“الإيكونوميست”: عصر النفط قد أنتهى .. وتراجع موارد الدول المنتجة للنصف
توقعات بزيادة الطلب ولكن ليس قبل 2021 مع تعافي الاقتصاد العالمي
ارتفعت أسعار النفط ” بعد تعدد الأنباء الإيجابية وجود تجارب ناجحة على لقاح لفيروس ” كورونا “، لكنها ظلت داخل نطاق تداول ضيق سجلته في الأسابيع الثلاثة الفائتة وسط مخاوف من أن تؤدي إجراءات عزل عام جديدة لخروج تعافي الطلب عن مساره .. وذلك بعد تراجع الطلب على النفط ومشتقاته خلال الأشهر الماضية بسبب إجراءات الإغلاق في مختلف دول العالم واضطرار الناس للبقاء في منازلهم، وتوقف العمل في العديد من المصانع ، لكن بدأت الحياة الاقتصادية تعود من جديد فى عدد من دول العالم ولكن بشكل تدريجى حذر ، لكن السؤال الذى يطرح نفسه بشدة متى تعود مصانع العالم وحركة الطيران إلى كامل طاقتها كما كانت قبل إنتشار جائحة كورونا .. فقد تأثرت أسعار النفط العالمية بسبب تراجع الطلب العالمي والصراع الواضح والمعلن بين منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وروسيا خلافاُ على حجم الإنتاج اليومي ..
ولكن ما يُقلق حقاً ما ذكره تقرير لمجلة “الإيكونوميست” بأن هناك فرصة للتحرك بعيداً عن عصر الطاقة “الهيدروكربونية” ، مؤكدة أن عصر النفط قد أنتهى لدى دول الخليج العربية، وأنها لم تعد قادرة على سد العجز في ميزانياتها بسبب انخفاض أسعار النفط ، مشيرة إلى أن أسعار البترول تراجعت على خلفية إغلاقات الدول الشاملة لمواجهة تفشي فيروس كورونا، متوقعة “تراجع موارد الدول المنتجة للنفط إلى نصف ما حصلت عليه عام 2019” وذكر التقرير أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماشا في اقتصادات تلك الدول بنسبة 7.3 %، حتى بعد تراجع الجائحة ، مشيرة إلى أن السبب هو “التخمة في إمدادات النفط”، والتي ستؤدي لانخفاض أسعار البترول.
من جانبها قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها الشهري إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمستوى قياسي يبلغ سبعة ملايين برميل يومياً في 2021 مع تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا، لكنه سيظل أقل من مستويات 2019 ، ويُعتبر هذا التقرير هو الأول الذي تصدره “أوبك” لتوقعاتها بشأن أسواق النفط في العام المقبل والذي أكدت فيه أن التوقعات تفترض عدم تحقق المزيد من المخاطر في الاتجاه النزولي في 2021 مثل التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة وارتفاع مستويات الدين أو حدوث موجة ثانية من حالات العدوى بكورونا .. وقالت أوبك في تقريرها ”هذا بافتراض احتواء كوفيد-19 خاصة في الاقتصادات الكبيرة ، مما يسمح بتعافي الإستهلاك الخاص للأسر والاستثمار بدعم من إجراءات تحفيز ضخمة اتخذت لمكافحة الجائحة“.
تحالف منتجي النفط
من ناحية أخرى تستعد “أوبك” وحلفائها لتخفيف تخفيضات النفط في ظل بوادر انتعاش بعد قيود فيروس كورونا المستجد ، وقال مسؤولون في المجموعة إن تحالف منتجي النفط بقيادة السعودية يدفع أوبك وحلفائها لزيادة إنتاج النفط ابتداء من أغسطس القادم ، وسط دلائل على عودة الطلب إلى مستوياته الطبيعية بعد عمليات الإغلاق المتعلقة بالفيروس .
هذا وقادت المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، في أبريل الماضي، دفعة أدت إلى خفض مجموعة المنتجين الـ 23 إنتاجها الجماعي بمقدار 9.7 مليون برميل في اليوم، حيث أدى الوباء لانهيار الطلب على النفط ، وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فقد قال المندوبون إن المملكة العربية السعودية ومعظم المشاركين في التحالف يؤيدون الآن تخفيف القيود ، وأوضحت الصحيفة أن التفاؤل النسبي للمنتجين تزامن مع تقرير صدر يوم الجمعة الماضية من وكالة الطاقة الدولية يُظهر مرور أسوأ آثار لفيروس كورونا على الطلب العالمي على النفط .. وعلى الرغم من تخفيضات الإنتاج، فإن مخزونات النفط واصلت الارتفاع في الدول الصناعية في مايو الماضي بمقدار 29.9 مليون برميل لتصل إلى 3.167 مليار برميل أي ما يزيد بنحو 210 ملايين برميل على متوسط خمس سنوات.
تراجع تاريخي
وقال ستيوارت جليكمان خبير النفط في مركز أبحاث “سي إف إر إو”، إن صدمة انخفاض الطلب ضخمة لدرجة أنها تخطت كل التوقعات السابقة ، وبالنسبة لتعاقدات تسليم شهر يونيو الماضى ، فقد وصل سعر البرميل لـ 20 دولارًا فقط ، وتراجع خام برنت القياسي في نفس الفترة بنسبة تقترب من 9 في المئة ليصل إلى 26 دولارا ، وأضاف “جليكمان” : إن التراجع التاريخي في أسعار النفط يُذكر الجميع بالعقبات التي تواجهها شركات النفط العالمية .
