هذه الستة يبغضها الرب, وسبعة هي مكرهة نفسه: عيون متعالية, لسان كاذب, أيد سافكة دما بريئا, قلب ينشئ أفكارا رديئة, أرجل سريعة الجريان إلي السوء, شاهد زور يفوه بالأكاذيب, وزارع خصومات بين إخوة
(أمثال6:16-19)
أرجل سريعة الجريان إلي السوء
طوبي للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار, وفي طريق الخطاة لم يقف, وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته, وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه, التي تعطي ثمرها في أوانه, وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح.
ليس كذلك الأشرار, لكنهم كالعصافة التي تذريها الريح, لذلك لا تقوم الأشرار في الدين, ولا الخطاة في جماعة الأبرار. لأن الرب يعلم طريق الأبرار, أما طريق الأشرار فتهلك (مز1).
الله لا يمكن أن يكون مصدرا للشر إطلاقا, إنما الشر يأتي لأسباب أخري غير الله.. فالله لا يرضي بالشر, ولا يريد الشر.
إن دور الله هو من يسمح بالشر لكنه لا يريده, لأنه أعطي للإنسان حرية, وهو لا يريد أن يقيد حرية الإنسان, وجعل هناك ثوابا وعقابا, ولا يكون مقبولا من الله أن يحاسب الإنسان إذا ألغي حريته.
أسباب الجريان إلي السوء:ـ
1- خداع الشيطان:
الشيطان كائن عنيف, فعندما تسلط علي إنسان جعل مسكنه في القبور (مر5:1-20).
الشيطان يجذب الإنسان إلي الخطية, فيلذذ له حلاوة الخطية ليجعله يلهث وراءها مثلما فعل مع الابن الضال.
وخداعات الشيطان لا تنتهي, فهو فتال حبال, ولا نجهل حيله, مثلما قال عنه بولس الرسول بإن له حيلا كثيرة ويتفنن كيف يخدع الإنسان.
لذلك تحاول الكنيسة أن تجعل للإنسان باستمرار صلة قوية بينه وبين مسيحه لئلا يخدعه الشيطان, ويكون لكل واحد فينا أب اعتراف أو مرشد روحي يستطيع أن يأخذ رأيه ويسنده حتي لا يقع في هذه الخداعات الكثيرة.
2- محبة الطمع (الميل إلي الخطية):
هناك بعض الناس إذا ثار فيهم الميل إلي الخطية تجدهم يسرعون لتلبية ندائه, ومن ثم يسيرون بخطوات واسعة نحوه.. يشبهون الناموس بمجرد أن يحس بدفء المصباح يندفع إليه بكل سرعة فيأخذ جزاء سرعته.
لقد شبه إرميا المندفعين نحو الخطية بآتان الفراء التي تعودت الحياة في البرية, وتقضي كل وقتها تركض وراء الذكور لإشباع شهوتها, ولا يستطيع أحد أن يردها (إر2:23).
ولهذا السبب تضع لنا الكنيسة فترات أصوام طويلة ونسكيات في حياتنا, لكي تقتل فينا خطية الطمع.
3- المعاشرة أو الصحبة (المعاشرات الردية):
يقول المزمور: طوبي للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار, وفي طريق الخطاة لم يقف, وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته, وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا (مز1:1-2).
الإنسان يتأثر بمن يعاشرهم من الناس, فيقتبس منهم دون أن يدري الكثير من أقوالهم وتصرفاتهم. وبناء علي ذلك فرفيق الأشرار سيكون يوما ما شريرا, ورفيق الحكماء سيكون يوما حكيما.
يقول سفر الأمثال: المساير الحكماء يسير حكيما, ورفيق الجهال يضر (أم13:20).
ومن الأمثال المصرية العامة القديمة من عاشر القوم أربعين يوم صار واحد منهم.
لذلك الكنيسة تعلمنا أن يكون لنا أصحاب من السماء (القديسين), يجب أن يكون هناك صداقة قائمة وحاضرة بين الأرض والسماء, فهذه الصداقة تتخطي حدود الزمن مثل صداقة مارمينا والبابا كيرلس السادس, وهذا يمثل الصحبة المقدسة.
4- الجهل:
قد يندفع الإنسان عن طريق خطأ بسبب جهله أو نتيجة تعليم خاطئ فيقبله ويتمسك به ويدافع عنه.
ولذلك كانت التوعية السليمة لازمة في كل مجالات الحياة: في الدين, في الروحيات, في العلم..
وأقرب مثال للأرجل سريعة الجريان إلي السوء بسبب الجهل هو شاول الطرسوسي الذي تتلمذ علي يد غمالائيل, والذي كان مجرد ذكر اسمه يرعب الكثيرين, ظهر جهله في اضطهاده للمسيحيين في دمشق, فيقول لتلميذه تيموثاوس: أنا الذي كنت مجدفا ومضطهدا ومفتريا. ولكنني رحمت, لأني فعلت بجهل في عدم إيمان (1تي1:13).
وهذا ما نراه في هذه الأيام من أناس كثيرين يفعلون شرورا كثيرة عن جهل, وعلينا أن نصلي من أجلهم حتي ينير الله عقولهم.