أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن ما يعرف بقبر النبي هارون بمنطقة سانت كاترين فهو قبر رمزي “مشهد رؤية” ولم يدفن به نبي الله هارون وأن نبي الله هارون توفى بسيناء في فترة التيه أربعون عامًا ولم يعرف له قبر ونبي الله موسى وقف على أعتاب الأرض المقدسة ولم يدخلها ومات بسيناء ولم يعرف له قبر.
وكان ذلك في فترة تيه بني إسرائيل متخبطين بين شعاب وأودية سيناء لمدة أربعون عامًا؛ لرفضهم دخول الأرض المقدسة كما أمرهم الله سبحانه.
ويشير الدكتور ريحان، إلى أن ما يقال على تبة هارون من أقاويل شعبية أنها التبة الذي كان يعبد عليها العجل وتم تدمير العجل في الجبل المقابل وهو منظر العجل المنحوت الشهير ليس له دليل ديني أو أثري أو تاريخي، لأن الحقائق الدينية تشير إلى أن عبادة العجل الذهبي كانت قرب بحر وليست منطقة جبلية، حيث قام نبي الله موسى بحرق هذا العجل عند عودته بعد التغيب أربعون يومًا لتلقى ألواح الشريعة ” التوراة” ونسفه في اليم أي البحر كما جاء في سورة طه }وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا{ وهذا العجل صنعه السامري وهو صائغ ماهر من بني إسرائيل قام بتحويل الذهب الذي استعرنه نساء بني إسرائيل من السيدات المصريات، ثم أخذنه معهن عند خروجهن من مصر.
وينوه الدكتور ريحان، إلى أن جبال سيناء شكلتها عوامل التعرية فصنعت بها منحوتات تفوق أعمال أعظم النحاتين وخصوصًا بمنطقة سانت كاترين والوادي الممتد من النقب إلى طابا (طريق النقب – طابا) وبه مجموعة منحوتات رائعة تمثل لوحات فنية يزيد من جمالها ورهبتها ضيق الوادي وكثرة منحنياته واتساعه عند بدايته ونهايته مما يترك فرصة كبرى للخيال الخصب، لذلك خيل للبعض أن المنظر المقابل لما يعرف بمقام النبي هارون هو العجل الذهبي وقيل أيضًا أن هذا الشكل ربما يمثّل القالب الذي صب عليه السامري العجل الذهبي الذي عبده بنو إسرائيل فوق التل المقابل لهذا النحت الذي عرف بمقام النبي هارون، وذلك أثناء تغيب نبي الله موسى عنهم أربعون يومًا ولكنها أقاويل دون سند.
ويرد على ذلك الدكتور ريحان، بأن عبادة العجل خارج نطاق هذه المنطقة تمامًا وإنما عبادة العجل كانت بموقع طور سيناء الحالية قرب وادي حبران وهو الوادي الجميل الذي يتميز بوفرة العيون الطبيعية والأعشاب الطبية وقد عبره نبي الله موسى وحيدًا إلى موقع جبل موسى الحالي بالوادي المقدس استجابة لأمر ربه لتلقى ألواح الشريعة اليهودية ويبعد جبل موسى عن هذه المنطقة حوالي 35كم مما جعل بنو إسرائيل يعتقدون بفقدان نبي الله موسى وعدم عودته خاصة أنه أبلغهم أنه سيغيب ثلاثون يومًا فقط، كما أمره ربه ولكن زادت المدة إلى أربعين يومًا بعد مغادرة نبي الله موسى لبنى إسرائيل طبقًا لنص القرآن الكريم في سورة الأعراف آية 142
}وَوَٰعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَٰهَا بِعَشْرٍۢ فَتَمَّ مِيقَٰتُ رَبِّهِۦٓ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ{
ويوضح الدكتور ريحان، أن موقع جبل موسى يتفق مع خط سير الرحلة وهو المحطة الرابعة التي تشمل جبل الشريعة وشجرة العليقة المقدسة الذي ناجى عندها نبي الله موسى ربه، وهي المنطقة الوحيدة بسيناء التي تحوي عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م وجبل سانت كاترين 2642م فوق مستوى سطح البحر وغيرها ونظرّا لارتفاع هذه المنطقة فحين طلب بنو إسرائيل من نبي الله موسى طعام آخر بعد أن رزقهم الله بأفضل الطعام وهو المن والسلوى كان النص القرآني }في سورة البقرة آية 61 }اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ{ والهبوط يعنى النزول من مكان مرتفع ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة أيضًا فقد كانت شديدة البرودة لذلك ذهب نبي الله موسى طلبًا للنار ليستدفئ به أهله في رحلته الأولى لسيناء في سورة القصص آية 29
}فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{
كما أن بهذه المنطقة شجرة من نبات العليق لم يوجد في أي مكان آخر بسيناء وهو لا يزدهر ولا يعطي ثمار وفشلت محاولات إنباته في أي مكان بالعالم، مما يؤكد أنها الشجرة التي ناجي عندها نبى الله موسى ربه وهي شجرة العليقة المقدسة.