– صناعة مراكز البيانات تجذب استثمارات عالمية بفضل كابلات الإنترنت البحرية
-توطيد تعامل الشركات والمنشآت والتكنولوجيا المالية مع ” الكتلة الأوروبية ”
صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية على القانون رقم 151 لسنة 2020 لحماية البيانات الشخصية ، بعد موافقة البرلمان عليه بأغلبية الثلثين كونه أحد مشروعات القوانين المكملة للدستور ، وتم نشره بالجريدة الرسمية، حيث يتواكب القانون المصرى مع المعيار العالمي الخاص بحماية البيانات الشخصية والمتمثل فى اللائحة العامة لحماية البيانات الشخصية (GDPR) الذى بات أحد أهم القواعد الذهبية عالمياً لحماية بيانات الأشخاص و خصوصيتهم ، ويضمن حماية الاستثمارات الوطنية لاسيمًا المتعاملة مع الاتحاد الأوروبي ، كما يأتى القانون كانطلاقة تشريعية لتأمين البيانات الشخصية للمواطنين، خاصة مع خلو التشريعات القائمة من إطار قانونى ينظم حماية البيانات الشخصية المعالجة إلكترونياً أثناء جمعها أو تخزينها أو معالجتها .. ويكشف القانون عن حق الأشخاص في حماية بياناتهم الشخصية ، وتجريم جمع البيانات الشخصية بطرق غير مشروعة أو بدون موافقة أصحابها، وتجريم معالجتها بطرق تدليسية أو غير مطابقة للأغراض المُصرح بها من قبل صاحب البيانات وتنظيم نقل ومعالجة البيانات عبر الحدود بما يعود بالنفع على المواطنين وعلى الاقتصاد القومي ويسهم في حماية الاستثمارات والأعمال، وذلك من خلال قواعد ومعايير واشتراطات يضعها، ويباشر الإشراف عليها المركز المنشأ لهذا الغرض.
وبموجب قانون حماية البيانات الشخصية يتم إنشاء “مركز لحماية البيانات الشخصية ” ورئيس تنفيذى له يتم تعيينه بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة .. ويكون مسئولا أمام مجلس الإدارة عن سير أعمال المركز فنيًا وإداريًا وماليًا، ويمثله فى صلاته بالغير وأمام القضاء.
ونص القانون على اختصاصات رئيس “المركز” و تشمل الإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، وإدارة المركز والإشراف على سير العمل به، وتصريف شئونه، وعرض تقارير دورية على مجلس الإدارة عن نشاط المركز وسير العمل به وما تم إنجازه وفقا للأهداف والخطط والبرامج الموضوعة، وتحديد معوقات الأداء، والحلول المقترحة لتفاديها ، ويكون مجلس إدارة المركز هو السلطة المهيمنة على شئونه “المركز” ويختص بإقرار السياسات والخطط الإستراتيجية والبرامج اللازمة لحماية البيانات الشخصية ، واعتماد اللوائح والضوابط الخاصة بحماية البيانات الشخصية ، وتفعيل خطط واتفاقيات وبروتوكولات التعاون الدولي المختلفة وتبادل الخبرات مع المنظمات الدولية ، والموافقة على إنشاء مكاتب أو فروع للمركز على مستوي الجمهورية ، فضلاً عن قبول المنح والتبرعات والهبات اللازمة لتحقيق أغراضها بعد الحصول على الموافقات المتطلبة قانونا.
