هذه الستة يبغضها الرب, وسبعة هي مكرهة نفسه: عيون متعالية, لسان كاذب, أيد سافكة دما بريئا, قلب ينشئ أفكارا رديئة, أرجل سريعة الجريان إلي السوء, شاهد زور يفوه بالأكاذيب, وزارع خصومات بين إخوة
(أمثال6:16-19)
قلب ينشئ أفكارا رديئة
فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق, حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما علي الأرض لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله. متي أظهر المسيح حياتنا, فحينئذ تظهرون أنتم أيضا معه في المجد (كو3:1-4).
تأملنا بالعدد السابق في:
أشكال التفكير:
1- الأفكار المتعددة
2- الصور الذهنية
3- المعلومات والذكاء
ثم علاقة القلب بالفكر
ونتأمل بهذا العدد في:
أمثلة لقلوب تنشئ أفكارا ردية:
1- إخوة يوسف:
كانت مشاعر يوسف هي الحب والسؤال عن إخوته, أما إخوته فلما رأوه من بعيد فكروا فيما بينهم كيف يقتلونه ليتخلصوا من أحلامه وبركة الله له فقالوا: هوذا هذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدي الآبار (تك37:19-20), إلا أن رأوبين أنقذه من أيديهم وقال لهم لنطرحه في البئر, ثم أخرجوه وباعوه لقافلة الإسماعيليين التي كانت عابرة عليهم.. كان قلب إخوة يوسف يحمل كراهية وغيرة وحقدا, فأشار هذا الفكر الردئ بقتله.
لأن القلب كالإناء ينضح بما داخله, لو كان صالحا ومحبا سيخرج أفكارا بناءة وحسنة, ولو كان شريرا سيخرج أفكارا هدامة.
2- شاول الملك:
كلما ازداد داود نجاحا, ازداد شاول في غيرته نحو داود وصمم علي قتله, فدارت في عقله فكرة خبيثة جدا للتخلص منه وقتله وهي أن يعرض عليه شرفا عظيما وهو أن يزوجه من ابنته ميرب الكبري في مقابل أن يكون قائدا لجيشه في محاربة الفلسطينيين, وتظل يد شاول نظيفة من دمه, فقال شاول: لا تكن يدي عليه, بل لتكن عليه يد الفلسطينيين (1صم18:17) إلا أن الله أنجح داود في حروبه مع الفلسطينيين.
3- أخيتوفل:
أراد أبشالوم أن يستولي علي الملك من أبيه داود فأرسل إلي أخيتوفل, وكان أخيتوفل في الأصل مشيرا لداود, ولكنه للأسف خان سيده وانضم إلي أبشالوم (2صم15:12) وعندما وصلت الأخبار لداود بما يفعله أبشالوم, هرب من وجه ابنه وأخذ معه زوجاته وترك عشر سراري في بيته للحفاظ علي القصر الملكي إن أمكن.
وعندما دخل أبشالوم أورشليم وقصر والده, اقترح عليه أخيتوفل أن يعاشر السراري العشر حتي يزيد من غضب داود عليه ولا يعطي أي مجال لاحتمال الصلح بين أبشالوم وأبيه.
وقد أشار أخيتوفل بذلك لأنه خاف أن يتصالح داود مع أبشالوم ويصفح عنه ويعود إلي ملكه, وحينئذ ينتقم من أخيتوفل. ثم عاد أخيتوفل ليقدم المشورة الثانية التي بها يقضي علي داود ويقتله, فقال له: جهز جيشا من 12 ألف محارب وفاجئ داود به وهم متعبون من السير الطويل فتقتله هو ومن معه, إلا أن الله أبطل مشورته الثانية فلم يأخذ بها أبشالوم, فذهب أخيتوفل إلي بيته وشنق نفسه لأن مشورته لم يعمل بها (2صم17).
مصادر الأفكار الردية:
1- الإنسان نفسه:
إذا شعر الإنسان بلذة الخطية فإنه ينسي وصايا الله, وتبسط غشاوة علي عقله وقلبه, ولكن إن بدأت حلوة في بدايتها فإن آخرتها مرة.
يقول القديس أغسطينوس: حلاوة الخطية لذيذة إلي حين, ولكن سرعان ما تنقلب إلي مرارة حادة, اسأل نفسك: ماذا ربحت؟ وماذا خسرت؟ قد تربح لذة وقتية (ذهب- فضة- متعة…) لكنك ستخسر صداقة الله.
2- الناس:
هم الأقارب والأصحاب والأصدقاء, وكل ما يحيط بك من بشر.. فإن عاشرت أناسا قديسين, تعلمت منهم حياة الفضيلة, وإن عاشرت أناسا خطاة, قد تضعف وتسير معهم في طريق الرذيلة.
أحد اختبارات الآباء تعلمنا عبارة جميلة جدا تقول: إذا أردت أن تتعلم الصلاة فصادق إنسانا محبا للصلاة, وإذا أردت أن تتعلم الحكمة فصادق إنسانا حكيما.
+ لوط وهو في أرض سدوم وعمورة, يقول عنه بطرس الرسول: إذ كان البار, بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم, يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالأفعال الأثيمة (2بط2:8).
+ والكتاب يقول: لا تضلوا: فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة (1كو15:33).
3- الشيطان:
الشيطان قوي, من قوته أسقط أنبياء ورسلا وأشخاصا حل عليهم روح الرب, مثل داود النبي وشمشون الجبار وشاول الملك, لقد استطاع بقوته أن يضل العالم كله أيام الطوفان ولم ينج منه سوي أسرة نوح.
إن الشيطان يلقي في قلوب البشر الغيرة والحسد وأفكار الشر, وهذا ما فعله مع يهوذا الإسخريوطي.
يقول عنه الكتاب:
فحين كان العشاء, وقد ألقي الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يسلمه (يو13:2) ما قاله بطرس لحنانيا: يا حنانيا, لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب علي الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل (أع5:3). احترس أيها الحبيب لئلا يملأ الشيطان قلبك!
4- الإعلام: مثل:
(‘Social Media’…. -Cellphone- Twitter- Facebook- Chat- Net- Tv.) وما تبثه القنوات التليفزيونية علي شاشتها ليلا ونهارا, وما يقدمه النت من إباحية وانحلال, كل ذلك يغذي القلب بأفكار ردية.