مدير مكتب الشكاوى بقومى المرأة : ما يقارب من 38 ألف شكوى خلال هذا العام الجاري
النقيب أحمد شاكر : الوقاية خير من العلاج وعلى الأسر حماية أطفالهم مع زيادة أعداد البلاغات
هبة عادل : على مباحث الإنترنت الاستعانة بضابطات حتى يستطعن الفتيات رواية الحقائق
بسمة محمود : ناجية وليست ضحية ونحتاج الى وعى مجتمعى لدعم هذه الفتاة وأسرتها
مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كالإنستغرام ، الفيس بوك، التويتر والسناب شات وغيرها ، ظهر ما يسمى “الابتزاز الإلكتروني” وهو الابتزاز الذي يتم باستخدام الإمكانيات التكنولوجية الحديثة ضد الضحية كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة، وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو برامج التواصل الاجتماعي المختلفة نظراً لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع. ونظراً لقلة انتشار الثقافة القانونية يلجأ الأفراد للصمت على هذه الجريمة الخطيرة خوفاً من الإشهار وتبعاته التي قد تكون سبباً للدمار النفسي الشامل للضحية الذي يؤثر سلباً على العائلة وبالتالي على المجتمع.
فقد أصبح وسيلة لتهديد وابتزاز الكثير من الأبرياء والتشهير بهم ، وخصوصا الفتيات والنساء لتحقيق مكاسب مالية او علاقات جنسية غير مشروعة، عبر مساومة الضحية وابتزازها مقابل عدم فضح أسرارها .
ورغم أن الابتزاز والتهديد جريمة يعاقب عليها القانون وطبقا لقانون العقوبات تصل عقوبة الابتزاز وفقاً للمادة 327 من قانون العقوبات ، بالسجن 3 سنوات، فى حالة وجود طلب مع الابتزاز، والحبس سنتين وغرامة 500 جنيه فى حالة الابتزاز بشكل تهديد سواء تضمن طلب معين أو لا. إلا أن مازالت الفتيات تقع فريسة للابتزاز والتهديد نتيجة الخوف من التشهير بها فى المجتمع .
تعريف الابتزاز
إن الابتزاز كمصطلح تعرف أنه “الحصول على المال أو المنافع من شخص تحت التَّهديد بفضح بعض أسراره أو غير ذلك وفي حال عدم استجابته لمطالب المُبتَز، حيث غالباً ما تكون المعلومات المستخدمة في عملية الابتزاز ذات طبيعة محرجة للضحية، ويمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تدمير حياته الاجتماعية”.
دور المجلس القومى
يقدم المجلس القومي للمرأة الدعم للفتيات خاصة اللاتي يتعرضن للعنف والتحرش ومتابعة ما يتم نشره على السوشيال ميديا والتحرك السريع فى حالة التأكد من الواقعة ، ويعمل المجلس على تقديم العون لهن والتواصل مع المسئولين لحل قضاياهم.
حول دور المجلس تحدثنا مع الاستاذة أمل عبد المنعم مدير مكتب الشكاوى في المجلس القومي للمرأة التى قالت أن دور المجلس في الدعم القانوني والنفسي لهؤلاء الفتيات و نوع المساندة وفق طبيعة كل حالة ولكنها تتمثل عامة في مساندة قانونية بالمشورة الفورية المجانية وفحص دقيق لموقف كل حالة ، وتوفير التمثيل القضائي (المجاني في حالة غير القادرات) من خلال شبكة من المحاميين المتطوعين تغطى كافة محافظات الجمهورية لاتخاذ ما يلزم مع الفتاة للوصول الى تمكينها قانونا بالإضافة لمساعدتها على تنفيذ تلك الأحكام بالتعاون مع وزارة الداخلية وإحالة البلاغات إلى النيابة العامة ومتابعتها .
بالإضافة إلى مساندة نفسية واجتماعية من خلال أخصائيين اجتماعيين ونفسين وفقا لطبيعة كل حالة والتعاون مع شبكة احالة وطنية تضم أغلب مقدمي خدمات الدعم النفسي والاجتماعي على مستوى محافظات الجمهورية لتقديم كافة مستويات ومراحل الدعم النفسي والاجتماعي وتبصير الفتاة وتمكينها من كافة الموارد الاجتماعية المتاحة بمجتمعها والتوعية وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة فيما يخص تعرضها للابتزاز الإلكتروني للفتاة نفسها او ذويها .
