هذه الستة يبغضها الرب, وسبعة هي مكرهة نفسه: عيون متعالية, لسان كاذب, أيد سافكة دما بريئا, قلب ينشئ أفكارا رديئة, أرجل سريعة الجريان إلي السوء, شاهد زور يفوه بالأكاذيب, وزارع خصومات بين إخوة
(أمثال6:16-19)
أيد سافكة دما بريئا
كل شيء ممكن أن تتخيله لليد دخل في وجوده, فاليد هي التي صنعته, والفنون التي عرفها الإنسان لليد دخل في وجودها.
ولأهمية اليد نسبت لها صفات كثيرة في حياة الإنسان فقالوا:
* الكرم: إن فلانا له أيد بيضاء في مكان ما.
* الأفعال الجبارة: هذا المشروع تم علي يد فلان.
* التديب والتعليم: تعلم فلان علي يد فلان.
* في لغة الكتاب المقدس:
+ في الصلاة: لتستقم صلاتي كالبخور قدامك. ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية (مز141:2).
+ في التشجيع: قوموا الأيادي المسترخية (عب12:12).
+ في الشر: حين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم وإن كثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملآنة دما (إش1:15).
أود أن أتكلم عن الأيدي الملآنة دما ونتساءل:
كيف تسفك اليد الدم البريء؟
1- باستخدام اليد مباشرة بصورة مادية: الضرب- العنف- المشاجرة- العراك.
2- باستخدام اليد مباشرة بصورة رمزية: المهانة- الطرد- الإشارة- السخرية (مثل تفضل للطرد).
3- باستخدام شيء باليد: السلاح- السم- الحرب (أسلحة بيضاء), (القتل).
4- باستخدام اليد في الكتابة القاتلة: الكذب- النشر- الإشاعات- طمس الحقائق- مسك السيرة- تشويه الشخصيات- القتل المعنوي.
5- بمسك اليد عن المساعدة والخدمة وإهمال المرضي والجوعي..
+ أول يد سفكت دما بريئا هي يد قايين, فقد قتل قايين أخاه هابيل, فيقول الكتاب: وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام علي هابيل أخيه وقتله (تك4:8).
+ ولأن خطية القتل خطية عظيمة قال الله له: صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك. متي عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائها وهاربا تكون في الأرض (تك4:10-12).
+ خطية القتل خطية عظيمة بل جريمة أمام الله, لأن القاتل يأخذ حق الله, فالله صاحب الحق, هو الذي خلقه, وهو وحده الذي يحبيه أو يميته.
+ القتل هو نزع حياة كائن, نزع الحياة منه أو فصل روحه عن جسده, وبهذا فإن القاتل أنهي حياة المقتول قبل أن يتوب ولو كان بارا كان أفظع, إذ لا يوجد سبب لقتله, وهذه يبغضها الرب أيد سافكة دما بريئا التي هي موضع تأملنا, لأنها تضم خطية القتل مع خطية الظلم.
من الأمثلة لسفك دم بريء:
1- نابوت اليزرعيلي وأخاب الملك:
لقد اشتهي أخاب الملك حقلا بجوار قصره يمتلكه نابوت اليزرعيلي, فاستدعي نابوت وعرض عليه أن يعطيه كرما آخر أو يعطيه ثمن الكرم فضة, لكن نابوت كان متمسكا بالشريعة وتمسك بميراث آبائه من الأرض, فغضب آخاب ودخل حجرته حزينا.
لكن زوجته الشريرة إيزابل دبرت مؤامرة لتتخلص من نابوت, وتظهر قسوتها بأنها أمرت بقتل ليس نابوت فقط بل وأبناؤه أيضا, حتي لا يكون له وريث فتؤول أملاكه للمملكة, لقد سفك أخاب وإيزابل دما بريئا.
إلا أن الله لم يترك الدم دون نقمة, فأرسل الله إيليا لآخاب ليبلغه عقابه بسبب قتله لنابوت اليزرعيلي قائلا: هل قتلت وورثت أيضا؟ في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضا.. وأبيد نسلك.. إن الكلاب تأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل. من مات لآخاب في المدينة تأكله الكلاب, ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء (1مل21:19-24).
وهذا ما حدث فعلا..
+ قتل آخاب في حربه مع آرام, ولحست الكلاب دمه في نفس مكان موت نابوت.
+ وعندما تملك (ياهو) قتل 70 ابنا لآخاب (أبناء وأحفاد) وقتل إيزابل الشريرة زوجة آخاب, وقتل كل أفراد عائلته الكبيرة والمعاونين له في الحكم وأصدقاءه, وبالفعل تحقق كلام الرب علي لسان إيليا.
إن الرب رتب الطبيعة كلها سواء مادية أو روحية, إن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه, فالجزاء من جنس العمل من قتل يقتل, ولو أرجأ الله الجزاء, فأنه يمهل ولكنه لا يهمل, لأنه لا يوجد إعفاء أبدا.. هذه سياسة الله في الكون.