إن كنت أما أو أبا, رجلا كبيرا أو شابا, زوجا أو زوجة.. كيفما يكون وضعك ومجتمعك فسفر الأمثال يحكي لك كيف تكون إنسانا.. وكيف تكون ناجحا في حياتك.. وكيف تمارس إنسانيتك بالصورة التي رسمها الله في خلقتك علي الأرض.
لذلك يمكن أن نطلق علي سفر الأمثال دائرة معارف, فهو يعلمنا الحكمة وإحدي مشكلات الإنسان اليوم أنه ناقص في الحكمة, ليس لديه قدر كاف من الحكمة سواء في كلامه أو أفعاله أو ممارساته وأقواله.. سفر الأمثال يعلمك كيف تكون حكيما..
========
اللسان الكاذب
اللسان عضو صغير من أعضاء جسم الإنسان (يع3:5) وهو أيضا وسيلة اتصال بين الإنسان والله فنبارك الله, كما هو أيضا وسيلة بها ننطق بكلمات الشر, به نلعن الناس كما قال يعقوب الرسول: به نبارك الله الآب, وبه نلعن الناس (يع3:9).
تأملنا من قبل في:
الكذب ومؤشراته وأسبابه وأمثلة عديدة لذلك.
وهذا العدد نتأمل في:
نتائج الكذب وطرق العلاج منه.
نتائج الكذب:
1- يفقد الكذاب تقدير واحترام الناس له وثقتهم به وبكلامه, فاكتشاف الكذب يجعل الإنسان في موقف لا يحسد عليه, فعندما جاء عيسو لينال البركة من أبيه قال له إسحق: قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك (تك27:35) وهذا جعل يعقوب في موقف اللوم والمذنب أمام إسحق أبيه.
2- الخصام والقطيعة: خاصة بين المقربين جدا مثل الأبوين, الأبناء, الأشقاء, الأصدقاء المقربين. قد يسبب الكذب والخداع قدرا هائلا من الألم, ويخلق جرحا يصعب شفاؤه. مثلما حدث بين يعقوب وعيسو فحقد عيسو علي يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: قربت أيام مناحة أبي فأقتل يعقوب أخي (تك27:41) واستمرت القطيعة بينهما عشرين سنة. احترس أن تكون الحياة واضحة بدون كذب, فوضوح الحياة بلا كذب فيه نوع من الشجاعة.
3- يطرد خوف الله من قلب الإنسان: يقول الأنبا أنطونيوس: إياك والكذب فهو يطرد خوف الله من الإنسان. هناك إنسان يكون واضحا في معاملاته, واضحا في كل شيء, حتي عندما يخطئ يعترف بخطئه, وهذا الاعتراف هو وسيلة علاج طيبة, لكن الإنسان الذي يخفي أخطاءه بكذبة, وهذه الكذبة تأتي بأخري.. فيصير الإنسان عايش في عدد لا ينتهي من الأكاذيب وتصير حياته بلا طعم وبلا معني, وبالتالي لا يصير في قلبه مخافة الله رأس الحكمة مخافة الرب (مز111:10).
4- يؤدي إلي الهلاك الأبدي:
+ تهلك المتكلمين بالكذب… (مز5:6).
+ وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت, الذي هو الموت الثاني (رؤ21:8).
+ ولن يدخلها -السماء- شيء دنس ولا ما يصنع رجسا وكذبا (رؤ21:27).
علاج الكذب:
1- كن صريحا في حياتك مع الله, اطلب الله في صلواتك أن يعطيك الانتصار علي هذه الخطية, قل له له علمني يارب أن أقول الصدق دائما. السيد المسيح كان دائما في بدء كلامه يقول: الحق الحق أقول لكم…
2- اعترف, وقدم توبة عن كل موقف كذبت فيه, قدم عهدا ووعدا بينك وبين مسيحك أ هذه الخطية تبتعد عنها.
3- اطلب من الله أن يعطيك حكمة, لتتكلم بالصدق متكلا علي الله, فهناك إجابات مفتوحة لا تحمل كذبا.
مثال:
عندما كان البابا أثناسيوس مطاردا من أعدائه, أخذ مركبا وسار في النيل قاصدا الهروب إلي أقصي الصعيد, ولما بلغ الحاكم أمر هروبه أسرع بجنوده وتبعه في مركب آخر أكثر سرعة من مركب القديس, فلما رأي الذين كانوا مع البطريرك أن سفينة الحاكم اقتربت منهم أشاروا عليه أن يخرج البر ويهرب إلي البرية ويختبئ فيها, لكنه لم يرد ذلك بل أمر رئيس المركب بشجاعة وهدوء أن يوجه السفينة نحو أعدائه كأنه منطلق للإسكندرية. فلما رآه أعداؤه نادي الحاكم علي من في المركب, فرد القديس أثناسيوس بنفسه هوذا أثناسيوس قريب منكم فأسرع الحاكم بالسير صاعدا في النيل, أما القديس أثناسيوس فنزل في ممفيس (الجيزة) واستمر بها.
4- احفظ الآيات التي تتكلم عن عقاب الله للكذاب.
5- بالعمق.. فالإنسان الكذاب يعالج الأمور سطحيا, ولكن العمق هو المطلوب, فالدراسة العميقة مطلوبة ولازمة في المواقف.
6- احفظ الآيات التي تتكلم عن الصدق. ضع أمامك ما قاله السيد المسيح في الموعظة علي الجبل: ليكن كلامكم: نعم نعم لا لا. وما زاد علي ذلك فهو من الشرير (مت5:37).
7- لابد أن يعلم الكاذب أن الكذب يجعله غير محبوب وغير موثوق به.
8- لابد أن يعلم الكاذب أن الوصول للهدف يتطلب الجهاد والمثابرة.
9- لابد أن يعلم الكاذب أن الغاية لا تبرر الوسيلة, فإن كانت الغاية مقدسة, فالوسيلة لابد أن تكون مقدسة.
10- لابد أن يعلم الكاذب أن ما يزرعه إياه يحصد, فمن يزرع خداعا سيحصد خداعا وضياعا وهلاكا.
مثال:
إن ما زرعه يعقوب مع أخيه عيسو قد حصده مع خاله, فقد خدعه خاله وأعطاه ليئة بدلا من راحيل بعد خدمة سبع سنين, واستغفله لابان ليخدمه سبع سنين أخري وحاول أن يغير أجرته لكي يضيع عليه حقوقه, لولا أن الله هو الذي دافع عنه, ثم خدعه أولاده حينما أوهموه بأن وحشا افترس يوسف.
الكذب يجعل الإنسان يخسر كل شيء ليكن كلامكم: نعم نعم لا لا. ومازاد علي ذلك فهو من الشرير (مت5:37).