تشكل المواد البلاستيكية العمود الفقري فى كل نشاط من نشاطات الاقتصاد ، حيث شهدت الأعوام الأخيرة ارتفاعاً كبيرا في معدلات استخدام البلاستيك الذي ساهم في تحقيق فوائد هائلة، لكنها جاءت مصحوبة بتكاليف في العديد من المجالات ويعد “انتاج وتصنيع البلاستيك” أمر مربح ، حيث خلال الـ 50 سنة الماضية ارتفع إنتاج البلاستيك من 15 مليون طن في 1964، إلى ما يزيد على 311 مليون طن سنوياً حول العالم في الوقت الحالي , إلا أن اقتصاد البلاستيك لا يخلو من الكثير من السلبيات، فبعد الاستخدام، يفقد البلاستيك 95% من قيمته، الأمرالذى يكلف الاقتصاد العالمي ما بين 80 إلى 120 مليار دولار سنوياً, و32% من النفايات البلاستيكية، لا يتم جمعها لتنجم عنها تكاليف اقتصادية باهظة بحسب تقرير البنك الدولى تتمثل اختلال التوزان البيئى، بالمحيطات وانسدادات في البنى التحتية الأمر الذى دفع العالم نحو تبني خيارات أفضل لإدارة النفايات، مثل توسيع قدرات المعالجة في أمريكا الشمالية وأوروبا، وتحفيز المصنّعين على جعل منتجاتهم قابلة لإعادة التدوير بسهولة أكبر, وبحسب الأمم المتحدة، فإنه يتم شراء نحو مليون قنينة مياه بلاستيكية كل دقيقة حول العالم، بينما يصل استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة إلى 5 تريليونات كل عام , حيث حظرت الصين منذ عامان استيراد النفايات في قرار أحدث ارتبكا حول العالم، باعتبارها أكبر مستورد للنفايات الذي ساعدت كوكب الارض لعقود في التخلص من مخلفاته قد أكتفى، بينما يتعين على العالم مواجهة “عصر البلاستيك”.
زيادة نفايات العالم
فى البداية أكد تقريرللبنك الدولي: إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة، ستزيد نفايات العالم 70% بحلول عام 2050 عمّا هي عليه الآن يرى التقرير أنه من المتوقع أن يقفز توليد النفايات السنوية على مستوى العالم من 2.01 مليار طن عام 2016 إلى 3.4 مليار طن خلال السنوات الثلاثين المقبلة، وذلك نتيجة لتوسع المدن السريع وتزايد عدد السكان , وعلى الرغم من أن البلدان المرتفعة الدخل تمثل 16% من سكان العالم، فإنها مجتمعة تولّد أكثر من ثلث (34%) من نفايات العالم, أما منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ فمسؤولة عن توليد ما يقرب من ربع (23%) من جميع النفايات وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يزيد توليد النفايات في أفريقيا أكثر من ثلاثة أضعاف المستويات الحالية، في حين أن جنوب آسيا سيزيد تدفق النفايات لديها أكثر من الضعف , ويمثل البلاستيك مشكلة ضخمة بشكل خاص فإذا لم يتم جمع المواد البلاستيكية وإدارتها بشكل صحيح، فإنها ستلوث وتؤثر على الممرات المائية والنظم البيئية لمئات، إن لم يكن آلاف، السنين في عام 2016، أنتج العالم 242 مليون طن من النفايات البلاستيكية، أو 12% من جميع النفايات الصلبة, ويؤكد تقريرالبنك الدولى بإن 4% فقط من النفايات في الدول النامية يعاد تدويرها , ويشير التقرير إلى أن النظم الجيدة لإدارة النفايات ضرورية لبناء اقتصاد تدوير, مع اعتماد الحكومات الوطنية والمحلية اقتصاد التدوير، ستساعد الطرق المستدامة لإدارة النفايات على تعزيز النمو الاقتصادي الفعال والحد من الأثر البيئي.
