نقرأ في سفر ملاخي:أما لنا كلنا أب واحد؟أما إلة واحد خلقنا؟فلماذا يغدر الواحد بالآخر مدنسا عهد الله مع آبائنا؟(2:10).
نحن نعيش في عالم يغرق في البغض واحتقار الآخر والعنف والقتل,لما كل هذا؟يحك أن أسدا كان يسير في وسط الغابة, وإذ به يري جميع الحيوانات تهرب من أمامه وترتعب منه لأنه ملك الغابة,فزأر بشدة فدوي صوته في أرجاء المكان,بناء علي ذلك خرجت عشرات الأسود والأشبال مسرعة نحوه.
وعندما شاهدوخ واقفا في صمت قال أحدهم:سمعنا زئيرك فأتينا جميعا لنتعاون معك أو نتقذك إن كنت في خطر! فقال الأسد:أشكرك علي الاهتمام,أنا لست في خطر لأنني ملك تخاف مني جميع الحيوانات وتهرب من أمام وجهي لكن دعوتكم للمجيء لأن هناك فكرة خطرت علي بالي أردت أن اقترحها عليكم-ماهي؟ -لماذا لانعيش كسائر البشر؟-ماذا ينقصنا لكي تشتهي أن تكون مثلهم؟من حيث الجسم نحن أقوي, ومن جهة الحرية, نسير وونطلق في الغابات بمنتهي الحرية-ينقصنا أن نتشاجر معا, وينهش بعضنا لحم بعض, فهذه سمة من سمات البشر-كيف يكون هذا ونحن نعمل معا في كل حين…
إن افترسنا حيوانا نتقاسمه جميعا,ونعطي من كبار السن والمرضي والاشبال نصيبها حتي وإن لم تشقي معنا؟-تعالوا نختلف فيما بيننا في الرأي وننقسم إلي فرق مختلفة,يحارب كل منا الآخر ونأكل بعضنا بعضا.
-مستحيل,فإذا أكلنا بعضنا بعضا سنفني,لأن أجسامنا ليست هزيلة كسائر البشر وأنيابنا ليست في ضعف أسنانهم!-لنحاول, ونجرب خبرة البشر-كيف نختلف فيما بيننا ونحن بالفطرة نعمل معا؟ هذه الأمثولة هي جهاز إنذار لنا, لأنه للأسف كثير من البشر وصل بهم الحال إلي مستوي أدني وباقي المخلوقات,لذا يجب أن نتعلم العمل الجماعي والتعاون من الحيوانات المفترسة كالأسود وغيرها,وإن كانت مفترسة بالفطرة,لكنها لا تأكل بعضها البعض بل تعمل معا,لكن الإنسا يختلف ويتحارب مع أقرب الناس إليه.
وكما نعلم من الكتب المقدسة أن أول جريمة قتل وقعت في التاريخ أخ يقتل أخاه وهي أقدم تحية للصداقة أيضا,فقتل قايين أخاه هابيل,ومما لاشك فيه أننا كنا نتوقع ثمرة اللقاء الأول بين الأخوة العناق والقبلات وكل علامات الحب المتبادل,ولكن للأسف كانت جريمة قتل, كنا نتخيل المحبة, لكننا وجدنا العنف مما يؤسفنا أنه لم يكن قتل لعدو,ولكن لأخ.
كم من جرائم قتل تحدث كل لحظة ونقرأ عنها وتكون بسبب أو بدون؟كم من أرواح زهقت دون مبرر أو سبب؟مما لاشك فيه أن منبع الحروب يصدر من حب التملك والاستحواد,حتي أن الإنسان يري الآخر عدوا له, لذا يجب التخلص من وجوده في أسرع وقت!كما أننا نلمس هذا بسبب العقيدة والإيمان عندما يدعي البعض بأنهم هم الوحيدين الذين يمتلكون الحقيقة دون غيرهم,أو أنهم يتبعون الدين الصحيح وليس سواهم, أو أنهم يعتبرون الله ملكا لهم فقط, كل هذه الأمور تقود الإنسان إلي عدم قبول الآخر والشروع في التخلص منه.
وفي هذا الصدد يقول الأديب نجيب محقوظ:إذا فهمت عدوك درجة أحسنت محاربته وإذا فهمته درجتين أحسنت مسالمتهش الله خالق جميع البشر يري كل شئ ويعلم به, ومهما تجاهلنا الله, فهو شاهد علي جميع الأحداث التي نصنعها وسيوجه لكل فرد منا نفس السؤال الذي طرحه علي قايين:أين هابيل أخوك؟ مما لاشك فيه أن قايين قد تاب عن فعلته هذه,فهل سنجد نحن الفرصة لنتوب عما اقترفناه في حق الآخرين من ظلم وعدوان وقتل وتدمير وتخريب؟إن العنف والحرب واحتقار الآخر يهدم اللوحة الفنية الرائعة التي صنعها الله لخليقته والمبنية علي الحب ولا ننسي أن العنف لاتصنعه الأيادي فقط أو نتيجة كلمات جارحة, ولكن هناك عنف لم يولد خارج الإنسان,بينما كامن في الفكر وينمو في داخل الإنسان ويتغذي بالانفعال والحقد والكراهية
إذا نحن بحاجة إلي تطهير دائم للقلب والفكر والذهن والحواس.
ونختم بالكلمات البسيطة الصادرة من القلب,ولكن لها معان جوهرية للبطل الهنديVardhamana مؤسس إحدي الديانات الهندية عام400ق.م:أطلب العفو والغفران عن العنف الذي ارتكبته بفكري,والعنف الذي اقترفته بأقوالي, والعنف الذي قمت به بأعمالي.