فتش عن المرأة عبارة كثيرا ما تترد في الأخبار المنشورة بصفحات الحوادث في الجرائد والمجلات, من باب الإثارة وجذب الانتباه, ولكن حين تقرأ تفاصيل الخبر تكتشف أن رجلا كان شريكا لامرأة في أحداث الجريمة ووقائعها, ولكن يبدو أن الصحفي فضل أن يخرج العنوان علي هذا النحو حتي يجذب جمهور القراء!!
في المقابل وحين يريد البعض أن يمدح المرأة فإنه يقول: امرأة بمائة رجل, وكأن الرجل هو المعيار الذي نقيس عليه النجاح!!, كما يقول أيضا: امرأة لكن متميزة, وقد يقول: علي الرغم من كونها امرأة إلا أنها استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة وهائلة.. إلخ, وهم لا يدرون أنهم بذلك يمارسون تمييزا ضد المرأة وإن جاء في صورة تبدو إيجابية, لكنها في الواقع ممارسات إعلامية تعكس انتقاصا من قيمة المرأة ومكانتها, كما أنها ممارسات تأتي علي حساب المواطنة!!
حسب مبدأ المواطنة فإن المرأة مواطنة تتمتع بكافة الحقوق وجميع الواجبات, دون تفرقة ودون تمييز, طالما تحمل جنسية الوطن, هي شريك أساسي للرجل وفاعل رئيس في النهوض بالمجتمع, تشارك في الإنتاج كما تشارك في صنع الحضارة وتحقيق التقدم الإنساني, فإذا كانت المرأة مواطنة فاعلة في الحياة العامة بكافة مجالاتها, السياسية والاقتصادية والاجتماعية, مثلها مثل الرجل, شريكة له, وتقف إلي جواره, ليست أعلي منه, وليست دونا عنه, فإنه علي وسائل الإعلام المختلفة, أن تلعب دورا موازيا في التأكيد علي كون المرأة مواطنة مثل الرجل لها حقوق وعليها واجبات, خاصة وأن الإعلام يقوم بدور مهم, مؤثر وفعال, في مجالات التوعية والتثقيف والتنوير.
يستلزم الأمر أن يقوم الإعلاميون, وعبر مختلف وسائل الإعلام, بمجموعة من الوظائف والمهام والأدوار, منها:
* التوعية بدور المرأة المصرية عبر التاريخ في تحقيق نهضة الوطن, والإشارة إلي دورها في الحاضر, والدور المتوقع لها في المستقبل, ومن ذلك: دور المرأة في الكفاح والنضال ومسيرة الحركة الوطنية, ودورها في مجالات العلم والفكر والصحافة والأدب والفن والرياضة وغيرها.
* تناول الأدوار المتنوعة للمرأة, التقليدية منها وغير التقليدية, من حيث المرأة كزوجة وأم وربة بيت, بالإضافة إلي الأدوار الأخري للمرأة في مواقع الإنتاج والمشاركة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإبداعية.
* تسليط الضوء علي النماذج الناجحة والمتميزة من الفتيات والسيدات في مختلف المجالات, وأن يكون الاهتمام بقضايا المرأة وموضوعاتها اهتماما دائما ومستمرا, وليس اهتماما موسميا خلال شهر مارس من كل عام, باعتباره الشهر الذي تتجمع فيه أعياد المرأة.
* التبصير بقضايا المرأة ومشكلاتها, مثل مشاركة المرأة في المجال العام, تمكين المرأة اقتصاديا, حقها في التعليم, حقها في العمل وتولي المناصب القيادية, المرأة المعيلة, ضرب الزوجات, ختان الإناث, التحرش والعنف ضد المرأة.
* الاهتمام بالمرأة من مختلف المراحل والأعمار, حيث المرأة: الطفلة- الفتاة- الشابة- الأخت- الزوجة- الأم- الجدة- السيدة الكبيرة المسنة, ومن ثم الاهتمام بكافة المراحل, حيث الطفولة والمراهقة والشباب والشيخوخة.
* الاهتمام بالمرأة في العاصمة (القاهرة) والأقاليم (المحافظات), في المدن الكبيرة والقري الصغيرة, في المناطق الراقية والمناطق الشعبية, من حيث الاحتياجات الاتصالية والإعلامية والمشكلات والقضايا الخاصة بكل فئة.
* الاهتمام بالمرأة من مختلف المهن والمواقع الوظيفية, ومن ذلك: المعلمات والطبيبات والمحاميات والباحثات والفلاحات والعاملات, حتي لا يقتصر اهتمام الصحف وغيرها من وسائل الإعلام, التقليدية والحديثة, علي الفنانات والرياضيات وسيدات الأعمال.
* الاهتمام بتنظيم حملات صحفية وإعلامية للتوعية الصحية والبيئية والثقافة الأسرية للقطاعات النسائية المحرومة من هذه الخدمات.
* التوازن في التناول الصحفي والإعلامي للرجل والمرأة, من حيث أدوار ووظائف ومسئوليات وحقوق كل منهما داخل الأسرة, وداخل المجتمع بوجه عام.
* الاستعانة بالمصادر الصحفية والإعلامية من النساء المتميزات في مختلف المجالات, حتي لا تكون المصادر من الرجال فحسب, وحتي يتم الأخذ في الاعتبار رؤية النساء تجاه مختلف القضايا والموضوعات المجتمعية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
* إعادة النظر في صورة المرأة في الإعلانات, حتي لا تبدو الفتيات والسيدات وكأنهن سلعة وسببا للإثارة والابتذال, والالتزام بعدم نشر الصور المسيئة للمرأة.
* إبراز التراث الشعبي والقيم المتوارثة التي تعطي للمرأة مكانتها وتؤكد دورها المهم في بناء المجتمع ونهضته, وفي المقابل مواجهة الجانب السلبي من التراث الشعبي الذي يكرس التمييز بين الرجل والمرأة لصالح الرجل.
إنها دعوة للصحفيين والإعلاميين من أجل تجنب التمييز بين المواطنين علي أساس الجنس النوع الاجتماعي, ما يتطلب التوعية والتثقيف بمبدأ المواطنة ودور المرأة ومكانتها, عبر المحاضرات والندوات وورش العمل والتدريبات, من خلال المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام, والهيئة الوطنية للإعلام, والهيئة الوطنية للصحافة, ونقابة الصحفيين, ونقابة الإعلاميين, وإدارات التدريب بالمؤسسات الصحفية والإعلامية.