أحيانا يسيطر علينا إحساس ما، لا تستطيع أبجديات اللغة أن تصفه أو تترجمه، إنه إحساس غامض يحتل داخلنا دون أن نعلم مصدره، لكنه يبشرنا بالفرح والفرج، ما أجمله من إحساس غامض! يمتطي صهوة جواد الأمل شاهراً سيفه في وجه اليأس حتى يدك حصون اليأس وينتصر على جيوش الحزن والإحباط التي تحاربنا، إنه إحساس يعيد إلينا الرغبة في الحياة!
ياله من إحساس! يجعلنا قادرون على ممارسة الحلم وتحدي الصعاب والخيبات التي تحاصرنا من كل جانب، إنه إحساس يعبر بنا إلى الجانب المشرق من الحياة، فتعود الابتسامات على شفاهنا الحزينة.
ما أغربه من إحساس! يعيد إلينا ضياء الصباحات والليالي المسروقة إلى عيوننا ليضمنا بصدره تحت عباءته الحنونة، إنه إحساس من الدفئ يسري في عروقنا فيقضى على صقيع أيامنا، إنه إحساس يروي ظمأ قلوبنا العطشى للحب والأمان كما المطر المتدفق الذي يروي باطن الأرض من العطش فتدب في أوصالها الحياة.
ما أعظمه من إحساس! يولد في لحظة خاصة ليقود أرواحنا إلى إحتضان الحياة التي تفتح ذراعيها بلهفة فنسايرها بفرح طفولي نابع من صدق مشاعرنا البريئة لنمضي قدماً دون الإلتفات إلى الوراء وما خلفه من أوجاع ومنغصات.
وأخيراً ندرك إن مصدر هذا الإحساس الغامض، ما هو إلا من رحمة الله كي نلملم ما تبعثر في مدارات الغربة والوحدة ، فنعيد ترتيب حياتنا من جديد بالمعاني الجميلة، ونحلق بعيداً بعيداً في فضاءات الكون الفسيح، فنكون كما نريد دون أن نبالي بظروف الحياة وعثراتها، أو بمن كسروا خواطرنا أو عربدوا في نفوسنا بأفعالهم المريضة… ومهما انحسر مد الفرح في بحار الأيام، فالأحاسيس الجميلة لن تكف عن المد في بحار الأمل ما دامت قلوبنا تنبض بالحب والحياة….