وعن كيف تلجأ الفتيات للمجلس ؟ أوضحت أن مكاتب شكاوى المجلس القومي للمرأة تتلقى كافة الشكاوى بكل سبل الورود التالية ، أو عن طريق المقابلة الشخصية بأحد مقرات المكتب على مستوى محافظات الجمهورية من الأحد إلى الخميس من 9ص حتى 3م ، أو من الخط المختصر 15115 من 9ص حتى 9 م طوال أيام الأسبوع ، بالاضافة الى تطبيق “الواتس أب” على رقم 01007525600 والبريد المصري والفاكس 68- 23490066 ، أو من خلال البريد الإلكتروني [email protected]، وايضا الصفحة الرسمية للمجلس القومي للمرأة على موقع التواصل الاجتماعي Facebook ، واثناء الحملات الميدانية والزيارات المجتمعية التي ينظمها المجلس بكافة محافظات الجمهورية .
وحول أعداد الفتيات التى تعرضن للابتزاز أكدت أن مكاتب الشكاوى تلقت حتى الآن على مستوى محافظات الجمهورية خلال هذا العام الجاري ما يقارب من 38000 شكوى بمختلف المجالات والتي تشمل الشكاوى الخاصة بتنفيذ الأحكام بمختلف تصنيفاتها والتي يتم فيها التعاون مع وزارة الداخلية لتنفيذها وبنسبة نجاح تتخطى 90% من إجمالي عدد الشكاوى الواردة بشكل عام .
وعن معوقات العمل في هذا الملف سواء اجتماعي أو قانونى ، أوضحت أنه من الناحية القانونية أهمها عدم تواجد مقرات لمباحث الإنترنت ببعض المحافظات ، و بالمحافظات المتواجد فيها مقر لمباحث الإنترنت تكون بداخل مديرية الأمن فقط مما تبعد جغرافيا عن بعض القرى والمناطق المجاورة .
ومن الناحية الاجتماعية والنفسية تأتى معظمها من الخوف/القلق الشديد الذى يؤدى إلى امتناع الفتاة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لتلك الجريمة خاصة في حالة وجود معرفة سابقة بين الفتاة والجاني مع عدم وجود دعم ومساندة من أهل الفتاة وذويها ، وفي الحالات التي تتكتم فيها الفتاة عن تعرضها للابتزاز لفترات زمنية طويلة دون مساعدة متخصصة تؤدى الى تفاقم المشكلات النفسية لديها مما يؤدى إلى حدوث عدم توازن واضطرابات بكافة جوانب حياتها مما يطيل فترة التدخل لحين الوصول إلى مرحلة التعافي .
مباحث الانترنت
حول دور مباحث الانترنت والإجراءات التي يجب أن تتبعها الضحية تحدثنا مع النقيب أحمد شاكر ضابط بمباحث الإنترنت الذى قال : لأن الوقاية خير من العلاج، فلا بد منا من زرع الرقابة الذاتية للفتيات على أنفسهم ، مع ضرورة اتباع بعض الإرشادات والتعليمات الهامة التي يجب تنشئة أبنائنا عليها طالما بات استخدام الأجهزة الذكية متاحاً لهم وفي أيديهم على مدار الساعة، ومنها عدم نشر الصور الخاصة لهم أو لذويهم بأي موقع أو برنامج، والحذر من وضع الصور الخاصة مخزنة بالأجهزة حيث إن هناك برامج تسترجع كل الملفات المحذوفة من الجوال والحاسب حتى بعد القيام بحذف جميع البيانات والملفات ، إلى جانب عدم استقبال أو التفاعل مع أي رسالة مبهمة تطلب معلومات خاصة سواءً كانت مرسلة بالبريد الإلكتروني أو بواسطة برامج التواصل .
وفيما يخص الأطفال القصر لابد من وجود رقابة من الاهل ، لان هناك بلاغات كثيرة بشأنهم حيث يقوم الجاني إقناعهم بعمل تصرفات يمكن أن تؤدى بالفتيات إلى فقدان عذريتهن .
أما طريقة الابلاغ عن الواقعة يكون في إحدى فروع مباحث الانترنت حسب التوزيع الجغرافي للمبلغ حيث يوجد فرع فى شرق الدلتا في الدقهلية و في الغربية و اسكندرية و فى الصعيد بقنا و المنيا و اسيوط و المنطقة المركزية القاهرة .
ويكون التبليغ من خلال توجه المجني عليها إلى مباحث الإنترنت لعدم بلاغ إذا كانت بالغة و لو قاصر بصحبة الوالد او الوالدة ، ويكون لديها الجهاز اللي تلقت من خلاله رسائل التهديد و الابتزاز ، لكى نطلع على الرسائل ويتم الاحتفاظ بها حتى يتسنى لنا إثباتها وقت تلقي البلاغ .
