أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريتش، أن هناك أربعة تهديدات تعرّض المستقبل المشترك لدول العالم للخطر – وهي تهديدات أشبه بـ ”فرسان الرؤيا الأربعة“ الذين يأتون بنُذر نهاية العالم.
وقال الأمين في بيان له إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة: إن أول تلك التهديدات هو بلوغ التوترات الجيوستراتيجية العالمية أعلى مستوياتها منذ سنوات. وثانيها هو مواجهتنا أزمةً مناخية تهدد وجودنا. وثالثها انعدام الثقة العميق والمتنامي على الصعيد العالمي. ورابعها الجانب المظلم من العالم الرقمي. بالإضافة إلى تهديداً خامساً كان يتربص لنا في الظلام. فمنذ شهر يناير، تفشت جائحة كوفيد-19 كفرسٍ جامح في جميع أنحاء العالم – لتنضم إلى فرسان الرؤيا الأربعة الآخرين وتزيد من ضراوتهم. وفي كل يوم، تزداد الحصيلةُ المروعة للجائحة.
ومن بين أهم النقاط التي ذكرها الأمين العام في بيانه: إننا نواجه في آن واحد أزمةً صحية مصيرية، وكارثةً اقتصادية وخسائر في عالم العمل هي الأكبر منذ الكساد الكبير، علاوة على تهديدات جديدة وخطيرة تحدق بحقوق الإنسان.
وأضاف: لقد أماط كوفيد-19 اللثام عن أوجه الهشاشة التي يعاني منها العالم. كأوجه اللامساواة المتنامية. وكارثة المناخ. والفساد المستشري. ولأول مرة منذ 30 عاما، يزداد الفقر. وتتراجع مؤشرات التنمية البشرية.
وفي الوقت ذاته، أخذت جهود مكافحة الانتشار النووي في التداعي – فيما نحن عاجزون عن التحرك بجدية في مجالات خطر ناشئة، ولا سيما الفضاء الإلكتروني. إن الناس يعانون. وكوكبنا يحترق.
إن العالم يحتاج إلى وقف عالمي لإطلاق النار يضع حداً لجميع النزاعات” الساخنة“. وعلينا في الوقت ذاته بذل قصارى الجهد لمنع قيام حرب باردة جديدة.
فنحن سائرون في اتجاه شديد الخطورة. فعالمنا لا قِبل له بمستقبل تشق فيه أكبر قوتين اقتصاديتين الكرةَ الأرضية نصفين يفصلهما صدعٌ عظيم – لكل معسكر قواعده التجارية والمالية وقدراته الخاصة في مجالي الاتصال عبر الإنترنت والذكاء الاصطناعي.
إن أزمة كوفيد-19 أظهرت أن فيروساً مجهرياً لا تراه العين جعل العالم ينحني جاثياً على ركبتيه. وبعد أسبوع واحد، سيجتمع قادة العالم لإيجاد الحلول في إطار اجتماع بشأن تمويل التنمية في فترة كوفيد-19 وما بعدها.
ويجب علينا أيضا أن نضع حدا للزيادة المروعة في أعمال العنف المرتكبة ضد النساء والفتيات خلال هذه الجائحة، سواء اتخذت شكل العنف المنزلي أو الاعتداء الجنسي أو التحرش على الإنترنت أو قتل الإناث. فالحالة أشبه بحرب غير معلنة على النساء.
وفي النهاية، إنني أطلب من جميع البلدان أن تنظر في اتخاذ ستة إجراءات مناخية إيجابية خلال سعيها إلى إنقاذ اقتصاداتها وإعادة بنائها وإعطاء انطلاقة جديدة لها.
أولا، نحن بحاجة إلى جعل مجتمعاتنا أكثر قدرة على الصمود وضمان مرحلة انتقالية تتسم بالعدل. ثانياً، نحن بحاجة إلى تهيئة فرص العمل الخضراء وتحقيق النمو المستدام. ثالثا، ينبغي أن تكون عمليات إنقاذ قطاعات الصناعة والطيران والملاحة مشروطة بمواءمة هذه الأنشطة مع أهداف اتفاق باريس. رابعا، ينبغي وقف تقديم الإعانات المالية لقطاع الوقود الأحفوري. خامسا، يتعين وضع المخاطر المناخية في الحسبان في جميع عمليات صنع القرارات المالية والسياساتية. سادسا، يجب أن نعمل معا على ألا يترك أحد خلف الركب.
إننا لسنا بحاجة إلى استحداث كيانات بيروقراطية جديدة. ولكن نحن بحاجة إلى نظام متعدد الأطراف يتوخى سبيل الابتكار باستمرار، ويحقق الإنجازات التي تصبو الشعوب إليها، ويوفر الحماية لكوكبنا.