كشف لنا فيروس كورونا عن عورات البيوت والمشاكل التي بداخلها والتي كانت موجودة قبل وجود هذا الفيروس اللعين, السبب الرئيس في هذا هو ضعف علاقتنا بأبنائنا, والتي يجب أن تبدأ من تمتعنا بعلاقة أبوة حقيقية مع الله, بمعني أن تعكس أبوتنا لأولادنا ما تمتعنا به نحن من أبوة الله لنا, فينبغي أن نظهر هذه المحبة والحكمة في الاهتمام بأولادنا, لنعطيهم صورة صحيحة وصادقة عن أبوة الله, علينا أن نعلمهم في طفولتهم التواصل معنا ليتعلموا في مرحلة لاحقة من عمرهم أن يفضوا أمام أبيهم السماوي بكل مشاكلهم.
فعلي الآباء والأمهات أن يكونوا متمتعين بشخصية منضبطة وحكيمة في تعاملاتهم مع أولادهم فضرورة أن يكون الأب والأم علي وفاق من جهة تربية أولادهما فهذا ركن أساسي من أركان التربية, وعدم توافره سينعكس سلبا بصورة واضحة علي المحصلة النهائية في تربية الأولاد.
لذلك يوجد فرق بين التهذيب والتأديب والعقاب والتدليل, فكلها مصطلحات يستخدمها الأهل في تربية أبنائهم, لكنها تختلف في معناها فمعني التهذيب هو الانضباط المنهجي لتعلم خبرة في الحياة, وهو الاسم الذي يطلق علي أسلوب الوالدين أي تعليم أولادهم الصواب والخطأ, والتأديب هي الكلمة الأكثر استخداما في الكتاب المقدس, بمعني إنزال العقاب كرد فعل تجاه الخطأ,إلا أن الكلمة تحمل معني أوسع وأكبر,إذ إنها تتضمن تربية العادات والسلوكيات المرغوبة في أبنائنا أي التدريب والتهذيب, وأيضا يركز علي ما يجب أن يفعله الأبناء وينمي السلوك الايجابي للطفل وهو أيضا عملية مستمرة طوال الوقت دون ملل أو كلل, بينما العقاب يضع في الاعتبار المردود ما لا يجب أن يفعله الأولاد وهو ينمي السلوك السلبي ويمارس عندما تدعو إليه الضرورة فقط.
أما معني التدليل فهو المبالغة في الاهتمام بالطفل, وعدم إغضابه لأي سبب وتلبية جميع طلباته مهما كانت وهنا ينبغي أن نميز بين مطالب الطفل الفعلية واحتياجاته الأساسية وبين أهوائه, ومطالبه غير الملحة فالأولي ينبغي تسديدها والأخيرة ينبغي التحكم فيها وأن تقوم بإشباع شهوات الطفل ومطالبه غير الملحة للتخلص من بكائه فهذا يعتبر فشلا من جانب الوالدين.
في سفر الأمثال13:24 يقول سليمان الحكيم: من يمنع عصاه يمقت ابنه, ومن أحبه يطلب له التأديب والعصا هنا ليست بالضرورة الضرب الحرفي, فأتحدث هنا عن السلطة والقوة اللتين يجب أن يمارسهما الوالدان, ويحس بهما الأبناء لكن لاينبغي أن يحسا بهما بدون المحبة التي تقدم من قبل الوالدين, ليس في كل الأحوال يكون العقاب البدني لازما, لكن التأديب الحازم المرتبط بالشفقة والمحبة هو المطلوب في كل الأحوال, وعلي العكس مما يظن البشر فمنع التأديب ليس علامة محبة علي الإطلاق وفي هذا يقول الرب: إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبهرؤيا3:19.
إذا كان عدم التأديب خطأ فليس الصواب هو التأديب القاسي, المطلوب هو التأديب المتحكم فيه.
فهناك بعض الأخطاء التي يقع فيها الآباء والأمهات, ربما بحسن نية أو بدون تقدير سليم لعواقب فعلتهم, ومنها المعاملة القاسية للأبناء, وتجاهلهم, والتوبيخ والتأنيب لهم علي طول الخط, والتفريق في المعاملة بين الأبناء, وإساءة استخدام السلطة وقطع عهود لانقوم بتتميمها إهمال مطالب الأولاد الأساسية, والاستهانة بمشاكلهم علي اعتبار أنها تافهة مع أنها في نظر الأولاد مهمة جدا وأخيرا إساءة الظن بهم والتقصير في فهم نفسياتهم.
وحقا ما أخطر أن يسمع الابن كلام التقوي من الوالدين ويشاهد منهما سلوك عدم التقوي! أشبهها بأنك تمد له باليد الأولي رغيفا ليأكل وباليد الثانية سما قاتلا, لذلك من المهم التركيز علي سنوات حياة الطفل الأولي, وهي تلك التي عادة تهمل من الكثيرين, حيث لايحس الآباء بوجود أطفالهم إلا من جهة تسديد احتياجات الوالدين العاطفية, وحاجات الأطفال الجسدية, ولكن الحقيقة أن نفس الطفل في تلك السن المبكرة تكون حساسة جدا, وتتأثر بكل ما تشاهده وتسمعه, لذلك اعرفوا أن تربية الأولاد هي مسئوليتكم أنتم وليست مسئولية أي شخص آخر مهما كان.