البنك المركزي يُطلق “المختبر التنظيمي” لتطبيقات التكنولوجيا المالية
للبنكنوت فى مصر والعالم تاريخ وحاضر ومستقبل ، حيث ذكر البنك المركزى المصرى أنه مع بداية تداول العملات الذهبية والفضية بمصر وحتى عام 1834 عندما صدر مرسوم ينص على إصدار عملة مصرية تستند إلى الذهب والفضة ، بموجبه أصبح سك النقود في شكل ريالات وفى 1836 تم سك الجنية المصري وطرح للتداول ، ولقد بدأ البنك الأهلى المصري في إصدار أوراق النقد لأول مرة في الثالث من أبريل عام 1899 .. فى القرن 21 بدأ البنكنوت يأخذ شكلاً آخر فى العالم ، حيث بدأ انتشار التعامل بكروت “الفيزا” والتوسع فيه يوماً عن يوم ، وبدأت تعلو الأصوات المُطالبة بضرورة التخلي عن “الكاش” للكثير من الاعتبارات ، ولكن قبل إحداث هذا التحول التام ، بدأت تلوح فى الأفق أنباءاً عن ظهور عملات إلكترونية مشفرة ينتظرها عالم التعامل الإلكترونى مثل “البيتكوين” والإيثريوم” .. ثم الحديث عن الاستعداد لصدور عملة الـ “ليبرا” من قبل ” الفيسبوك ” .. كل هذا التطور جعل البنك المركزى المصرى يقوم بإطلاق خدمات المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية، كبيئة اختبار تسمح لمطوري خدمات التكنولوجيا المالية المبتكرة من اختبار تطبيقات تكنولوجية مالية مبتكرة لا يمكنهم تقديمها حاليًا في السوق المصري إما لوجود معوقات رقابية أو لغياب القواعد الرقابية المنظمة لها.
و يرى البنك المركزى المصرى أن التكنولوجيا المالية المبتكرة أصبحت أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم، لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة والاستفادة منها في توسيع نطاق تقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، وما يترتب على ذلك من تأثير إيجابي على الاقتصاد القومي .. من ناحية أخرى فإن القانون الجديد للبنك المركزى والذى أجازه مجلس النواب مؤخراً يمنح “المركزي” سلطة منح رخص لإنشاء البنوك الرقمية ، وحظر إنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المشفرة أو النقود الرقمية أو تقديم التمويل الرقمي المقترن بتقديم خدمات دفع وتحصيل الكتروني بدون الحصول على تصريح منه ، بهدف إحكام السيطرة على سوق العملات الموازية .
نقود بلاستيكية
وفى مسار أخر لتطور تداول البنكنوت فى مصر ، أعلن البنك المركزي المصري، تدشين دار نقد في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، على أن يتم تجهيزها بأحدث ماكينات إنتاج العملات في العالم، حيث ستشهد الفترة المقبلة البدء في إصدار عملات مصرية “بلاستيكية” لأول مرة من مادة (البوليمر)، وسيبدأ في تطبيق طباعة العملة البلاستيك على فئة الـ10 جنيهات ، مشيراً إلى أن الإتجاه لطرح نقود بلاستيكية يأتي استغلالاً للمزايا العديدة لها، على رأسها القضاء تدريجياً على الاقتصاد الموازي، ومحاربة تزييف العملة، والسيطرة على السوق النقدي، وعلى رغم ارتفاع كُلفة إصدار هذه العملات، إلا أنها تعتبر عملات غير ملوِّثة للبيئة، كما تتمتّع بعمر افتراضي أكبر من الورقية .. وتسعى الحكومة المصرية إلى اللحاق بالتحول الرقمي لتحقيق الشمول المالي، والتحول لمجتمع أقل اعتمادا علي التعاملات النقدية ” الكاش” والتوسع في التعاملات المالية الإلكترونية ، بكل صورها سواء في المصالح والهيئات الحكومية أو بين المؤسسات والأفراد والعملاء والمستهلكين.
عائداً اقتصادياً كبيرًا
ومن ناحية أخرى كشف المهندس أيمن حسين وكيل محافظ البنك المركزي لقطاع نُظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات، عن أهداف المجلس القومي للمدفوعات والبنك المركزي المصري، وخطة التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على تداول النقد، مؤكداً أن الدولة تسعى بشكل مكثف في الوقت الحالي لتنفيذ مشروع متكامل للتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد “الكاش”، مشيراً إلى أن المجلس القومي للمدفوعات بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي يستهدف تجنب مشكلات تداول النقود، وزيادة حجم الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين ، منوهاً أن الاتجاه إلى المعاملات الإلكترونية له عدد من الأهداف، منها تقلل من تكاليف سحب الأوراق النقدية التالفة من الأسواق وطباعة أوراق نقدية جديدة، مشيرًا إلى أن هناك عائداً اقتصادياً كبيرًا وراء التحول لمجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
ولفت المهندس أيمن حسين إلى دراسة صادرة عن وكالة “موديز” العالمية للتصنيف الائتماني، كشفت أن كل 10% ارتفاعًا في المدفوعات الإلكترونية يُساهم في زيادة قدرها 1.5 مليار دولار في الناتج المجلي الإجمالي سنويًا، بالإضافة لخلق 200 ألف فرصة عمل جديدة، وهو ما يشير إلى المكسب الحقيقي وراء التحول لمجتمع لا يعتمد على الكاش في تعاملاته ، حيث توفير فرص عمل وزيادة حجم الاقتصاد وتحسين جودة الحياة للمواطنين وتهيئة مناخ وبيئة العمل والاستثمار بشكل أفضل ، موضحا أن بطاقة “ميزة” سيكون لها دور كبير في تحقيق الشمول المالي ، موضحاً أن المجلس القومي للمدفوعات يعمل في إطار متكامل قاعدته الأساسية هي البنية التحتية للأسواق المالية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك بالفعل نظم دفع وتسوية غاية في القوة، وهي نظام التسوية اللحظية ، الذي يُجري عمليات التسوية والمقاصة للمدفوعات كبيرة القيمة بين البنوك، لافتًا إلى أن كل أنظمة المقاصة الأخرى تقوم بالتسوية في هذا النظام،
التجارة الإلكترونية
ونشر مجلس الوزراء الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية في إطار التحول إلى المجتمع الرقمي, من أهمها تخصيص 7.8 مليار جنيه في موازنة 2020 مشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمي للدولة المصرية، وإجراء إصلاحات هيكلية تضمنت (إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، وإنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني، وإنشاء المجلس الأعلى للتحول الرقمي)، فضلاً عن إطلاق مصر الإستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ” الأونكتاد”, وذلك في إطار تشجيع التجارة الإلكترونية، وكذلك تدشين مشروع البنية المعلوماتية المصرية لربط أكثر من 70 قاعدة بيانات حكومية ببعضها، وكذلك مشروع ميكنة آليات التحصيل الضريبي بالتعاون مع وزارة المالية، يأتي أيضاً ضمن الخطوات التي قامت بها مصر في إطار التحول للاقتصاد الرقمي.
