هذه الستة يبغضها الرب, وسبعة هي مكرهة نفسه: عيون متعالية, لسان كاذب, أيد سافكة دما بريئا, قلب ينشئ أفكارا رديئة, أرجل سريعة الجريان إلي السوء, شاهد زور يفوه بالأكاذيب, وزارع خصومات بين إخوة
(أمثال6:16-19)
أيد سافكة دما بريئا
كم هي عديدة الأعمال التي تقوم بها اليد البشرية, من جذب ورفع وتحريك في كل الاتجاهات بالإضافة إلي القيام بأصعب الأعمال وأدقها كالالتقاط والقبض والاحتواء والتفريغ والملامسة والعجن والتشكيل والتدوير والمد والترقيق والجمع والتفريق.
والكتابة هي من أدق الأعمال التي تقوم بها اليد البشرية وتنفرد بها عن سائر الكائنات الحية.
وباللمس تستطيع اليد أن تحل محل العين وأحيانا محل اللسان, وبصمات اليد هي التي تميز.
من الأمثلة لسفك دم بريئ
تأملنا في أمثال:
1- نابوت اليزرعيلي وآخاب الملك.
2- داود النبي وأوريا الحثي.
3- السيد المسيح.
ونتأمل هذا العدد في:
صور أخري من القتل:
القتل لا ينحصر في القتل المادي فقط, بأن يمسك الإنسان سكينا ويقتل الآخر.. فهناك صور أخري تشرح الآية بطريقة رمزية:
1- الإنسان يستخدم يده مباشرة بصورة مادية, بمعني أن شخصا يضرب آخر, أو نوع من العنف والمشاجرة, وهذا يوصل بهذه الصورة كأنها أيد سافكة دما بريئا فيها شكل من أشكال الاعتداء, ويكون الأمر أكثر صعوبة عندما يكون الطرفان مقربين لبعض (أب يضرب ابنه- أخ يضرب أخاه) لذلك فإن الضرب به نوع من المهانة أو نوع من تقليل القيمة أو عدم احترام للشخص.
لذلك احترس ألا تستخدم يدك في ذلك لكي لا تكون يدك سافكة دما بريئا, فالضرب ليس وسيلة للتربية, وليس وسيلة للتقويم, وهنا نستخدم اليد بطريقة مباشرة لتكون اليد سافكة دما بريئا تعتدي علي شخص بريء, فلا يشترط أن ينسكب الدم أمامنا, لكن الدم الداخلي يتعب ويحرق ويذل. قد تتعب شخصا وتثيره أو تسمعه كلمة جارحة, فربما يمرض ويلازم الفراش ويموت.
إن من الآلام التي تعرض لها السيد المسيح الآلام النفسية التي لاقاها قبل الصليب فيقول: نفسي حزينة جدا حتي الموت (مت26:38).
2- استخدام الأيدي بالإشارة, فهذه الصورة تسبب للإنسان نوعا من المذلة والمهانة والشر والسخرية, فهناك حركات كثيرة لليد متعبة للآخر, وكأنها يد تسفك دما بريئا. الغضب يلد اقتل, فقد يتمني شخص موت إنسان, أو يحرض أناسا آخرين ليقتلوه, ولذلك قال السيد المسيح: قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل, ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب علي أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم (مت5:21-22).
ويقول القديس يوحنا: كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس (1يو3:15).
3- ممكن الإنسان يستخدم يده في الكتابة القاتلة, فمثلا ممكن شخص يكتب مقالة في جريدة أو مجلة أو علي النت, لكن هذه الكتابة كاذبة, وكأن يده صارت سافكة دما بريئا.
ممكن ينشر إشاعات أو أكاذيب, ويشوه الواقع أو الشخص, لذلك يقولون: إن الكلمة أحد من الرصاص, وأحيانا يقولون: قلم أحد من السيف.
احذر أيها الإنسان لئلا تكون كتابتك كتابة قاتلة, وكأن يدك صارت سافكة دما بريئا.
يمكن أن نسمي هذه الكتابات كتابات مسمومة, أو كتابات قاتلة, كتابات تسفك دم الآخرين.
أحيانا في بعض تواريخ الدول يمسحون شخصيات من التاريخ, حيث يبدأ يسير حول الشخصية كثير من الغبار حتي ينسي الناس كل شيء يتعلق به, حيث يكون التاريخ مكروها من المجتمع.
عمليات التشهير, وإضاعة سمعة الإنسان بعد أن كان موضع احترام, عملية قتل فظيعة, لدرجة أن بعض الناس يقول كنت أتمني لو فلان قتلني بسكين ولم يقل في ذلك, والآن أصبح إطلاق الإشاعات أمرا سهلا للنيل من شخصية ما, سواء في الجرائد ووسائل الإعلام والنت.
احذر لأن كل كلمة تكتبها أو تقولها سوف تسجل في حسابك, وسوف تكون النتيجة أنك تدان عليها, وتكون قد كسرت وصية لا تقتل وتكون يدك سافكة دما بريئا.
4- أيضا اليد التي تمتنع عن تقديم يد المساعدة لمن يحتاج مثل الجوعي والمرضي حتي يموتوا دون تقديم غذاء وعلاج لهم لإنقاذ حياتهم, فهو بذلك لا يقدم يد المساعدة ولا يصنع بها خيرا فمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل, فذلك خطية له (يع4:17).
إن الإنسان (فكر- قلب- يد) والثلاث كلمات تبدأ بحرف H (Head- Hart- Hand), وهذه الصور الثلاث في الإنسان تعمل مع بعضها البعض.
الراهب في الحياة الديرية يقضي وقتا للصلاة (قلب), ووقتا يقضيه في القراءة (فكر), ووقتا يقضيه في العمل (يد), فاليد لها عمل ولها دور وتواجد في حياة الإنسان.