يثير دهشتي هذه الأيام فرحة الإثيوبيين الغير مبررة والتي أنهالت علينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهات قصيرة يستهزئون بمصر ويتباهون بتحكمهم في المياه، شباب لم يعي الدرس، لم يقرأ التاريخ، لم ينصت لكلمة العقل ولا يعرف ما ينتظره في المستقبل إذا قرر معاداة مصر والتعدي علي حقها في المياه، فمصر خط أحمر وأمنها المائي في أيادي امينة لم ولن تفرط فيه, وعلي العكس تماما أري الشباب المصري علي الرغم من ثقته في قيادة السيسي الحكمية إلا أنه مدرك لحجم المشكلة ولا يستهين بهذه الأزمة، فلقد ورث من أجداده أهمية نهر النيل ووضع في عقلة النقش الفرعوني إذا أنخفض منسوب النهر، فليهرع كل جنود الفرعون ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه.
إذا لم تكن صديقا لمصر فلا تكن عدوا لها، هذه هي نصيحتي لإثيوبيا التي أحبت لعبة المراوغة يوما بعد يوم وعام بعد عام، فمن أكثر من 10 سنوات وعندما كلفت من إدارة تحرير جريدة وطني بمتابعة أخبار وانشطة وزارة الري والموارد المائية وكان سد النهضة الملف الأكبر أهمية علي مكتب كل وزير ترأس حقيبة الري، تابعت كل تفاصيل اجتماعات المفاوضات علي مدار سنوات عديدة والتي كانت مرات من حظ وزراء الري ومرات ومرات من حظ وزراء الخارجية وفي الحالتين لم يكن يجد جديد، تابعت أيضا إنسحاب المكاتب الاستشارية الهولندي، والفرسي لعدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات بحيادية، وكيف تم تكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع.
علي مدار سنوات التفاوض لم تتخذ مصر موقف عدائي نهائيا, علي العكس فلم تبدي غير التفهم لأهمية سد النهضة لإثيوبيا ولكن ليس علي حساب أحقية دول المصب مصر والسودان، لم ترفض مصر بناء السد شكلا ولا موضوعا فقد أعترضت علي عدد سنوات المليء، وعلي الرغم من تصاعد وتيرة الأحداث هذا العام, والعالم كله في حرب مع فيروس لعين يفتك بالبشر دون رحمة، فلم تهديء اثيوبيا ومازالت في تعنت واضح وصريح ضد مصر حتي بعد تصعيد الأزمة دوليا وتدخل الولايات المتحدة والبنك الدولي ومجلس الأمن.
أتمني أن يختلف وضع ومسار أزمة سد النهضة خلال الأيام القادمة بشكل حقيقي وأن تعي اثيوبيا أن مصر لن تتنازل عن حقها في المياه وأن التعاون مع مصر هو الضمان الحقيقي لمستقبل اثيوبيا وليس معاداتها.