من جهة أخرى أصدرت وزارة المالية قرار بوقف تحصيل رسوم الخدمات الحكومية بالشكل النقدي ، ثم أصدر قرار بربط مقر مقدمي السلع والخدمات للمستهلك النهائي بمصلحة الضرائب، عبر ماكينات للتحصيل الإلكتروني، فضلاً عن إطلاق خدمة الإقرارات المميكنة، وإلزام الأشخاص الإعتبارية بها مطلع أكتوبرالماضي، تمهيداً لتعميمها على جميع الممولين وتطبيق نظام الرقم الضريبي الموحد ، وبدأ تحصيل الرسوم الضريبية والجمركية من خلال الوسائل الإلكترونية للمبالغ، التي تزيد على 5 آلاف جنيه ، كما تم الإنتهاء من إنشاء قواعد البيانات المالية للجهات الحكومية المختلفة، التي تمكّن المواطنين من الدفع مباشرة من خلال حساباتهم المصرفية للخدمات العامة ، وكلها خطوات متتالية للحد من إنتشار التعامل اليوم بـ “الكاش ” .
إحلال المعاملات الإلكترونية
من جانبه قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي لـ “وطني” إن الحكومة المصرية بكل أجهزتها وجميع الوزارات تعمل على تحقيق رؤية مصر والتحول لمجتمع غير نقدي يهتم بالمعاملات الإلكترونية المصرفية، وهذا سينعكس على حجم الاقتصاد وهو ما يجعل هناك عبء على عاتق مسؤولي وزارة المالية، والتى تعمل على أهم التحديات القائمة، وتركيزها على الإصلاحات التي من شأنها تطوير هيكل الاقتصاد وزيادة معدلات الإنتاجية والتنافسية خصوصًا في قطاعات الصناعة والتصدير، إضافة إلى السعي نحو خلق بنية تحتية متطورة للتحول لمجتمع مميكن، والعمل على إيجاد شبكة من البرامج المصرفية
ويرى ” الشافعى” أن جزءاً كبيراً من الترويج للاستثمار هو سهولة إنهاء الإجراءات واختصار الوقت فى عمليات منح التراخيص وتصاريح العمل، وسهولة تحويل الأموال وذلك عبر تقليل التعامل بالكاش والتحول لمجتمع يعتمد على تعاملات بشكل مصرفي إليكتروني، وذلك لأن تقديم خدمات مميكنة وإلكترونية للمستثمر واختصار الوقت عليه يعد ذلك الدعاية الأهم للاستثمار فى مصر ، وكذلك التعامل فى الملف الضريبي والذي كان يشهد تعقيدات كثيرة لغياب الميكنة ، و أضاف :يجب التوسع فى عملية تعميم الميكنة فى التعاملات البنكية للمواطنين أو تطبيق ما يعرف بالشمول المالى، لأن ذلك يعتبر باب لضم الاقتصاد غير الرسمى بل يعد وسيلة لمعرفة حجم السيولة الموجودة فى السوق، لأن المسؤولين عن الإدارة المالية والمصرفية فى مصر ليس لديهم معلومة دقيقة عن حجم السيولة الموجودة فى الأسواق، لأنها غالًبا موجودة فى إطار غير مؤسسى أو بمعنى أدق خارج المصارف الرسمية ، ومن ثم لا يوجد حصر دقيق لها، وهو ما يحقق مستهدفات مصر للتحول إلى اقتصاد رسمى يُدعم المؤسسية.
يذكر أن البنك المركزى الإنجليزى ضخ 275 مليون جنيه إسترلينى من فئة الـ10 جنيهات البلاستيك، فى 2017، حيث يحتوى وجه الورقة على صورة الأديبة الإنجليزية “جين أوستن”، بمناسبة مرور 200 عام على رحيلها، و تعتبر الورقة النقدية من فئة 10 جنيهات إسترلينى هى الأقدم على الإطلاق فى التداول، ويتم تغذية ماكينات الكاش بها بصورة كبيرة .. وتتميز فئة الـ10 جنيهات الجديدة، بالمرونة والقوة، والسمك الأقل، والتى تتيح عمرًا افتراضيًا أطول يصل لنحو 5 أضعاف عمر الفئة الورقية المصنوعة من القطن، إلى جانب أنها مقاومة للماء ، بالإضافة إلى صعوبة التزييف والتزوير .