أصابني الحزن العميق إثر حادث تفجيرات بيروت فما كان لهذا الشعب المحب للحياة أن يتعرض لهذا الحادث الأليم الذي زلزل كيانه وكيان محبيه وكان لي بعض الملاحظات خلال متابعتي الإعلامية لتداعياته..
أولا-ليلة الحادث وبعد أن تناقلت جميع وكالات الأنباء خبر التفجيرات لماذا لم يغير الإعلام المصري خطة برامجه ويقوم بتغطية حية للحدث في حينه بل استمرت برامج التوك شو في عرض فقراتها دون تغطية إخبارية حية من قلب الحدث؟ وكان هذا أمرا غاية في الغرابة بالنسبة لي وبالنسبة لأي مشاهد.. فلماذا كان الإعلام المصري بمعزل عن تغطية الحدث في حينه بهذا الشكل؟ سؤال يطرح نفسه لعله يجد إجابة مقنعة.
ثانيا- ما لمسته في هذا الشعب الذي لم يظل كثيرا متأثرا بهول الصدمة متوقفا عند آلامه وحزنه الشديد علي ما فقده إثر هذه التفجيرات البشعة المدمرة إلا أنه في غضون ساعات استطاع أن يلملم آلامه وجراحه ويتمالك نفسه ويقف صامدا أمام كل هذا الحطام لنجده في الشوارع يقوم بتنظيفها من آثار الركام في ظل غياب الحماية المدنية, وجدناه أمام كاميرات العالم متماسكا صامدا.. ثم ينزل لساحة الشهداء ويعلق المشانق ليقول للعالم: أن وقت الحساب لكل الفاسدين الذين أطاحو ببلادنا.. وجدنا فيه شعبا رافضا للتشرذم.. للطائفية.. للأحزاب الطامعة في السلطة.. رافضا للميليشيات.. رافضا لنظام يحكم بيروت من خارجها فلا يكتوي بنار ما حل بها من فساد وإهمال طال كل شيء, نظام أصبح بمعزل عن الشعب الذي يحكمه.. رأينا شعب لبنان يعود للشارع مرة أخري ليصرخ في وجه السلطة الحاكمة صرخة شعب تقول للعالم أجمع: أنا شعب أستحق حياة أفضل.. ووطن يستحق الأفضل.
ثالثا- لفت نظري وأبكاني كثيرا فيديو تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا لإحدي المواطنات اللاتي تضرر منزلها كثيرا إثر التفجيرات حيث تظهر في الفيديو وسط كل ما حل بمنزلها من تكسير وإتلاف تتحرك نحو البيانو وعيناها تملؤهما الدموع وتعزف نغمات حزينة تعبر عما تشعر به من مشاعر حزن وحسرة علي ما أصاب وطنها الصغير منزلها ووطنها الكبير بيروت..
رابعا-كانت زيارة ماكرون لبيروت عقب الحادث مباشرة زيارة لافتة لأنظار العالم أجمع خاصة في ظل استقبال شعب بيروت له بالأحضان ونداءات بعودة الانتداب الفرنسي للبنان حتي أن الشعب كان يناديه أنقذنا ياماكرون.. فهل كانت ردة الفعل نتاج صدمة التفجيرات فقط.. أم أن شعب لبنان لم يجد خلاصه بالفعل إلا في عودة الاحتلال الفرنسي؟.هل لم يقدر لهذا الشعب أن يخرج من أبنائه من يستطيع أن يقود لبنان لبر الأمان وأن يقرر مصيره بنفسه دون تدخلات خارجية؟وهل كانت زيارة ماكرون زيارة خالصة لمساندة بيروت عن حق فحسب أم أن للعبة السياسية وجوها كثيرة؟..
العديد من التساؤلات يطرحها هذا الملف وتفجرها هذه الزيارة لكنها ستجد إجابات في الأيام القادمة.
خامسا- فنانو لبنان وهم يمثلون نسبة لا يستهان بها من فناني العرب ومنهم نجوم يذاع صيتهم ليس داخل الوطن العربي فحسب وإنما حول العالم أجمع.. نعم.. خرجوا وعقبوا وأدانوا المهملين والفاسدين المتسببين فيما حل ببلادهم.. ولكن هل يكتفون بهذا فقط.. مجرد الشجب والإدانة؟. أري أنه لابد أن يكون لهم دور فعال أكثر من هذا فهم القوي الناعمة للبنان وهم أكثر من يستطيع أن يعبر عن آلام وطنهم, فيجب أن يتكاتفوا لمساندة بلادهم بشكل أكثر فاعلية لمساندة مطالب الشعب لمساندة صرخة بيروت في وجه الظلم والفساد.