“بيت المساجيرى”الذي صور به فيلم ” ابن حميدو” للفنان “إسماعيل ياسين” يُعتبر علامة فاصلة فى تاريخ محافظة السويس “المحافظة الباسلة” ومن هذا المنطلق كانت الدراسة الأثرية معالم المنزل للباحثة هناء جابر باحثة ماجستير كلية الآثار جامعة جنوب الوادى .
وتشير الباحثة هناء جابر إلى بناء المنزل عام 1862 فى عهد محمد سعيد باشا من خلال الشركة الفرنسيةles messagers maritimes”” وتعنى “البريد السريع” ومن هنا يندرج الإسم ” بيت المساجيرى” وكان الهدف من إنشائه هو أن يكون مقرًا لنقل الرسائل والأفراد والبضاعة من الشرق الأقصى لأوروبا ، وذلك قبل حفر قناة السويس وبعد حفر القناة كانت تدار منه الحركة الملاحية واستمر العمل من خلال المبنى حتى تم إنشاء استراحات جديدة للعاملين بمنطقة بورتوفيق.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن البيت يقع فى شارع النبى موسى أمام “خور” بحر السويس الذي يطل منه على أربعة شوارع رئيسية وهى شارع بورسعيد وشارع المساجيرى وشارع حسين رشدى وشارع البحر، شُيد المبنى على نثق التراث البغدادي ويتكون المبنى من أبواب خشبية ضخمة تؤدى إلى ساحة مربعة الشكل وهى حديقة المبنى تقع على مساحة نصف فدان والتى تتميز بمجموعة من الأشجار النادرة الواقف فى وسطها يرى النوافذ الخشبية الطويلة التى تتزين بعضها بعلم مصر
ويتابع الدكتور “ريحان” أن البيت يتكون من دورين وكان الدور الأول عبارة عن مخزن لمخلفات السفن والدور الثاني يتكون من غرف ذات مساحة واسعة وكان يوجد بأعلى المبنى الرئيسى عدد اثنين برج خشبي وصارى لا يزال موجود حتى الآن، والذى يحتوى على تليسكوب كبير من خلاله يتم معرفة جنسية السفينة العابرة ، حيث يدق رنين جرس المبنى لتنبيه العاملين لوصول السفينة ويرتفع علم دولة السفينة بأعلى الصارى الموضوع فوق المبنى، ثم يتحرك عمال الشركة فى لنشات وصنادل بحرية لنقل البضائع المُحملة على السفينة ونقلها إلى القاهرة عن طريق السكك الحديدية والتي كانت تتواجد فى ذلك الوقت فى شارع بورسعيد.
ويشير الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى الدور التاريخي للبيت حيث كان مخبأً لأهالى السويس يختبئون فى خندق أسفل المنزل من غارات العدوان الثلاثى، وعلاوة على الأحداث السياسية والتاريخية التي شهدها البيت فقد أيضًا شاهدًا على فيلمين من أهم أفلام السينما المصرية وهما فيلم ” ابن حميدو” للفنان إسماعيل ياسين أبن السويس ، حيث تم تصوير بعض أحداث الفيلم داخل البيت وكان من أشهر تلك المشاهد هو مشهد سكب الماء على الفنان توفيق الدقن” الباز أفندى” من إحدى نوافذ المنزل وكان الفيلم من تأليف عباس كامل وإخراج فطين عبد الوهاب ومن إنتاج عام 1975 والفيلم الثانى هو “حكايات الغريب” الذي يحكي ملحمة وطنية تتضمن أحداث تاريخية ما بين نكسة 67 وعبور 6 أكتوبر 73 , مُتمثلة في المواطن المصري عبد الرحمن الذي يشعر بـ الانهزامية والاستسلام والاكتئاب بعد نكسة 67 ويحتوى العمل على بعض أغانى السمسمية ” غني يا سمسمية , وأنا صاحى يا مصر” من كلمات وألحان الكابتن غزالي رحمة الله عليه “شاعر المقاومة”، الفيلم بطولة محمود الجندى، حسين الإمام، شريف منير، محمد منير، قصة الأديب جمال الغيطاني ، إخراج إنعام محمد على وإنتاج عام 1992.
ويُطالب الدكتور “ريحان” بتسجيل البيت فى عداد الآثار الإسلامية لتتوفر له الحماية من خلال قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، حيث يزيد عمره على المائة عام علاوة على دوره التاريخي والسياسي والفني عبر التاريخ وأن يتم ترميم المنزل وتطويره وفتحه للزيارة ضمن المعالم الأثرية والسياحية الهامة بالسويس.