“هل سأتغيرفجأة؟” هذا ما يظنه أبناؤنا عندما نكلمهم عن البلوغ، وما يصاحبه من تغيرات في أجسامهم، ومشاعرهم. ولقد أضحكني رد فعل ابني الصغير عند حديثي معه عن البلوغ، عندما قال بتلقائية: “يعني «الهرمونات» هتحط وشي مكان قفايا!” وفي الحال أدركت مقدار المخاوف التي تسبق فترة المراهقة، وانتهزت الفرصة لكي أسمع أسئلته، و أصحح المفاهيم الخاطئة التي سبقتني إلى عقله من خلال المسلسلات التليفزيونية، وأحاديث الأقران (وفي هذه الأيام، ناهيك عن كل أشكال الميديا التي تتنافس على الوصول إلى عقول وقلوب أبنائنا)!.
تعتبر فترة ١٠- ١٢ سنة من أهم مراحل ترسيخ المفاهيم. لكن، لأنها فترة انتقالية بين الطفولة والمراهقة، فعادة ما تكون مهملة من الوالدين.. مع أنها مرحلة رائعة للتعلم؛ لأن الأبناء يمكنهم في هذه السن استيعاب المعلومات بشكل موضوعي، حيث إن مشاعرهم الجنسية لم تتحرك داخلهم بعد. فإذا استطعنا أن نُعدهم بحصيلة معرفية جيدة، سنحتاج لوقت وجهد أقل لنساعدهم على عبور أزمات مرحلة المراهقة.
كما أن وجود قنوات تواصل مبنية على الثقة والانفتاح في هذه المرحلة سيساعد في تحديد التوجهات الفكرية لهم، ويحول المشاكل إلى فرص للحوار، وإعادة التأكيد على المفاهيم الصحيحة.
ولأن “حب الاستطلاع” من أهم ما يحفز على المعرفة، فعلينا أن نتقبل بجدية وبهدوء ما يُعبِّر عنه الأبناء من مشاعر، ويجب ألا نستخفبأي سؤال يطرحونه عما يطرأ على أجسامهم من تغيرات، حتى ولو كانت إجابته بديهية.. بماذا تجيب عن:
البلوغ؟ إنه الوقت الذي يبدأ فيه تحول الجسم من الطفولة إلى بداية الشباب بفعل تدفق الهرمونات في الجسم. ولا يمكن تحديد متى يبدأ البلوغ بالضبط، لكنه بصفة عامة يبدأ عند الفتيات قبل الصبيان، ويختلف توقيت بدء البلوغ من شخص لآخر، لأنه يرتبط بطبيعة الجسم.. لكنه من الطبيعي أن يبدأ في أي وقت من عمر ٨ إلى ١٤ سنة (والمعتاد هو ١١ سنة عند الفتيات و١٢ سنة عند الصبيان).
الدورة الشهرية؟ إنها إحدى علامات بدء البلوغ عند الفتيات.. ولأن الصغار يربطون بصفة عامة بين الدم والألم، فهم يحتاجون لتأكيد أن هذا الأمر طبيعي وإيجابي، وأن بدء الدورة يعني أن الفتاة في طريقها لتصبح امرأة ناضجة. قد تسأل الفتاة: هل سأتألم أثناءالدورة؟ وهل الدم يعني أنني سأفقد عذريتي؟ وعلى الأم أن تطمئنها من واقع خبرتها الشخصية.
الاحتلام؟ إنه إحدى علامات بدء مرحلة البلوغ عند الصبيان، وهو القذف اللإرادي للسائل المنوي أثناء النوم، حيث تفرز الخصيتان الكثير من الحيوانات المنوية، وعندما تتجمع كمية منها تخرج أثناء النوم مع قليل من السائل المنوي. قد يسأل الصبي عن حجم القضيب، والسبب في الانتصاب المتكرر.. وعلى الأب أن يشارك من خبرته الشخصية ليؤكد لابنه أن هذا طبيعي، ويحدث مع كل الصبيان.
العلاقة الحميمية بين الوالدين؟ لا تترك صغارك لخيالاتهم فيما يتعلق بهذه العلاقة.. فإنكارها، أو إخفاؤها، يُولد الإحساس بأنها خطأ. من الجيد أن يتعلم الأبناء احترام خصوصية هذه العلاقة، لكن لابد أن يُسمح لهم أن يسألوا عنها في حديث خاص بين الأب والابن، والأم والابنة.
الشذوذ الجنسي؟ ما لم يسمع الأبناء مبكرًا من والديهم الرفض التام للشذوذ الجنسي قد يكبرون وهم يظنون أنه أمر طبيعي. وبغض النظر عما يسمعونه عن الشذوذ الجنسي خارج محيط الأسرة، لابد أن نؤكد لهم أن الشذوذ يمثل انحرافًا سلوكيًا، وليس سلوكًا طبيعيًا، وكذلك ليس له علاقة بأي عوامل وراثية. كما أنه مرفوض من كل الأديانالسماوية. وبالطبع، هذا لا يعني نبذنا للشخص الذي يعاني من هذا الأمر، وإنما مساندته وتفهُّم معاناته.
وسنواصل في المرات القادمة الحديث بمزيد من التفصيل عن كثير من هذه التساؤلات، وغيرها من الموضوعات، في وقت البلوغ بينما نتحدث مع أبنائنا عن الجنس.