ارتباك عالمي
شكك المحلل الاقتصادي آدم مينتر في جدية القرار الصيني، لحظر المخلفات ويقول: في تقرير نشرته وكالة بلومبرج، إنه في الوقت الذي تدرس فيه السلطات الصينية حظر استيراد المخلفات الأجنبية، أصدرت تصاريح لاستيراد ملايين الأطنان من هذه المخلفات , في الوقت نفسه تضغط شركات صناعة الصلب الصينية على الحكومة، من أجل السماح لها باستيراد الخردة من الخارج، في حين يضع المسؤولون خطة للسماح باستيراد أنواع محددة من المخلفات الصلبة باعتبارها مواد خام قيمة , ويرى مينتر أن توقف الصين عن استيراد المخلفات وإعادة تدويرها لن يحسّن فقط من الحد الأدنى لجودة منتجاتها، وإنما سيقدم خدمة للعالم مؤكدا ان تدوير النفايات البلاستيكية مكلف نسبياً , فإن معدل تدوير النفايات البلاستيكية عالمياً قبل تطبيق الحظر الصيني ما يقارب 9 % فقط ، في حين كان يتم حرق 12 %من هذه النفايات ، والتخلص من باقي الكمية في مكبات النفايات في الأماكن المفتوحة والأنهار والمحيطات وكانت الصين وجهة لنحو 95 % من المواد البلاستيكية المعدة للتدوير في الاتحاد الأوروبي، ويقابلها ما نسبته 70 % في الولايات المتحدة، وذلك بفضل الأسعار المواتية لسفن الشحن التي تنقل السلع الاستهلاكية الصينية إلى الخارج، إلى جانب انخفاض تكاليف العمالة،وارتفاع الطلب على المواد المعاد تدويرها، لذلك يتوجب البحث عن أسواق بديلة لنفاياتها.
الاتحاد الأوروبي
يعيد الاتحاد الأوروبي تدوير ربع مخلفات البلاستيك لديه فقط والتي تبلغ 25 مليون طن سنويا بجانب التكلفة الناجمة عن انبعاثات الغازات الدفيئة، بنحو 40 مليار دولار سنوياً، ما يتجاوز أرباح قطاع تغليف البلاستيك بأكمله، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتقدر القوة العاملة في قطاع البلاستيك العالمي، بنحو 1,5 مليون شخص، حققت إيرادات بلغت 340 مليار دولار في 2015وتشيرالتقديرات إلى أن النفايات البحرية تتسبب في خسائر اقتصادية سنويَّة تبلغ 61.7 مليون يورو في أنشطة قطاع الصيد ، كما أن الشواطئ الملوثة لا تجذب السياح، مما يترتب عليه فقدان الوظائف في هذا القطاع وانخفاض الطلب على المأكولات البحرية بسبب القلق من جودة الأسماك , وتسعى استراتيجية البلاستيك الخاصة بالمفوضية الاوروبية ، لجعل جميع العبوات البلاستيكية قابلة لإعادة التدوير بحلول عام 2030، مما سيوفر 200 ألف وظيفة، مع زيادة قدرة إعادة التدوير أربعة أضعاف .
وكشفت المفوضية الأوروبية فى بروكسيلعن استراتيجيتها الرامية إلى الحد من استخدام المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة ، وجعل جميع التعبئة البلاستيكية قابلة للتدوير بحلول عام 2030, أعرب فرانس تيمرمانس، نائب رئيس المفوضية، عن قناعته بأنه من الممكن تغيير عادات الأوروبيين الذين يخلّفون 25 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل سنة,ولا يعاد حتى الان سوى تدوير 30 % من المخلّفات البلاستيكية في أوروبا، ويُحرق ما تبقّى لتوليد الطاقة (39%) و يرمى في المكبّات (31%), وتعهد تيمرمانس بأن تثمر الاستراتيجية التي قدمتها المفوضية عن مشروع نص تشريعي جديد قبل نهاية العام.