-تداول آمن بالفضاء الإلكتروني:
من جانبه قال الدكتور عمرو طلعت وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن إصدار قانون حماية البيانات الشخصية يُدعم جهود وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحثيثة لحماية البيانات الشخصية لمواطنى الدولة المصرية والمقيمين بها؛ كما يُعد خطوة هامة لتوطين صناعة مراكز البيانات فى مصر وخلق بيئة آمنة لتداول المعلومات بالفضاء الالكتروني.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت قائلاً : إن صناعة مراكز البيانات تعد إحدى الصناعات الواعدة التى تسُاهم فى نمو الاقتصاد بشكل كبير من خلال إجتذاب الاستثمارات العالمية فى هذا المجال، مؤكدًا على أن موقع مصر المتميز على خريطة الكابلات البحرية العالمية يُساهم بشكل كبير فى خلق فرص واعدة لكثير من الشركات المصرية والعالمية لتكوين نواة حقيقة لتوطين تلك الصناعة فى مصر، علاوة على توافر الطاقة الكهربائية التى تعد عنصرًا أساسيًا لإقامة صناعة مراكز البيانات؛ , وأضاف وزير الإتصالات أنه أصبح لدى مصر وفرة كبيرة في إنتاج الطاقة الكهربائية، كما أنه طبقاً لما هو محدد فى استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة، وضعت الحكومة المصرية أهدافاً لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة لتبلغ 20% من مزيج الطاقة الكهربائية بحلول 2022، و42% بحلول 2035.
-ليس فقط حماية الاقتصاد القومى:
وقال شريف سامى رئيس الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية إن إصدار مصر قانون حماية البيانات الشخصية من شانه أن يُطمئن المستثمرين لدى مصر بوجود تشريعاً وعقوبات تحمى البيانات الشخصية ضد سوء إستغلالها ، وقال : دعنا نتذكر أن كثيرين كانون يُعانون من سوء إستخدام الهاتف المحمول خاصة الرسائل التسويقية وفى مواعيد غير مناسبة ، والشق الثانى وهو أننا جزء من منظومة عالمية ونسعى للنمو الاقتصادى سواء الرقمى أو الاقتصاد ككل ، حيث بدأت بالأمم المتحدة فى الإهتمام بحماية البيانات ، ثم صدر التنظيم الدولى المُحكم عن الإتحاد الأوروبى لحماية البيانات الشخصية الـ ” GDPR ” ونحن نعلم أن الإتحاد الأوروبى هو الشريك التجارى الأول لمصر ، وبالتالى فإن الشركات والمنشآت والاقتصاد الرقمى المصرى والتكنولوجيا المالية تسعى للتعامل مع “الكتلة الأوروبية ” لذلك يجب أن تكون تشريعاتنا فى ومستوى قريب أو مُتماثل ، مثل تشريعات مكافحة غسل الأموال ما فارق التشبيه ، لا نصدرها فقط لحماية الاقتصاد والأمن القومى وإنما لأن العالم كله يتبناها ، وبالتالى لو تم وصفنا بأننا نتساهل مع جرائم غسيل الأموال فيتم وضعنا فى قوائم سوداء بالمؤسسات المالية فى العالم كله ، وبالتالى فالموضوع ليس رفاهية أو تحقيقاً للمصالح الداخلية فقط ، وإنما لأننا جرء من المنظومة الدولية ويتم تقييم الدول على مدى الإلتزام بها ، ومع الوقت سنجد إننا لا يُمكن التخلف عن الحد الأدنى لقواعد حماية البيانات لأنه وثيق الصله بالسياحة والسائحين والاستثمار الأجنبي والتصدير .
