تمكنت الحركة النسائية المصرية علي مدي قرن من الزمان من تحقيق العديد من الإنجازات والمطالب التي غيرت بشكل جذري من نمط حياة النساء عبر رحلة تقاطعت فيها المطالب الوطنية من أجل التحرر من الاستعمار مع نضالهن من أجل حقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتضافرت مسيرة نضال المرأة المصرية مع مسيرة نضال النساء في كل دول العالم من أجل نيل حقوقهن في التعليم والترشح والانتخابات ومن أجل المساواة بين الرجل والمرأة في قانون العمل ( الأجر المتساوي عن العمل المتساوي) وتوجت نضالاتهم بإصدار الأمم المتحدة للاتفاقية 189 لحماية العاملات في المنازل وسن قوانين تضمن حقوقهن الاجتماعية من معاشات وتأمين صحي.
كما أصدرت الأمم المتحدة الاتفاقية (190) للقضاء علي العنف في عالم العمل وذلك في شهر يونيو 2019 والتي نطالب الدول بالتصديق عليها لسن تشريعات لمواجهة العنف والتحرش الذي يقع علي العمال والعاملات في عالم العمل. وجاء في بنود الاتفاقية أنها تحمي العمال والأشخاص بغض النظر عن وضعهم التعاقدي وفي جميع القطاعات الخاصة والعامة علي السواء في الاقتصاد المنظم وغير المنظم (العمالة غير المنتظمة) وسواء في المناطق الحضرية أو الريفية.
وبجانب جرائم العنف التي ذكرناها ضد المرأة نجد العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات المسلحة وعن هذا الموضوع كشف التقرير السنوي لمجلس الأمن الدولي لضحايا العنف في النزاعات المسلحة عن ارتكاب نحو 3 آلاف حالة من حالات العنف الجنسي المرتبطة بالنزاعات والتي تم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة علي مدار عام واحد. ووصفت المسئولة الأممية العنف الجنسي بأنه جريمة تمزق النسيج الذي يربط المجتمعات معا, تاركا التماسك الاجتماعي وشبكات الأمان. إنه سلاح بيولوجي وسلاح نفسي وتعبير عن هيمنة الذكور علي النساء, وجماعة علي أخري, العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات جريمة تعيق قضية المساواة بين الجنسين. إن المزيد من المساواة يعني استقرارا اجتماعيا أكبر. ولننتقل معا السادة القراء والسيدات القارئات إلي شكل آخر من أشكال العنف ضد المرأة وهو العنف الأسري والذي ازداد في الفترة الأخيرة كنتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذت لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
العنف الأسري هو أي سلوك يراد به بث الخوف والرعب والتسبب بالأذي النفسي أو الجسدي أو كل ما يسبب الإهانة للشخص وإيقاعه تحت أثر التهديد. ويعد العنف الأسري واحدا من أكبر انتهاكات حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي أكد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما أكدت عليها المبادئ الدستورية في كل دولة الخاصة بالحقوق والحريات والواجبات العامة والتي تنص علي أن الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها, وأن الحياة الآمنة حق لكل إنسان, وأن المواطنين سواء لدي القانون لا تمييز بينهم وتؤكد علي المساواة بين المرأة والرجل. في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
وينبغي الإشارة إلي أن العنف الأسري والذي يتم ارتكابه بين أفراد الأسرة داخل المنازل موجود منذ الأزل وقبل تفشي فيروس كورونا وله العديد من الأسباب, فالعنف الذي تتعرض له المرأة داخل الأسرة في العديد من المجتمعات يكون لأسباب كثيرة علي رأسها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والفقر تلك الأوضاع إلي تولد شعورا بالتوتر والقلق والعصبية لدي أفراد الأسرة ويكون علي حساب المرأة. وعلي مستوي العالم أدت السياسات الاقتصادية النيو ليبرالية التي سادت العالم منذ ما يقارب 4 عقود إلي زيادة الفجوة الطبقية بين القلة المحتكرة لرأس المال والسلطة والهيمنة وبين بقية فئات المجتمع فازدادت تلك الفئات فقرا ومعاناة ووقع ذلك علي المرأة بشكل أكبر من الرجل نتيجة لعدة أسباب منها التمييز ضد المرأة في العمل والأجور فأجر المرأة دائما أقل من أجر الرجل عن نفس العمل بجانب أن نسبة البطالة بين النساء أضعاف نسبة البطالة بين الرجال وفي أوقات الأزمات يتم تسريح النساء من العمل دون مراعاة أن عددا كبيرا من النساء معيلات لأسرهن.
ومن الأسباب الأساسية لازدياد العنف الأسري في معظم المجتمعات وخاصة المجتمعات العربية سيادة ثقافة مجتمعية متخلفة ثقافة ظلامية ومتشددة وتقوم علي استخدام تفسيرات لنصوص دينية لتبرير العنف ضد المرأة ثقافة تؤسس لاضطهاد المرأة تنشرها وتعمل بها الجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة والتي تعتبر المرأة كائنا تابعا للرجل من أجل المتعة وتعتبرها وعاء للإنجاب عليها طاعة الزوج وتربية الأبناء فقط دون المطالبة بأية حقوق مثل حق العمل والتعليم والميراث.