وقال: ينبغي تنصّ الاستراتيجية الجديدة على إزالة 700 كيلوجرام من المواد البلاستيكية التي تصبّ كل يوم في البحار والمحيطات، كما تسعى السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لفرض قواعد جديدة على مرافق الاستقبال في الموانئ، عن طريق حظر رمي النفايات من السفن في البحار وتعهدت المفوضية بمنح 100 مليون يورو إضافية للبحث وتعزيز الابتكارات التقنية، والحد بشكل كبير من استخدام الأكياس ذات الاستخدام الواحدة, ويصل عدد الأكياس البلاستيكية المستخدمة في دول الاتحاد إلى مائة مليار قطعة في العام ، وينتهي الحال بثمانية مليارات كيس منها كنفايات في بحار القارة الأوروبية.
الولايات المتحدة
تنتج أمريكا 34.5 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، ويتم إعادة تدوير 9 % من البلاستيك ، وأنجزت الصين وهونج كونج أكثر من نصف المهمة، حيث قامتا بتدوير نحو 1.6 مليون طن من البلاستيك سنويا، في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتسعى شركات تدوير النفايات لإيجاد أسواق بديلة وفي مقاطعات كدوجلاس وأوريجون وهانكوك وفيلادلفيا يتم تقليص برامج إعادة التدوير المحلية, أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 10 ملايين طن من النفايات إلى الصين خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث وجدت أن التخلص من هذه النفايات عبر إرسالها إلى خارج البلاد، أرخص بكثير من كلفة إعادة تديرها.
بريطانيا
جرى حرق أكثر من نصف مليون طن من البلاستيك والنفايات المنزلية الأخرى العام الماضي , كما تخطط بريطانيا لخفض الضرائب على شركات تصنيع العبوات البلاستيكية من المواد المعاد تدويرها بمقدار 30%.
هولندا
افتتاح أول سوبرماركت في العالم دون بلاستيك، ويحمل اسم إيكو بلازا ويعرض 700 منتج من أغذية ومشروبات , منها لحوم وفواكه وخضراوات ومنتجات ألبان وشيكولاتة، من دون استخدام أي مواد بلاستيكية لتغليف وتعبئة هذه المنتجات ويوجد الـ سوبر ماركت في أحد أحياء أمستردام , فضلا عن مساعي هولندا رصف الطرقات باستخدام النفايات البلاستيكية لا تتوقف حيث بدأت شركة “فولكر فيسل” الهولندية مشروع لرصف الطرق باستخدام الزجاج البلاستيك المعاد تدويره والطرق المبتكرة فهي لا تحتاج إلى صيانة أطول من طرق الأسفلت التقليدية ، كما أن لها قدرة أكبر على تحمل درجات الحرارة العالية حتى 80 درجة مئوية , وأوضحت أن العمر الافتراضي لهذه الطرق أطول ووقت إنجازها أقل ووزنها أخف، فضلا عن إمكانية تجهيز أسهل للأنابيب تحت الأرض كما يتم رصف الطرق بهذا الأسلوب في مدينة روتردام وأكدت الشركة، أن تطوير الأرصفة البلاستيكية هو جزء من استراتيجية الشركة الهادفة إلى توفير حلول مبتكرة.
الطريق الممهد بالبلاستيك
وأضاف: إن مشروع الطريق الممهد بالبلاستيك هو مسار للدراجات في مدينة زفولا بهولندا باستخدام نفايات البلاستيك المعاد تدويرها ,ويعد هذا الطريق الأول من نوعه في العالم بهدف إعادة استخدام نفايات البلاستيك، مثل القوارير والأكواب والعبوات، بدلا من حرقها أو إلقائها في مكبات النفايات وتشكل نفايات البلاستيك المعاد تدويرها 70 % من إجمالي المواد , لكن الشركة تخطط لإنشاء طريق ممهد بالكامل من نفايات البلاستيك المعاد تدويرها وتقول الشركة إن النفايات البلاستيكية أكثر متانة من الأسفلت , ويستغرق تمهيد الطريق البلاستيكي وقتا أقل ويتطلب معدات أخف وزنا مقارنة بعمليات تمهيد الطرق الأسفلتية , كما أن الطرق البلاستيكية تساهم في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البيئة أو ما يسمى بالبصمة الكربونية ويبلغ طول الطريق الأول بمدينة زفولا 30 مترا، واستخدمت فيه كميات كبيرة من النفايات البلاستيكية تعادل 218 ألف كوب بلاستيكي و 500 ألف غطاء قارورة بلاستيكية كما تم إنشاء طريق ثاني مصنوع من النفايات البلاستيكية في مقاطعة اوفر ايسل شرقي هولندا.
