلاتينية السنوية والتي كان يصل عائدها إلى %15، بالإضافة إلى تخفيض قيمة شهادات الاستثمار الصادرة عن بنك الاستثمار القومي، وهى شهادة المجموعة (ب) للأفراد، التي كانت تصدر من البنك الأهلي المصري، لتصبح 10.25 % لمدة عام بدلاً من 13%، و 10.5% لمدة عامين بدلاً من 14%، و10% لمدة 3 سنوات، بدلاً من 12% ، وكانت إحدى العوامل التي دفعت البنك المركزي لاتخاذ قراره بخفض الفائدة هو المعدلات المنخفضة التي سجلها التضخم خلال الشهور الأخيرة، حيث تراجع معدل التضخم السنوي لأقل مستوى له خلال آخر 9 أشهر ، أما العامل الثاني الذي أشار البنك المركزي إلى استهدافه من قرار خفض أسعار العائد الأساسية هو أن ذلك يوفر الدعم المناسب للنشاط الاقتصادي في الوقت الحالي، خاصة بعد تراجع معدلات نمو الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة بسبب تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد الحقيقي.
-انخفاض معدل التضخم:
وقال البنك المركزي ، إن المعدل السنوي للتضخم العام في الخضر انخفض ليسجل 3.4% في أغسطس 2020 مقارنة بـ 4.2% في يوليو 2020، وهو ثاني أدنى معدل مسجل – بعد أكتوبر 2019- منذ ما يقرب من أربعة عشر عامًا. واستمر انخفاض التضخم مدعوما باحتواء الضغوط التضخمية، والذى يرجع الى انخفاض المساهمة السنوية للسلع الغذائية بدرجة تفوق ارتفاع المساهمة السنوية للسلع غير الغذائية ، وأضاف : إن ذلك جاء مدفوعًا بانخفاض أسعار الخضراوات الطازجة على خلاف نمطها الموسمى للشهر الثانى على التوالي. وبالتالي ظل المعدل الشهري للتضخم في الحضر يعكس انخفاض أسعـار السلـع الغذائيـة وارتفاع أسعار السلع غير الغذائية للشهر الرابع على التوالي ، وفى ضوء ذلك، ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسى ليسجل 0.8% في أغسطس 2020 مقابل 0.7% في يوليو 2020.
-الإقتراض بأسعار مناسبة:
وقال نعمان خالد، محلل اقتصادي ومساعد مدير بنك استثمار أرقام كابيتال، إن قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة له عدة دلالات من أبرزها أن المركزي مطمئن لعدم خروج استثمارات الأجانب الحالية في أدوات الدين، وخاصة مع استمرار العائد المرتفع الذي توفره هذه الأدوات حتى بعد الخفض.
ويرى “نعمان” أن خفض البنك المركزي للفائدة بهذه النسبة سيسهم في خفض التكلفة المرتفعة على أدوات الدين المحلية وهو ما يعود على الدولة وأيضا يحافظ في الوقت نفسه على جذب استثمارات الأجانب في هذه الأدوات، وهو ما يصنع حالة من الموازنة ، مشيراً إلى الرسالة الأخرى المتعلقة بخفض الفائدة هو بدء توفير بديل للعملاء من أجل الاقتراض بأسعار مناسبة عند إلغاء بعض المبادرات التي يطرحها البنك المركزي لتمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة بفائدة تصل إلى 8% متناقصة، خاصة إذا أعقب هذا الخفض خفض آخر من المركزي بنصف نقطة مئوية قبل نهايةالعام.
كما أن هذا الخفض يأتي في وقت تتسم فيه شهية الاقتراض لدى القطاع العائلي بأنها محدودة خاصة مع حالة عدم اليقين السائدة بشأن مستقبل الاقتصاد والوظائف والدخل تزامنا مع ارتفاع معدل البطالة، وبالتالي من المتوقع أن يكون تأثير هذا الخفض ضعيفا لتشجيع هذا القطاع على زيادة الاقتراض.
-إستفادة القطاع العقارى:
وعلق محمود إبراهيم، الخبير الاقتصادي، قرار البنك المركزي وعدة من البنوك الحكومية الكبرى بتخفيض نسبة الفوائد على الشهادات بقٌبلة الحياه للقطاع العقاري المصري والذي عانى ركودًا غير مسبوق خلال الشهور السابقة جرَاء تفشي فيروس كورونا المستجد ، موضحاً أن قرار تخفيض الفوائد على الشهادات يُعد لتوجه مدخري الأموال للاستثمار في العقارات بدلًاً من الشهادات البنكية ، مشيراً للتأثير الإيجابي على عدة أسواق جراء قرار خفض الفوائد ، موضحًا أن الإنتعاش لن يكون محصورًا على القطاع العقاري فقط .
وقالت منى بدير إن خفض الفائدة قد يستهدف إيصال رسالة أكثر منه تحقيق أهداف فعلية على مستوى الاقتصاد، حيث يريد المركزي بهذا الخفض طمأنة الأسواق على استئناف دورة التيسير النقدي، وأن المركزي لن يتأخر في دعم الاقتصاد، خاصة أن هذا الخفض يتزامن مع انخفاض معدلات التضخم حاليا، وذلك قبل أن تقع تحت بعض الضغوط خلال الربع الأخير من العام الجاري.
-عكس التوقعات:
وبعكس ما تم إتخاذه على أرض الواقع ، كانت إدارة البحوث بـ “ إتش سي ” للأوراق المالية والاستثمار، قد توقعت أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير .. وقالت مونيت دوس محلل أول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بـ ” إتش سي” : ما زالت مستويات التضخم تحت السيطرة حيث جاءت أقل بكثير من مستهدف البنك المركزي عند 9% وأيضاً أقل من توقعاتنا السابقة عند 4.2% لشهر أغسطس على أساس سنوي، ذلك بسبب انخفاض أسعار الأغذية وضعف إنفاق المستهلك من وجهة نظرنا .