وكان أعضاء أوبك وحلفاؤهم كان قد اتفقوا على صفقة تاريخية لتخفيض المنتج اليومي بنحو 10 في المئة ، وهو ما يعد أكبر تخفيض من نوعه ورغم ذلك رأى الخبراء أنه غير كافي لتغيير الوضع الراهن.
ووصف الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو تقليص الإنتاج بالـ “تاريخي”، وبدت الإتفاقية إجراء ملائم لوضع حد لحرب أسعار شعواء بين الرياض وموسكو ، وكانت أسواق النفط قد شهدت غليانًا خلال الأشهر الماضية بعد أن وجهت إجراءات الإغلاق والحد من تسيير الرحلات لمكافحة انتشار كورونا ، ضربة موجعة للطلب على النفط، في حين فاقم الخلاف الروسي السعودي الأزمة ، لكن المحللين لا يرون في إجراءات تقليص الإنتاج حلا للانخفاض المتوقع للطلب الذي قد يتراوح بين 15-30 مليون برميل يوميًا ، حيث شهدت مستودعات النفط حول العالم تخزينًا بوتيرة سريعة.
“أوبك” وتقليص الإنتاج
وقال أندي ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشييتس في هيوستن لوكالة “بلومبيرغ” : إن الاتفاقية لا ترقى لتوقعات السوق، وإن الإجراءات الأصعب ستأتي لاحقا، خاصة وسط شكوك في قدرة أوبك على تقليص إنتاجها بمقدار نحو عشرة ملايين برميل في اليوم.
من ناحية أخرى توقعت الوكالة الدولية للطاقة بأن يتراجع المعدل اليومي للطلب على النفط بنحو ثمانية ملايين برميل في اليوم، وأن الطلب الإجمالي سيكون أقل من ذاك الذي تم تسجيله في 2019 نظرًا لتواصل الضبابية في قطاع الطيران ، ويتساءل البعض بشأن إن كان الطلب سيعود إلى مستويات 2019، إذ يقول “برنارد لوني” الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم (بي بي)، لا أعتقد أننا نعرف كيف ستكون الأمور، لا أعرف بكل تأكيد” ..وكان وباء كوفيد- 19 في ذروة انتشاره حينها وسط تعليق معظم رحلات الطيران في العالم بينما توقفت حركة السير مع إغلاق المتاجر غير الأساسية والمطاعم في حين عمل القسم الأكبر من الموظفين من منازلهم.
ويشير خبراء إلى أن نقطة التحول وذروة النفط لم تصل بعد وقد لا تصل قبل فترة طويلة، إذ يصرح فاتح بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية مؤخرا :”قال كثيرون، بمن في ذلك رؤساء بعض الشركات الكبرى التنفيذيين أنه نظرًا للتغيّرات في نمط الحياة الآن كالعمل عن بعد وغير ذلك، فقد نشهد ذروة الطلب على النفط و(بالتالي) تراجعه” ، وتابع أثناء كشفه عن تقرير صدر عن الوكالة أخيرا”لا أتفق مع ذلك، لن يساعدنا عقد المؤتمرات عن بعد وحده في بلوغ أهدافنا المرتبطة بالطاقة والمناخ، يمكن لذلك ترك أثر ضئيل فقط”.
تعافي الطلب .. والمخزون الأمريكى
بينما اعتبر معز عجمي من شركة الاستشارات وتدقيق الحسابات “إرنست ويونغ” أن فكرة تراجع مفاجئ ونهائي للطلب على النفط هي مجرّد “خيال علمي، متوقعا تعافي الطلب بشكل بطيء إذا تسبب الفيروس بإضعاف الاقتصاد العالمي .. ويرجح أن يتسبب هذا الضعف بإبطاء عملية الإنتقال إلى مصادر الوقود الصديقة للبيئة ، وقال إن “مواجهة الوقود الأحفوري، الذي لا يزال يشكل اليوم نحو 80 في المائة من الاستهلاك العالمي الأساسي، لمنافسة حقيقية (من مصادر أخرى للطاقة) سيستغرق وقتا”.
من ناحية أخرى أغلقت أسعار النفط على ارتفاع طفيف “الثلاثاء”مع قيام أوبك وحلفائها بخفض الإنتاج بأكثر مما هو متفق عليه في يونيو، بالرغم من استمرار القلق بشأن الطلب مع تزايد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في الولايات المتحدة .. وأظهرت بيانات من معهد البترول الأمريكي اليوم الثلاثاء أن مخزونات كل من النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة هبطت بشدة الأسبوع الماضي .. وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد ذكرت مؤخراً أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة هبط الأسبوع الماضي 200 ألف برميل يومياً إلى 11.2 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2018 .
وأخيراً ، فعندما يتوقف المواطنون حول العالم عن القيادة للعمل والمدرسة و باقي الأنشطة ، فلا يحتاجون لشراء البنزين لسياراتهم، وبالتالي لا تستطيع محطة البنزين بيع مخزونها، لذا تتوقف عن شراء البنزين من المصفاة ، وبالتالى تتوقف المصفاة عن شراء النفط الخام من المنتجين، وذلك بغض النظر عن السعر، ولاحقاً يقوم منتجو النفط الخام بوقف خططهم المستقبلية، حيث يقومون بملء صهاريج التخزين بالإنتاج الزائد وإغلاق الإنتاج الحالي في النهاية .