المغرب
تستخدم شركة زليج إنفنت المملوكة لرائدي الأعمال المغربيان، سيف الدين لعلج وهدى ميروش، حلولًا تقنية خضراء لتحويل النفايات البلاستيكية إلى أحجار رصف بلاط أرضيات مستدامة وصديقة للبيئة كإنتاج أحجار الرصف من البلاستيك , وتستخدم زليج، وهي كلمة تعني الحجر المصقول ، الزجاجات والصناديق البلاستيكية الفارغة وغيرها من المنتجات لإنتاج أحجار رصف صديقة للبيئة , حيث تُصنع هذه الأحجار- التي تُصمم على طراز الفن الإسلامي القديم- من النفايات البلاستيكية بنسبة %80 ومواد صديقة للبيئة بنسبة 20 % , وتستهلك الشركة 400 ألف كيلو جرام من النفايات البلاستيكية شهريًا لإنتاج أحجارها، وتتوقع استخدام المزيد من النفايات البلاستيكية بمجرد وصولها إلى طاقتها الإنتاجية المستهدفة بـ8 آلاف متر مربع شهريًا هذا العام .
الصين …تفتتح مصانع في ساوث كارولينا
أعلنت شركات صينية عن خطط لافتتاح مصانع جديدة لمعالجة النفايات على الأراضي الأمريكية، في ساوث كارولينا ألاباما ,وستقوم هذه الشركات بتدوير أشياء حاويات المواد الغذائية البلاستيكية لتصنيع منتجات مثل النباتات الاصطناعية والأغطية البلاستيكية , فمنذ عام 1988، استوردت الصين نصف كمية النفايات الموجودة على سطح الكوكب، مثل زجاجات الصودا ذات الاستخدام الواحد، وأغلفة الطعام، والأكياس البلاستيكية، وبلغ حجم واردات الصين من النفايات منذ عام 1992 حتى الأن ، نحو 106 ملايين طن، بقيمة تقترب من 58 مليار دولار…. وإن العالم يحتاج إلى التخلص أو إعادة تدوير 111 مليون طن من البلاستيك المستخدم بحلول عام 2030.
الفلبين… مليون زهرة توليب من البلاستيك
وصنعت مدينة في جنوب الفلبين عبوات بلاستيكية ملقاة في القمامة إلى “زهور توليب ملونة”، ملأت بها حديقة اجتذبت السائحين وزادت من الوعي بأهمية إعادة تدوير المخلفات وتحويلها حديقة التوليب، ، لتضم 26877 عبوة بلاستيكية جُمعت من 45 قرية حول مدينة لاميتا في جزيرة باسيلان بالطرف الجنوبي الغربي من الأرخبيل وتمثلت الفكرة في تقطيع العبوات على شكل زهور وتلوينها بالأحمر والأصفر والوردي والأزرق، ومزج بعضها بالرمل والأسمنت لعمل ممرات للمشاة في الحديقة.
نستلة … الانتقال لاقتصاد البلاستيك الدائري
وقّعت “نستله” على “الميثاق الأوروبي للبلاستيك”، الذي يساعدها على تحقيق التزامها بتحويل كامل بنسبة 100% مواد التغليف التي تستخدمها إلى مواد قابلة لإعادة التدوير وإعادة الاستخدام للحد من استخدام البلاستيك الخام بمقدار الثلث بحلول العام 2025 ويهدف “الميثاق الأوروبي للبلاستيك” إلى تسريع وتيرة الانتقال نحو اقتصاد البلاستيك الدائري، عبر الحد من الاعتماد الحصري على البلاستيك الخام، أي البلاستيك المصنوع من الوقود الأحفوري غير المتجدد.