ثم نقوم بالعمل على البلاغ و نحدد مرتكب الواقعة ومكانه ، ثم نستصدر إذن النيابة لضبطه و عمل محضر بالواقعة و تحال الدعوى للنيابة و يتم سؤالنا في النيابات والمحاكم في بعض القضايا و الحمد لله نسبة توصلنا في هذا النوع من البلاغات مرتفع .
و بسؤالنا هل ارتفعت نسبة البلاغات بعد الحظر من كورونا ؟ أجاب بالفعل ارتفعت ولكن ليس بنسب كبيرة نظرا للحظر لفترات طويلة وزيادة استخدام الانترنت .
وعن كيفية اطمئنان الاهالى ان هذه البلاغات لحماية الفتيات وليس التشهير بهم ، أكد سيادة النقيب أننا حريصين على خصوصية المبلغ و دورنا تحديد الجاني و عرضه على النيابة ولا يجوز اطلاع أي جهة على بلاغتنا غير النيابة والمحكمة للتحقيق فقط .
وحول المدة التي تحتاجها هذه القضايا للحكم فيها أوضح سيادته أن لا يمكن تحديد مدة محددة فكل قضية لها ظروفها حسب الفحص و التوصل للجاني و تحقيقات النيابة فور ورود المحضر ومن ثم إحالته للقضاء .
الرأى القانونى
تقول الاستاذة هبة عادل المحامية ورئيسة مبادرة المحاميات المصريات ، إن أغلب ضحايا الابتزاز من النساء ، حيث يتم تهديدهم بأشياء خاصة للوصول لمكاسب مادية أو الدخول فى علاقة غير شرعية ، عن طريق صور أو مقاطع فيديو ، وارتفعت أعداد هذه القضايا بالتزامن مع جائحة كورونا وخاصة مع فترة الحظر وزيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ، وكثير من الناس استخدمت هذه المواقع حديثا مع عدم المعرفة ، كما أن الشائع أن مساندة النساء كان دائما نتيجة التحرش الفعلي وليس الاليكترونى .
ونتيجة للدراسات التي قامت بها المبادرة في هذا الشأن انقسمت الضحايا الى فئتين هما ما تحت سن الـ 18 وما فوق سن ال 45 عاما ، ومنهم من هم متزوجون حيث يتم التعارف بينها وبين احدى الرجال والذى تتحول الى صداقة فيبدأ طلب صور متحررة نوعا ما وتبدأ هذه الفتاة او السيدة فى الارسال وبعد ذلك تبدأ الصور فى الظهور ثم التحرش بها وينتهى ذلك بالابتزاز سواء الابتزاز المادي او ابتزاز جنسي تصل الى علاقة جنسية حقيقة .
وفيما يخص قانون العقوبات الخاص بهذه الجرائم وتعديله بما يختص بحماية بيانات الضحايا فى المحاضر المقدمة ، أكدت أن القانون الحالى الذى يخص القضايا الاليكترونية والمعمول به غير كاف ، أما فيما يخص تعديله لحماية بيانات الضحايا فقد تم موافقة مجلس النواب عليه ولكنه الى الان بمجلس الدولة للموافقة عليه ثم يصدق عليه رئيس الدولة وتم مخاطبة الرئيس لسرعة التصديق وننتظر ذلك .
وتضيف هبة عادل ، أننا فى المبادرة لنا توصيتين ، أحدهما لمباحث الإنترنت فى الاستعانة بضابطات الشرطة العاملين في وحدات العنف ضد المرأة لأن الفتيات لا يستطعن أن يرووا الحقائق جميعها للضباط أو يعرضوا الصور بشكل تلقائى .
والتوصية الثانية هي سرعة الإجراءات والتصديق على القانون من وضع حد أقصى للإجراءات والحكم فيها ، إنما أن يظل المحضر فى إحدى القضايا لفتاة لمدة 3 أشهر ولم يحول إلى الآن للنيابة ومازال هناك إجراءات الفحص حينها تكون الفتاة تعرضت للتهديدات بل ونفذ التهديد بالتشهير بها وبأسرتها ، لذا نطالب بالعدالة الناجزة لحماية هؤلاء الفتيات والنساء ، فتشعر الفتاة بأنه لا جدوى من الإبلاغ سوى التشهير والوصم بها وبأسرتها .
كما نحتاج الى برامج اجتماعية تقوم على مواجهة فكرة وصم الضحايا من هؤلاء الناجيات حيث لا يجب أن يتعرضوا للوصم المجتمعي بل المفروض أن يكون الرفض المجتمعي للجاني أو المتحرش . لذا كل ذلك يحتاج أن يأخذ حيز أكبر من الدعم المجتمعي والحكومي خصوصا انه لا يمكن الاستغناء عن الانترنت .