وأوضح رئيس الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية أنه بالنسبة لصناعة تكنولوجيا المعلومات ومنها قطاعاً هاماً وهو التكنولوجيا المالية وكذلك مراكز الإتصالات ” الكول سنير” كجزء من صناعة “التعهيد” ، فيجب أن توفر الحماية الكاملة لبيانات العملاء عند بيع الخدمات مثلاً لشركة طيران فى ألمانيا أو بنك فى إنجلترا أو شركة تأمين فى فرنسا ، وعليه أن يتأكد من أنك تحمى بيانات عملاءه ، وباتت حماية البيانات الشخصية فى مقدمة إهتمامات كل من يتعامل مع مراكز البيانات والإتصالات أو غيرها من مراكز التعهيد ، وكذلك بيانات السائحين ومن يقومون بحجوزات فندقية ” أون لاين” ، ومن يقومون بتحويل الأموال إليكترونياً .. منوهاً أن قانون حماية البيانات الشخصية يتكامل مع حزمة أخرى من القوانين مثل “الجرائم الإلكترونية ” للقضاء على التلاعب أو سرقة البيانات أو محاولات الإختراق ، مشيراً إلى أن خلاصة القانون هو العمل على وضع قواعد لحماية البيانات الشخصية وعدم إستخدامها فى غير الغرض الذى أعطيت من أجله دون موافقة صاحبها ، ذكر شريف سامى أن تعريف ما هي البيانات الشخصية تطور كثيراً ، فبعد أن كانت مجرد الإسم والصورة وعنوان البريد الإلكتروني ورقم الهاتف وعنوان محل الإقامة، أمتد ليشمل عنوان المستخدم على شبكة المعلومات الدولية (IP)، ومعرّفات الأجهزة المحمولة، والبيانات البيومترية مثل البصمات، وفصيلة الدم، والحمض النووي بل وأبعاد الوجه، إضافة بالطبع لمختلف البيانات الصحية والمالية والتعليمية والمعتقدات الدينية وغيرها التى تختلف إختلافاً كلياً مع والمعلومات والتحليلات الاقتصادية المختلفة .. منوهاً إلى الأهمية القصوة التى باتت تحتلها البيانات الشخصية ومعلومات الخصوصية وسُبل حمايتها على المواقع الإلكترونية وفلترة الرسائل المزعجة والغير مرغوب فيها ، إلتزاماً بقواعد ملفات الـ ” cookies ” المتعلقة بسياسات الخصوصية ، مشيراً إلى أنه بموجب القانون سيتم إنشاء مركز لحماية البيانات الشخصية كما هو مُتبع فى الدول الأوروبية .
مراكز بيانات عالمية
من جانبها أشارت الدكتورة ماريان أمير عازر عضو مجلس النواب والمجلس الاستشاري الدولي للتكنولوجيا بمؤسسة “ايساكا” العالمية إلى أن قانون حماية البيانات الشخصية له عدد من الإنعكاسات الإيجابية اقتصادياً فهو يُساعد على تحقيق تقدم حقيقى فى التحول الرقمى ، ومن خلاله نستطيع جذب الاستثمار الخارجى لمصر ، فيوفر الإطمئنان بالنسبة للمستثمر الأجنبى وحماية لكل ما يمتلكه من بيانات ، كما أننا يجب أن نكون مواكبين للائحة الإتحاد الأوروبية لحماية البيانات الـ “GDPR ” نظراُ لتعامُلنا مع العالم الخارجى من خلال الوسائل الرقمية سواء فى مجال السياحة أو أى تعاملات تجارية ، منوهة أن أى بيانات حتى لو عامة يجب أن تخضع لهذا القانون لأنه يحمى خصوصية المواطن وهو حق مكفول فى الدستور بل وأحد القوانين المُكملة له ، وأوضحت الدكتورة ماريان عازر أن مصر يمُر بها عدد كبير من كوابل الإنترنت البحرية – يصل إلى 18 كابل – وبالتالى فهذا أفضل مكان يُنشئ فيه مراكز بيانات عالمية ، وتصبح مصر بمثابة الـ ” HUB” المركزى للبيانات فى العالم ، والتى يترتب عليها خدمات أخرى كثيرة وإقامة اقتصاد مُتكامل وفرص توظيف غير عادية فقط على مراكز البيانات المدعومة بقانون حماية البيانات الشخصية .
يُذكر أن وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات تعمل على توطين صناعة مراكز البيانات كإحدى توجهات الدولة المصرية لتعزيز تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات والخدمات الرقمية من خلال تحسين بيئة العمل، وتوفير الدعم لعملية صناعة القرار وإيجاد حلول للقضايا التي تهم المجتمع .