أما فيما يخص المبادرات المساندة قانونيا ونفسيا واجتماعيا لهؤلاء الضحايا سواء من المجالس المتخصصة او مؤسسات المجتمع المدنى فى الحقيقة لست كافية ، فما وصل للمحاكم حتى الان لم يتخطى نسبة الـ 20 % من إجمالي الوقائع ، بالتالى هناك نسبة حوالي 80 % لم تصل لحد الإبلاغ ، خوفا من الاطالة فى وقت التحقيقات ومن التشهير والوصم المجتمعي .
أما فيما يخص صفحات الفيس بوك لمساندة هؤلاء الفتيات بشكل مجتمعى اى تبدأ مجموعات من الشباب بهذه الصفحات من التعرض لهذا الشاب ونشر صوره كنوع من الرد ، تؤكد هبة أنها ضد هذا العمل تماما يجب ان نحتكم للقانون فهذا عودة لقانون الغاب ، ولكن لتفادى ذلك علينا المطالبة بالسرعة فى التصديق على قانون حماية بيانات الضحايا مع وضع حد أقصى للمدة التى تتخذ فيها الإجراءات والحكم على الجناة .
الدعم النفسي للأسرة أيضا
أما فيما يخص الدعم النفسى تحدثنا مع الاستاذة بسمة محمود المعالج النفسي والأسري ، والتى قالت اولا هذه الفتاة هى ناجية وليست ضحية ، وأن كان الابتزاز الالكتروني جريمة طبقا للقانون وانتشر بشكل كبير جدا فى السنة الاخيرة وتقريبا طال كل مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى ، ولكن لدينا مشكلة كبيرة فى عدم الوعي بتلك الجريمة ، بالاضافة الى نظرة المجتمع لهؤلاء الفتيات ، بالإضافة الى عدم معرفة مفهوم الخصوصية فى أسرنا وحدودها حيث يجب ان الوالدين أنفسهم لا يعرفون ما هي الحدود الشخصية ولم يعرفوا أولادهم ذلك خصوصا فيما ننشره على مواقع التواصل الاجتماعى .
أما عن الأثر النفسي للضحية نجده يبدأ من وضع صورة سلبية عن نفسها بل وعن الرجال بشكل عام ، وسلبية نظرتها تجاه المجتمع بالاضافة الى تغيير نظرتها تجاه جسدها حيث يصبح عائق فى التعامل مع المجتمع او اقامة اى نوع من العلاقة مع الجنس الآخر حيث يصبح عندها نظرة سلبية تجاه جسدها ووجهة نظر الآخر لجسدها .
وتكون مشاعرها متمركزة فى عدم الأمان والخذلان وعدم الثقة بالنفس مع الخوف والقلق والتوتر الذي يؤدي إلى الاضطرابات النفسية وينتج عنها الاكتئاب والوسواس القهرى والذى يمكن ان يؤدي الى ايذاء النفس الذى قد تصل الى الانتحار .
وحول وجود دعم نفسي ومجتمعي لأسرة الناجية وضحت بسمة ان الدعم يتم على مرحلتين فى هذه القضايا ، من دعم نفسى للناجية وهذا يأخذ وقت طويل لمحاولة اعادة النظرة الإيجابية لنفسها وللمجتمع او للجنس الآخر ، ومحاولة تصحيح افكارها الخاصة وعلاج الأثر النفسى الناتج عن ذلك ، ودعم نفسي لاسرتها من تصحيح مفاهيم التربية و الحرية والحدود الشخصية وكيفية مساندة هذه الفتاة فى هذا التوقيت ، وان كان هناك مشكلة كبيرة ان الدولة ومنظماتها لا تعمل على توعية المجتمع بأن هذه الفتاة او السيدة هى مجنى عليها وناجية من هذه القضية وليست متهمة ، لذا نحتاج الى زيادة الوعى المجتمعى وخاصة فى قضايا العنف ضد المرأة .
وطالبت بتغليظ العقوبة فى قضايا التحرش بشكل عام ومنها التحرش والابتزاز الالكتروني ، وطالبنا كثيرا بالتربية الجنسية داخل المدارس طبقا لكل مرحلة عمرية مع التأكيد على احترام الجنس الآخر واحترام وحرية الجسد ، مع وجود استراتيجية قومية بمشاركة منظمات المجتمع المدنى بالتوعية في استخدام مواقع التواصل الإلكترونى ومخاطره ومنها التحرش والابتزاز الالكتروني ومعرفة الحقوق وكيفية الابلاغ ، مع توعية الفتيات ودعمهن في مواجهات أي استغلال أو عنف جنسي.